نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "الادب حلل جدد".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد صورة تمثيلية، ينبغي الوقوف عند دلالتها وبلاغتها، حيث تتحدث عن (الادب) لصفته تهذيباً للاخلاق او ظرفاً للسلوك، واذا أخذناها بدلالتها الاولى وهي (تهذيب الاخلاق) فهذا يعني: ان الاخلاق الحسنة (حلل جدد) فكيف نتعامل مع الحديث المتقدم؟.
قلنا الادب هو: التهذيب، ولكن الامام (ع) خلع طابع (الحلل) وطابع (الجدد) منها على التهذيب اذن: ماذا نستلهم من الصياغة المتقدمة؟ بالنسبة الى (الحلل) هي جمع حلة وهي: الثوب الساتر لجميع البدن، واما الجدد فهي: الجديد، فتكون الدلالة هكذا: الادب ثياب جديدة ساترة لجميع البدن، والسؤال: ما هي النكتة البلاغية او الجمالية الكامنة وراء الذهاب الى ان الادب ثياب جديدة؟.
من الواضح ان الثوب يستر البدن جميعاً بمعنى: يغطي ما وراء الثوب من عورة أو جراحة أو عاهة، اي: يغطي ما هو قبيح وهذا يعني: ان للثوب اهمية جمالية بصفته ساتراً لما هو معيب. فاذا اضفنا الى ذلك بانه (جديد) حينئذ يكتسب الشخص جمالية خارجية تستهوي الناظر دون ادنى شك، كما انه من الواضح، ان الاحساس بالجمال يظل واحداً من دوافع الانسان، ولذلك طالبت النصوص الشرعية بالنظافة للبدن والثياب حتى يجتذب الشخص الناظر اليه، وبذلك تتعمق اواصر المحبة بين الاطراف، والان: كيف خلع النص طابع الحلة الجديدة على الادب؟.
بلاغة الحديث
من البين ان الخلق الحسن يجتذب الطرف الاخر حتى ليحول العدو الى صديق، واذا نقلنا هذه الحقيقة الى الصورة التمثيلية التي يقول الامام (ع) عنها (الادب: حلل جدد) حيث صيغت بالجمع، فقال عليه السلام (حلل) ولم يقل (حلة): عندئذ نكتشف بعداً بلاغيا فائقاً هو: بما ان الادب يجسد الخلق الحسن، فان العطاء المترتب على الخلق الحسن او المهذب يتنوع، وتبعاً لذلك تتنوع الحلل، اي: ان الحلة هي الخلق الحسن، وهو اثواب، ثم ان الاثواب ساترة لجميع البدن، اي: لايظهر اي عيب داخلي له، وبهذا يكون (الادب) مجموعة اثواب ساترة لعيوب البدن، وهي نظيفة وجديدة، حيث ان الجدة لها رونقها وجمالها وجذابيتها، وهذا ما يتلائم تماماً مع الخلق الحسن، حيث يقتطف صاحبه من الاخرين مختلف انماط التقدير والمحبة والتوافق بين الاطراف الاجتماعية وهو غاية ما يتطلع المجتمع والفرد اليه.
اذن: امكننا ان نتبين جمالية الصورة المتقدمة، سائلين الله تعالى