السلام عليكم أيها الأطياب ورحمة الله وبركاته... أهلاً بكم في لقائنا المتجدد في هذه الروضة الطيبة من سيرة حبيبي الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – مناري الهداية العلوية – عليهما السلام -.
أيها الأكارم، إخترنا لكم في هذا اللقاء رواية مؤثرة من السيرة الحسينية تنير لنا أحد سبل العمل بواجب (مودة قربى) الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله – والذي أمرنا به الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد؛ فهذه المحبة تترسخ في قلب كل من يتأمل في أخلاق سيدي شباب أهل الجنة، تابعونا مشكورين.
أيها الإخوة والأخوات، الحادثة التالية ترجع إلى عهد إمامة سيد الشهداء – عليه السلام – إذ عرفه الناس بأنه أكرم أهل زمانه وأفضلهم، مثلما كان أخوه الحسن المجتبى – عليه السلام – أكرم أهل زمانه وأفضلهم في عهد إمامته، فقد روى كثير من الحفاظ من الفريقين أنه قدم أعرابي المدينة المنورة، فسأل عن أكرم الناس بها، فدل على الحسين – عليه السلام – فدخل المسجد فوجده مصلياً، فوقف بإزائه وأنشأ:
لم يخب الآن من رجاك ومن
حرك من دون بابك الحلقة
أنت جواد وأنت معتمد
أبوك قد كان قاتل الفسقة
لو لا الذي كان من اوائلكم
كانت علينا الجحيم منطبقة
قال الراوي: فسلم الحسين – عليه السلام – أي ختم صلاته – وقال: يا قنبر! هل بقي شيء من مال الحجاز؟
قال: نعم، أربعة آلاف دينار.
فقال – عليه السلام - : هاتها قد جاء من هو أحق بها منا، ثم نزع برديه ولف الدنانير فيهما وأخرج يده من شق الباب حياء من الأعرابي وأنشأ:
خذها فإني إليك معتذر
واعلم بأني عليك ذو شفقه
لو كان في سيرنا الغداة عصا
أمست سمانا عليك مندفقه
لكن ريب الزمان ذو غير
والكف مني قليلة النفقه
قال الراوي: فأخذها الأعرابي وبكى، فقال الحسين – عليه السلام – له: لعلك استقللت ما أعطيناك؟
قال: لا.. ولكن كيف يأكل التراب جودك؟
وإلى هنا ينتهي أيها الأحبة لقاء آخر من لقائاتنا في روضة (من أخلاق السبطين) لكم منا دوماً أطيب التحيات مقرونة بخالص التحيات ودمتم بألف خير.