السلام عليكم مستمعينا الأطائب وطابت أوقاتكم بكل رحمة وبركة وأهلاً بكم في هذه الروضة اليانعة بثمار الأخلاق الطيبة.. وقد أعددنا لكم في هذا اللقاء رواية واحدة يعرفنا فيها الحسنان – عليهما السلام – بمعاني أزكى الأخلاق، في حكم موجزة أمر والدهما الوصي المرتضى – صلوات الله عليه – المؤمنين بتعلمها وتعليمها لأنها تزيد في (العقل والحزم والرأي) كما جاء في نص هذه الرواية القيمة، تابعونا على بركة الله.
أيها الأفاضل، الرواية المشار إليها رواها الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب (معاني الأخبار) بسنده عن المقدام بن شريج بن هانئ عن أبيه شريج، قال: سأل أميرالمؤمنين – عليه السلام – إبنه الحسن بن علي فقال: يا بني ما العقل؟ قال: حفظ قلبك ما استودعته.. قال: فما الحزم؟ قال: أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك.. قال: فما المجد؟ قال: حمل المغارم – أي تعويض الآخرين ما يخسرونه أو قضاء ما يعجزون عن قضائه من ديونهم – وابتناء المكارم.. قال: فما السماحة؟ قال: إجابة السائل وبذل النائل.. قال: فما الشح؟ قال: أن ترى القليل سرفا وما أنفقت تلفا.. قال: فما الرقة؟ قال: طلب اليسير ومنع الحقير.. قال: فما الكلفة؟ قال: التمسك بمن لا يؤمك – أي لا يثق بك – والنظر فيما لا يعنيك.. قال: فما الجهل؟ قال: سرعة الوثوب على الفرصة قبل الإستمكان منها والإمتناع عن الجواب، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً.
أيها الإخوة والأخوات، وبعد إجابة الإمام الحسن المجتبى عن أسئلة والده باب مدينة العلوم النبوية جاءت أجوبة الإمام الحسين وبيانه لمصاديق أخرى لأزكى الأخلاق قال الراوي متابعاً نقل روايته:
ثم أقبل أميرالمؤمنين – صلوات الله عليه – على الحسين إبنه – عليه السلام – فقال له: يا بني ما السؤدد؟ قال: إصطناع العشيرة واحتمال الجريرة.. قال: فما الغنا؟ قال: قلة أمانيك والرضا بما يكفيك.. قال: فما الفقر؟ قال: الطمع وشدة القنوط.. قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وإسلامه عرسه – يعني إهتمامه بمصلحته وإهماله عياله - .. قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرك ونفعك.. ثم التفت أميرالمؤمنين – عليه السلام – إلى الحارث الهمداني فقال: يا حارث علموا هذه الحكم أولادكم فإنها زيادة في العقل والحزم والرأي.
جعلنا الله وإياكم من العاملين بوصية مولانا أميرالمؤمنين – صلوات الله عليه – في الأخذ بهذ الحكم الحسنية والحسينية وتعليمها بأقوالنا وأفعالنا.. اللهم آمين.
وشكراً لكم مستمعينا الأطائب على طيب صحبتكم لنا في جولة اليوم في روضة (من أخلاق السبطين) دمتم بكل خير.