سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات وأهلاً بكم في لقاء اليوم في هذه الروضة المعطاء بثمار التخلق بأخلاق سيدي شباب أهل الجنة – عليهما السلام -.
الصدق في التعامل مع الله ومع خلقه عزوجل هو محور الروايتين اللتين إخترناهما لهذا اللقاء.. فكونوا معنا مشكورين.
الرواية الأولى نقرأها لكم مستمعينا الأفاضل، من تأريخ إبن عساكر الدمشقي أحد أعلام محدثي أهل السنة، وفيها درس بليغ في أحد المصاديق العملية لصدق الإيمان بالله عزوجل وهو حسن الظن بما يختاره الله عزوجل لعبده، فقد روى الحافظ الدمشقي في كتابه الشهير (تأريخ دمشق) بسنده عن محمد بن يزيد المبرد، قال: قيل للحسين بن علي (عليه السلام): إن أباذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة.. فقال: رحم الله أباذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالى له، وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء.
أيها الإخوة والأخوات، ومن السيرة الحسينية نقرأ لكم رواية من مصادر أهل السنة أيضاً تبين عميق صدق سيد الشهداء – عليه السلام – في التورع عن خداع الآخرين واهتمامه بجعلهم على بصيرة مما هم مقدمون عليه وإن سبب له ذلك فقدان الأنصار، فقد روى الطبري في تأريخه مسنداً عن بكر بن مصعب المزني، قال: كان الحسين – عليه السلام – لا يمر بأهل ماء إلا اتبعوا حتى إذا انتهى إلى زبالة [إحدى منازل الطريق من مكة إلى الكوفة] سقط إليه خبر مقتل أخيه من الرضاعة عبدالله بن بقطر.. فأخرج للناس كتاباً فقرأ عليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد؛ فقد أتانا خبر فضيع! قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبدالله بن بقطر، وقد خذلتنا شيعتنا، فمن أحب منكم الإنصراف فلينصرف، ليس عليه منا ذمام.
قال الراوي: فتفرق الناس عنه تفرقاً، فأخذوا يميناً وشمالاً، حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة.. وإنما فعل ذلك لأنه ظن إنما تبعه الأعراب، لأنهم ظنوا أنه يأتي بلداً قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون علام يقدمون؟ وقد علم أنهم إذا بين لهم لم يصحبه إلا من يريد مواساته والموت معه.
نشكر لكم أيها الأكارم كرم الإصغاء للروايتين اللتين قرأناهما لكم من سيرة سيد شباب أهل الجنة من لقائنا بكم اليوم في روضة (من أخلاق السبطين).. تقبل الله أعمالكم ودمتم بأطيب الأوقات.