بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل صلواته وأزكى تسليماته على سيد الأولين والآخرين النبي الصادق الأمين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الغر الميامين.
السلام عليكم حضرات المستمعين وأهلاً بكم في حلقة أخرى من سلسلة حلقات برنامج نهج الحياة، حيث نعرض لكم لآيات أخرى من سورة الأنبياء المباركة ونبدأ بالآيتين السابعة والخمسين والثامنة والخمسين، إذ يقول تعالى شأنه:
وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴿٥٧﴾
فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ﴿٥٨﴾
إن سيدنا إبراهيم (ع) هو رائد عقيدة التوحيد والمحارب بكل كيانه لعباده الأصنام، كان إبراهيم سأل قومه لماذا تعبدون الأصنام؟ فردوا لقد وجدنا آباءنا عليها عاكفون ونحن على دين آباءنا وأجدادنا الأولين.
لقد حاول إبراهيم (ع) إقناع قومه بلغة الحوار كي يقلعوا عن عباده الأصنام، بيدأنه لم يجد فيهم أذناً صاغية فقرر أن يثبت لهم عملياً أن الأصنام لا نفع فيها ولا ضرر.
وتحيّن إبراهيم (ع) الفرحة وجاء يوم العيد حيث خرج الناس من المدينة وبقي هو لوحده فيها، فما كان منه إلا أن دخل المعبد وحطم كل ما فيه من الأصنام إلا الصنم الكبير أبقى عليه لحكمة هي أنه أراد أن يفهم قومه أن الصنم الباقي لا يقدر على الإجابة إن سألوه وهكذا يتبخر مفهوم عبادة الأصنام من أذهان الناس.
أما الدروس المأخوذة من النص فهي:
- إن أنبياء الله (ع) مكلفون بالوقوف بوجه الشرك وسلوك سبيل الإستدلال على صحة عقيدة التوحيد بالقول أولاً وإن لم ينفع بالعمل ثانياً.
- إن أمهات الأعمال إذا أريد لها النجاح لابد من التخطيط المسبق قبلها، على هذا النهج سار الأنبياء العظام (ع) متوكلين على الله جل وعلا ومن يتوكل على الله فهو حسبه ونعم الوكيل.
ويقول تعالى في الآيتين التاسعة والخمسين والستين من سورة الأنبياء:
قَالُوا مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٩﴾
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴿٦٠﴾
نعم.. بعد أن انتهت مراسيم العيد وعاد الناس إلى المدينة، دخلوا المعبد فوجدوا كومة من الأصنام المكسرة فيه، وتعالت الأصوات من الذي فعل هكذا بآلهتنا؟ وضج الناس وأعتبروا ما حل بهم ظلماً وقرروا أن يعاقبوا من فعل ذلك لقد علم هؤلاء إن الذي كسر أصنامهم هو إبراهيم (ع) لأنه كان أبدى معارضته لعبادة الأصنام.
والمستفاد من هذا النص هو:
- إن العقيدة المنحرفة تقلب الموازين فتجعل الحق باطلاً والباطل حقاً والعدل ظلماً والظلم عدلاً.
- إن في إمكان شريحة الشباب في أي مجتمع أداء دور فاعل في إرشاد الناس وإفهامهم بأخطاءهم حتى وإن كان اولئك النفر من الناس كباراً في السن.
وآخر آية نأتي على تفسيرها في هذه الحلقة هي الآية الحادية والستين من سورة الأنبياء (ع) وهي قوله تعالى:
قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴿٦١﴾
أمر كبار القوم بإحضار إبراهيم (ع) والشهود الذين شهدوا على معارضته الأصنام، نعم أراد هؤلاء محاكمة إبراهيم ومعاقبته على ما فعل، وتم إحضار إبراهيم في المحكمة بحضور النمرود ملك تلك الديار وكان ملكاً مشركاً وظالماً وأخذ القاضي يسأل إبراهيم (ع) وكان هو يجيب بكل شجاعة ويدافع عن معتقده الحق، أي عقيدة التوحيد الخالص لله تعالى.
حضرات المستمعين الأفاضل سنتابع قصة سيدنا إبراهيم (ع) خليل الرحمن في الحلقة القادمة من هذا البرنامج بإذن الله.
نشكر لكم حسن متابعتكم هذا البرنامج، إلى اللقاء والسلام خير ختام.