البث المباشر

حديث الامام الصادق(ع): اني لاعلم بشراركم من البيطار بالدواب

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 15:21 بتوقيت طهران
حديث الامام الصادق(ع): اني لاعلم بشراركم من البيطار بالدواب

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 248

نص الحديث

قال الامام الصادق عليه السلام: "اني لأعلم بشراركم من البيطار بالدواب".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم تشبيه ينتسب الى ما نسميه بالتشبيه المتفاوت اي: التشبيه الذي ينظر الى ماهو اعلى او ادنى من احد طرفي التشبيه، فلو قال الامام عليه السلام: "اني عالم بشراركم كعلم البيطار بالدواب" يكون التشبيه متكافأ بين طرفيه اي: يتساوي المشبه بالمشبه به ولكن اذا قال "اعلم بشراركم من البيطار" يكون العلم لديه اكثر من العلم عند البيطار بدوابه. والمهم ان الركون لامثلة التشبيه المتفاوت يهدف الى تبيين الحقيقة المتسمة بأهمية كبيرة قد تخفى على الملاحظ مثلاً. والآن الى ملاحظة تشبيه الامام عليه السلام.
لعل القارئ للحديث يتساءل عن المسوغ الفني لأن يقيم الامام (ع) مقارنة بين علمه بأشرار الناس وبين علم البيطار بالدواب اي: أن تشبيه الأشرار بالدواب يثير التساءل عن الاسرار الكامنة وراءه فما هي؟ لقد شبه الله تعالى الكفار بالانعام، بل جعلهم اشد او اضل سبيلاً في قوله تعالى: "إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ..." والسر وراء ذلك ان الانعام يملكون جهازاً ادراكياً ولكنه محدود، اولاً لايمكن لها ان تمارس العمليات الادراكية العليا: كالاستنتاج مثلاً، كما لا تعنى الا بشهواتها في الاكل ونحوه من جانب آخر، والان اذا نقلنا الحقيقة المتقدمة الى (اشرار) الناس وصلتهم بالحيوانات نواجه جملة حقائق نبدأ بتوضيحها الآن.

بلاغة الحديث

لقد شبه الامام (ع) نفسه بالبيطار بالدواب من حيث العلم بنوايا الاشرار من الناس، وهي عادة تخفى على الانسان العادي ولكنها لاتخفى على المعصوم (عليه السلام). ترى: ما هو السر بتشبيه الاشرار بالدواب اولاً؟ الجواب: الدواب بنحو عام لا تمتلك الا جهازاً ادراكياً بسيطاً كما قلنا والشرير كذلك، لماذا؟ السبب هو: ان الممارس لعمل الشر لا يمتلك جهازاً أو لا يريد ان يستخدم جهازه العقلي المحض بقدر ما يريد تمرير نزعاته العدوانية، وبذلك: يشبه الدواب في ايذائها للانسان وكالدواب الضارة مثلاً او يشبهها في عدم ادراكه لما يترتب من عدوانه على الاخرين من اضرار لا يريدها هو لنفسه، بينا نجده يتجاهل اضرار نفسه دون ان يتجاهل اضرار سواه، وهو عين ما تمارسه الدواب في مختلف انماطها: سواء اكانت دواباً: كالعقرب ام دواباً كالانعام أو دواباً كالثعلب مثلاً، حيث ان هذه الانماط الثلاثة مثلاً تجسد الحيوان الضار، والمتمتع بالطعام والمتسم بالمراوغة والخداع والحيلة الخ.
اما انه (عليه السلام) اكثر علماً من الطبيب الخاص بتشخيص امراض الحيوان، فانه يتسم بطرافة وبعمق واثارة لها نكاتها دون ادنى شك، فالانسان العادي غير المختص بطب الحيوانات لا يتاح له معرفة شرار الناس من خيارهم، ولكن المختص يعرف ذلك وبهذا يوضح لنا الامام (ع) عصمته العلمية المرتكنة الى الغيب، ومدى حيوانية الاشرار بالنحو الذي اوضحناه.
ختاماً نسأله تعالى ان يبعدنا عن الشر، وان يوفقنا الى الطاعة انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة