نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "بئست القلادة: قلادة الآثام ".
دلالة الحديث
النص المتقدم يجسد صورة استعارية أو رمزية حيث تستهدف الاشارة الى عواقب المعصية من دون ان تحدد نتائجها بل تترك لقارئ الحديث ان يستخلص بنفسه ما يمكن من الدلالات، ومن الواضح في ميدان البلاغة ان سياقات خاصة من صياغة الكلام تتطلب مشاركة القارئ في ادراك الدلالة كما تتطلب مشاركته في تكميلها اي: تترك لقارئ النص ان يملأ فراغات النص ويشارك في استخلاص الدلالة ويكون بذلك اشد ايماناً نظرا لمشاركته النص في استخلاص دلالته، ويلاحظ في الحياة المعاصرة ظهور تيار نقدي يطالب بأن يكون القارئ مبدعاً للنص ايضاً من خلال مشاركته في استخلاص الدلالة. وقد اطلق على هذا التيار بانه (تيار القارئ)، طبيعياً هذا التيار يصح الايمان به في سياقات خاصة لا مطلقاً بخاصة في القراءة للنص الشرعي، حيث ان النص الشرعي نمطان نمط لا يحق لأحد ان يفسره الا في ضوء ما ورد من النبي صلى الله عليه واله وسلم أو الائمة عليهم السلام. واما القسم الاخر فيحق للقارئ ان يستخلص دلالته في ضوء خبراته او يسهم في ملئ فراغاته التي حذف النص تفصيلات ذلك، النص الذي يترك للقارئ بان يملأه حيث اوضح النص بان قلادة المعصية هي: بئست القلادة تاركاً للقارئ بان يستخلص النتيجة السيئة لقلادة الاثم وهي: معاقبته في الاخرة او افتضاحه في الدنيا وهكذا، وفي ضوء هذه الحقائق نتجه الى تحليل الصورة الاستعارية او الرمزية، فماذا نستلهم؟.
من الواضح ان (القلادة) هي: اداة للزينة تستخدمها المرأة وتعلقها على رقبتها وصدرها فإذا نقلناها الى استعارة تتصل بالمعصية حينئذ فان خلع طابع (القلادة) على سلوك سلبي هو: المعصية حينئذ تتحدد الدلالة على النحو الاتي: ان من يمارس المعصية ويتخذها اداة اشباع لحاجاته: كالممارسة الجنسية غير المشروعة أو ممارسة الخديعة والغش وما الى ذلك اشباعاً لحاجاته الحيوية او المادية: فان اعتماده على هذا النمط من الاشباع يقترن بلذة غير مشروعة ولكنها بالنسبة اليه هي: اداة اشباع تماماً كالزينة التي تتخذها المرأة اداة جمالية في اشباع غريزتها، لذلك فان الممارس للمعصية التي يتلذذ بها انما تكون لديه بمثابة (زينة) يشبع بها حاجاته غير المشروعة بحيث تصبح كالقلادة التي تتزين بها المرأة، حيث ان العاصي اذا لم يتب مثلاً وظل مصراً على معصيته فان امره يفتضح يوم القيامة حيث ان اثامه تظهر في صحيفته امام الملأ: كالقلادة الظاهرة للرائي، كل ما في الامر ان القلادة الواقعية تقترن فعلاً للرائي بما هو مقبول بينما الاثام او قلادة الاثم على عكس ذلك تماماً.
ختاماً: نسأله تعالى ان يجنبنا الاثام وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.