السلام عليكم أيها الأطائب وأهلاً بكم مع روايات الأخلاق المحمدية الغراء التي تجلت في سيدي شباب أهل الجنة – عليهما السلام – نجتني من قطوفها الدانية روايتين، تشتملان على جذبات بليغة نحو خلق الرأفة بعباد الله وحب الخير لهم، تابعونا على بركة الله.
في مقدمته العقائدية القيمة لرسالته الفقهية (منهاج الصالحين) نقل المرجع الديني الورع آية الله الشيخ وحيد الخراساني روايات عن شدة تعبد الإمام الحسن المجتبى – عليه السلام – لله عزوجل، ثم قال حفظه الله: هذه معاملته مع الله، وأما معاملته مع خلقه فقد كان ماراً في بعض حيطان المدينة، فرأى غلاماً بيده رغيف يأكل ويطعم الكلب لقمة، إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن (عليه السلام): ما حملك على أن شاطرته ولم تغابنه فيه بشيء؟ فقال: استحت عيناي من عينيه أن أغابنه. فقال له: غلام من أنت؟ فقال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط [أي البستان الذي يعمل]؟ قال: لأبان بن عثمان. فقال له الحسن (عليه السلام): أقسمت عليك، لا برحت حتى أعود عليك، فمر واشترى الغلام والحائط وجاء إلى الغلام، فقال: يا غلام قد اشتريتك.. فقام قائماً، فقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي، قال: وقد اشتريت الحائط وأنت حر لوجه الله، والحائط هبة مني إليك، فقال الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له أي أنه تصدق بالبستان في سبيل الله عزوجل إقتداءً بالسبط المحمدي الأكبر عليه السلام.
ومن هذه الرواية الجميلة في الرأفة الحسنية وتكريم أصحاب الرأفة بخلق الله، ننقلكم إلى فاكهة طيبة من الخلق الحسيني في حب الخير للناس والدعاء لهم، فقد روى الحافظ إبن عساكر في موسوعة تأريخ دمشق بسنده عن إبن عون قال: لما خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكة، مر بإبن مطيع وهو يحفر بئره فقال له: أين؟ فداك أبي وأمي.. قال: أردت مكة – قال: وذكر له أنه كتب إليه شيعته بها – فقال له إبن مطيع أن بئري هذه قد رشحتها وما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة! قال عليه السلام: هات من مائها.. فأتى من مائها الذي رشح سابقاً في الدلو، فشرب منه ثم تمضمض ثم رده في البئر فأعذب البئر.
وإلى هنا ننهي أيها الأكارم هذه الدقائق التي قضيناها معاً في روضة (من أخلاق السبطين) ولكم منا دوماً خالص الدعوات بكل خير وبركة.