بسم الله وله جميل الحمد والثناء على تنوير قلوبنا بمحبة أحب خلقه إليه المصطفى الأمين وآله الطيبين. السلام عليكم إخوتنا المستمعين، إن مما يميز الفتوة الحيدرية شدة تعبيرها عن قيم العدالة الإلهية والرحمة الربانية فهي فتوة إحياء للخير والحق وإزهاق للشر والباطل، وهي فتوة نقية من جميع أشكال الأهواء والمطامح الشخصية، إنها فتوة الإخلاص الكامل الشامل لله عزوجل ولذلك فقد مدحها الله جل جلاله في كثير من آيات كتابه المجيد. هذه الحقيقة هي محور الأبيات التي إخترناها لهذا اللقاء من بديعة الأدب الولائي القصيدة الأزرية التي أنشأها في مدح النبي المصطفى والوصي المرتضى عليهما وآلهما السلام، الأديب المبدع الشيخ كاظم الأزري البغدادي التميمي، المتوفى سنة ۱۲۱۱ للهجرة رضوان الله عليه.
قال الشيخ الأزري:
لست أنسى للدهر رمد أماق
ما جلا غير ذي الفقار جلاها
كم عتاة أذلها بعد عز
وعفاة بعد العفا أغناها
عزمات مؤيدات بروح
لا ترى الخلق ذرة من هباها
رايد لايرود إلا العوالي
طاب من زهرة القنا مجتناها
جاء بالسيف هاديا للبرايا
حيث لم يثنها الهدى فثناها
وله من أشعة الفضل شمس
ودت الشمس أن تكون سماها
أعد الفكر في معانيه تنظر
كيف يحيي الأجسام بعد فناها
ذاك من جنة المعالي كطوبى
كل شيء تظله أفياها
ذاك ذو الطلعة التي تتجلى
خفرات الجمال دون اجتلاها
اي وعينيه لا أكاليل فضل
لملوك الملوك إلا احتذاها
لذ إلى جودة تجد كيف يهدي
حلل المكرمات من صنعاها
كم له من روائح وغواد
مدد الفيض كان من مبداها
كم له شمس حكمة تتمنى
غرة الشمس أن تكون سماها
لم تزل عنده مفاتيح كشف
قد أماطت عن الغيوب غطاها
ومن المهتدي بيوم "حنين"
حين غاوي الفرار قد أغواها
حيث بعض الرجال تهرب من بيض
المواضي والبعض من قتلاها
أعجب القوم كثرة العد منها
ثم ولت والرعب حشو حشاها
وقفوا وقفة الذليل وفروا
من أسود الشرى فرار مهاها
وعلي يلقي الألوف بقلب
صور الله فيه شكل فناها
إنما تفضل النفوس بجد
وعلى قدره مقام علاها
لودعت كفه بغير حراب
أجل الخلق لاستجاب دعاها
وهو للدائرات دائرة السعد
إلا ساء حظ من ناواها
همم لا ترى بها فلك الأفلاك
إلا كحبة في فلاها
وأياديه لم تقس بالأيادي
أين ماء العيون من أصداها
صادق الفعل والمقالة يحوي
غرة، مثل حسنه حسناها
باسط عن يد الاله يمينا
يرسل الرزق للعباد عطاها
قابض عن جلاله بجلاد
لو بدت صورة الردى أرداها
قد أعاد الهدى وغير عجيب
أن يعيد الأشياء من أبداها
لم تفه ملة من الشرك إلا
فض بالصارم الإلهي فاها
وطواها طي السجل همام
نشر الحرب علمه وطواها
كم عرا مشكل فحل عراه
ليس للمشكلات إلا فتاها
ويرجع الشيخ كاظم الأزري الى القرآن الكريم مشيراً بلغة الأديب المبدع الى بعض المدائح الإلهية للوصي المرتضى عليه السلام، داعياً أيضاً الى التفكر فيها وفيما ورد على لسان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في حديثه عن سيد الوصيين، قال رحمه الله:
هل أتت (هل أتى) بمدح سواه
لا ومولى بذكره حلاها
فتأمل (بعمّ) تنبئك عنه
نبأ كل فرقة أعياها
وبمعنى (أحب خلقك) فانظر
تجد الشمس قد أزاحت دجاها
واسأل الأعصر القديمة عنه
كيف كانت يداه روح غذاها
وهو علامة الملائك فاسأل
روح جبريل عنه كيف هداها
بل هو الروح لم يزل مستمدا
كل دهر حياته من قواها
أي نفس لا تهتدي بهداه
وهو من كل صورة مقلتاها
وتفكر (بأنت مني) تجدها
حكمة تورث الرقود انتباها
أوما كان بعد (موسى) أخوه
خير أصحابه وأكرم جاها
ليس تخلو إلا النبوة منه
ولهذا خير الورى استثناها
وهو في آية (التباهل) نفس
المصطفى ليس غيره إياها
ثم سل (إنما وليكم الله)
تر الاعتبار في معناها
آية خصت الولاية لله
وللطهر حيدر بعد طه
والى هنا ينتهي إخوتنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار)، خصصناه لبعض أبيات القصيدة الأزرية رحمه الله منشأها الشيخ كاظم البغدادي الأزري. تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم بكل خير.