بسم الله وله المجد والحمد معبود العابدين ومجيب دعوات الداعين، والصلاة والسلام على خير النبيين المصطفى الاحمد وآله الطيبين الطاهرين.
شاءت حكمة الله عزو جل في تدبير شؤون عباده ان يختص تربة المشهد الحسيني بمجموعة من الخصائص اهتم النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) وائمة عترته الطاهرة عليهم السلام بتعريف الناس بها لكي ينتفعوا من البركات التي جعلها الله جل جلاله فيها.
من هنا نرى الاحاديث الشريفة التي روتها المجاميع الحديثية المعتبرة في هذا الباب، وقد نقلنا نماذج منها في الحلقة السابقة، وهي تصرح بأن الله عزوجل قد خص تربة المشهد بأن جعل فيها شفاء للموقنين بقدرته جل وعلا واكرامه لسيد الشهداء (سلام الله عليه)، لاحظوا مثلاً ما رواه السيد ابن طاووس وغيره في كتاب مصباح الزائر مسنداً عن زيد ابن اسامة عن الصادق (عليه السلام) قال: ان الله جعل تربة جدي الحسين شفاء من كل داء وأماناً من كل خوف فاذا تناولها احدكم فليقبلها ويضعها على عينيه وليمرّها على سائر جسده وليقل: «اللهم بحق هذه التربة وبحق من حلّ بها وثوى فيها وبحق ابيه وامه وأخيه والائمة من ولده وبحق الملائكة الحافين به الا جعلتها شفاء من كل داء وبرءاً من كل مرض ونجاة من كل آفة وحرزاً مما اخاف وأحذر».
ثم قال عليه السلام: ثم ليستعملها من دهري الاطول كما قال ووصف ابو عبد الله الصادق )عليه السلام) فما رأيت بحمد الله مكروهاً.
في هذا الحديث وعشرات من نظائره فإن ائمة العترة المحمدية (عليهم السلام) يؤكدون على التوجه الى الله عزوجل عند الاستشفاء بالتربة الحسينية وذلك تأكيداً للتوحيد الخالص في قلوب المؤمنين وتذكيراً بان الله هو الذي امر بالاستشفاء بها وجعل فيها هذه الخصوصية والخصوصيات الاخرى.
وقد عرفتنا الاحاديث الشريفة بأن من خصائص تربة المشهد الحسيني ان الله جلت قدرته جعلها من وسائل الامان من المخاطر التي يحذرها الانسان، وقد نقلنا سابقاً احاديث روتها المصادر المعتبرة بهذا الخصوص، وننقل هنا ما روي في كتاب كامل الزيارات من ان الامام الرضا (عليه السلام) كان اذا ارسل شيئاً لاحد المؤمنين جعل فيه شيئاً من تربة قبر الحسين (عليه السلام) قائلاً: هو أمان بأذن الله.
وروى عن مولانا الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: حنكوا اولادكم بتربة الحسين عليه السلام فانه امان.
وقد روي في احاديث كثيرة استحباب تحنيك الاولاد بعيد ولادتهم بالترية الحسينية.
كما روي ان من خصائص تربة المشهد الحسيني استحباب حملها طلباً للبركة من الله جل جلاله، وكذلك استحباب جعلها مع حنوط المتوفى ووضعها في قبره في مقابل وجهه.
ومن الخصائص الاخرى التي خص الله عزوجل تربة المشهد الحسيني كما أخبرنا أئمة العترة المحمدية استحباب التسبيح بسبحة مأخوذة منها، فمثلاً روي عن مولانا الصادق (عليه السلام) قال: ان فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدة تكبيرات وكانت عليها السلام تديرها بيدها تكبر ونسبح حتى قتل حمزو بن عبد المطلب فاستعملت تربته وعملت التسابيح واتخذها الناس فلما قتل الحسين صلوات الله عليه عُدل بالامر عليه فاستعملوا [للتسبيح] تربته لما فيها من الفضل والمزية.
وورد في روايات اخرى ان الامام زين العابدين (عليه السلام) قد اتخذ سبحة من تربة ابيه الحسين عليه السلام بعد استشهاده وحملها معه الى الشام، كما ان الامام الصادق (عليه السلام) كان يسبح بسبحة من التربة الحسينية فسئل عن ذلك فقال: انها اعود عليّ [اي اكثر بركة].