سلام من الله عليكم أيها الأكارم ورحمة منه وبركات، طابت أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم ومرحباً في لقاء اليوم من هذا البرنامج الذي نسعى فيه معاً لمعرفة الوسائل التي أتاحها لعباده لكي ينالوا كرامة الكينونة من أهل بيت الشرف المحمدي – صلوات الله عليه أجمعين -.
مستمعينا الأطائب، أهل هذا البيت الكريم هم أهل من وصفه الله تبارك وتعالى بأنه صاحب الخلق العظيم المحمود في كل أخلاقه – صلى الله عليه وآله -؛ ولذلك تجلت فيه وفي أهل بيته أسمى الأخلاق النبيلة وبأكمل صورها وأقر بذلك جميع من عرفهم، القريب والبعيد والعدو والصديق، بل إنهم عليهم أفضل الصلاة والسلام الدعاة الى الله عزوجل، بكرم أخلاقهم التي مثلت أصدق تجليات التخلق بأخلاق الله جل جلاله، فعرف الناس من كرمهم عظمة كرم الله ومن رأفتهم سعة رحمة الله ومن حلمهم طيب حلم الله، وهكذا الحال مع سائر مصاديق الخلق العظيم.
من هنا كان التخلق بتلكم الأخلاق السامية من أهم وسائل الفوز بشرف صدق الإنتماء لأهل بيت أفضل الخلائق الحبيب الهادي المختار – صلى الله عليه وآله الأطهار – وقد هدتنا لهذه الوسيلة الكريمة كثير من النصوص الشريفة التي حفلت بها مصادرنا الحديثية نستضيء ببعض نماذجها في هذا اللقاء، فتابعونا على بركة الله.
نبدأ – أيها الأعزة – بالحديث النبوي التالي الذي رواه الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب الخصال بسنده عن سيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام – عن أخيه وسيده النبي المصطفى – صلى الله عليه وآله – قال: ثلاث من لم تكن فيه فليس مني ولا من الله عزوجل، قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: حلم يرد به جهل الجاهل، وحسن خلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه عن معاصي الله عزوجل.
أيها الأفاضل، وقد دعا أميرالمؤمنين علي المرتضى – عليه السلام – المسلمين مراراً الى الإقتداء بأخلاق النبوة المحمدية لحفظ الإنتماء الى أهل هذا البيت المبارك.
فمثلاً نسمعه يقول في إحدى خطبه بعد مبايعته بالخلافة وعند وصوله الكوفة، كما في تفسير فرات الكوفي بسنده المتصل قال: خطب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – على منبر الكوفة وكان فيما قال: والله إني لديان الناس يوم الدين، وقسيم بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر ولقد أعطيت الذي لم يسبقني إليها أحد، علمت فصل الخطاب وبصرت سبيل الكتاب، وعلمت علم المنايا والبلايا والقضايا، وبي كمال الدين، وأنا النعمة التي أنعمها الله على خلقه، كل ذلك مما من الله من به علي فنحن أهل بيت عصمنا الله من أن نكون فتانين أو كذابين أو ساحرين، فمن كان فيه شيء من هذه الخصال فليس منا ولا نحن منه، إنا أهل بيت طهرنا الله من كل رجس، نحن الصادقون إذا نطقنا والعالمون إذا سئلنا، أعطانا الله عشر خصال لم يكن لأحد قبلنا ولا يكون لأحد بعدنا: العلم والحلم واللب والنبوة والشجاعة والسخاوة والصبر والصدق والعفاف والطهارة، فنحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والمثل الأعلى والحجة العظمى والعروة الوثقى والحق الذي أقر الله، فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون؟
أيها الإخوة والأخوات، وبهذه الأخلاق المحمدية الزكية وبالإنتماء لأهل البيت الذين تجلت فيهم إفتخر الملائكة العظام، نقرأ في كتاب التفسير المنسوب للإمام العسكري – عليه السلام – ما روي عن الإمام موسى الكاظم – عليه السلام – قوله من حديث ذكر فيه مدح رسول الله – صلى الله عليه وآله – لسلمان المحمدي – رضوان الله عليه – وجاء في جانب منه:
"وقال فيه: سلمان منا أهل البيت، فقرنه بجبرئيل الذي قال له يوم العباء لما قال لرسول الله: وأنا منكم، فقال – صلى الله عليه وآله -: وأنت منا، فارتقى جبرئيل الى الملكوت الأعلى يفتخر ويقول: من مثلي... وأنا من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله".
وأخيراً نقرأ أيها الأحبة ما رواه الشيخ الجليل محمد بن همام الإسكافي في كتاب (التمحيص) عن مولانا الصادق وهو يدعو للتحلي بمكارم الأخلاق وسيلة لنيل هذا الشرف الكريم، شرف الإنتماء الى البيت المحمدي، حيث قال – عليه السلام – بكل رأفة ولطف: "إنا لنحب من كان عاقلاً فهما فقيها حليما مداريا صبورا صدوقا وفيا، إن الله خص الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كان فيه فليحمد الله على ذلك ومن لم يكن فيه فليفزع الى الله، وليسأله إياه. قال الراوي: قلت: جعلت فداك ما هي؟ قال: الورع والقناعة والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة وصدق الحديث والبر وأداء الأمانة".
وها نحن نصل مستمعينا الأطائب بلطف الله ورحمته الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (منا أهل البيت) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم على طيب الإستماع ودمتم في أمان الله.