البث المباشر

تفسير موجز للآيات 87 الى 89 من سورة هود

الأحد 23 فبراير 2020 - 10:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 360

بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام علكيم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 87 من سورة هود، فلننصت اليها خاشعين:

قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴿٨٧﴾ 

ان نبي الله شعيب دعا قومه الى اتباع الحلال ونبذ الحرام في تعاملاتهم الاقتصادية وان يتجنبوا انقاص الكيل وبخس الناس اشياءهم، ونصحهم، بأن الحلال القليل الذي اقرّه الله لهم افضل من المال الحلال الذي يكسبونه من انقاص الكيل.

ولكن قومه (اهالي مدني) رفضوا سماع نصيحته، بل حتى انهم انتقدوه قائلين له انك رجل عاقل ورشيد ولا نتوقع سماع هذا الكلام العجيب منك، فهل تريد ان تمنعنا من التصرّف باموالنا كما نحب؟ وهل تنهانا عن ان نتبع آباءنا واجدادنا ونفعل كما كانوا يفعلون؟

والمثير للإنتباه هنا هو انهم ينسبون نصائح النبي شعيب لهم الى صلاته فقد قالوا له (أصلاتك تأمرك ان.........) الى آخر الآية الكريمة. وهنا يبدو واضحاً ان الصلاة الحقيقية كما تمنع الانسان من عبادة معبود غير الله فانها تؤثر ايضاً في شكل الحياة اليومية فتنهى الانسان عن الربح غير المشروع والكسب الحرام.

من هذه الآية نفهم:

  • ان الصلاة والدين مظهراً مشتركاً لجميع الاديان السماوية، وان اتباع جميع الاديان يصلون لله بكيفية أو بأخرى.
  • ان اتباع الاجداد في افكارهم وعقائدهم لا يمكن ان يكون دليلاً منطقياً في مقابل ما يدعو اليه الانبياء.
  • ان التملك لا يعني ان نتصرف باموالنا كيفما شئنا، بل يجب ان يكون التصرف بها في اطار القوانين الالهية.

 

والآن اعزائي الكرام لننصت واياكم الى تلاوة الآية 88 من سورة هود:

قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴿٨٨﴾

في هذه الآية يردّ شعيب (ع) على قومه، بانه إن كان يمنعهم عن التصرّف في اموالهم فان الهدف من ذلك هو اصلاح المجتمع وانه لا يمنعهم كي يقوم هو بنفسه بذلك بعيداً عن أعينهم وبيّن لهم ان الله بعثه بالدلائل الواضحات ليمنعهم عن معصيته، وانه يتوكّل على الله في ابلاغ رسالته وفي جميع حركاته وسكناته سواءٌ آمنوا به ام لم يؤمنوا.

من هذه الآية نستنتج:

  • السعادة لا ترجى بكسب المال الحرام، بل اطلبوا الرزق الحسن من طرق الحلال وما اقره الله لكم.
  • هدف الانبياء اصلاح البشر والمجتمع فسعوا الى ذلك ببذل جهودهم والتوكّل على الله.

 

والآن مستمعينا الافاضل لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة الآية 89 من سورة هود:

وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ ۚ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ ﴿٨٩﴾

وعقّب شعيب النبي (ع) على كلامه ونصحه لقومه أنه قد حذرهم من عذاب الله متبعاً سياسة الترغيب والترهيب، ونصحهم ان يطلعوا على الاقوام الذين عاشوا من قبلهم وكيف كان مصيرهم بعد ان عصوا رسلهم، وحثهم على الاعتبار بالسابقين وان يتجنبوا نزول العذاب الالهي عليهم في الدنيا، وحذرهم انهم يجب ان لا يحسبوا أنّ معصيتهم له تنفعهم، بل انها تعني معصيته الله سبحانه وتعالى واظهار العداوة له جل وعلا ما يستتبع عذاباً اليما.

من هذه الآية نستنتج:

  • ان تاريخ البشرية يشبه بعضه بعضا. لذا فان استعراض تاريخ الاقوام السابقين يكون فيه العبرة للاحقين.
  • ان الله لا يعدم الوسيلة للانتقام من اي قوم وبامكانه انزال اي عذاب يشاء عليهم، فقد اغرق قوم نوح، وسلّط العواصف على قوم هود، واهلك قوم صالح بالصيحة وقوم لوط بالخراب والدمار.

 

اعزائي المستمعين الى هنا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. فحتى نلتقيكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة