نص الحديث
قال الامام العسكري (عليه السَّلام): الحظوظ مراتب، فلا تعجل علي ثمرة لم تدرك.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم صورة رمزية أو استدلالية تحفل بدلالات في غاية الاهمية من حيث انعكاساتها علي سلوك الشخصية، انها تتحدث عن الشخصية المتسمة بالعجلة في اشباع حاجاتها دون ان تدرس طبيعة الحاجة ومدي امكانية تحققها او عدم ذلك، وبما ان الشخصية السوية (وفي لغة علم النفس السوي) هي: من تتعامل مع الواقع من جانب، وتتسم بالتوازن الداخلي من جانب آخر، فان المتعجل في الحصول علي الشيء يفقد تينك السمتين: كما هو واضح، والمهم ان الامام العسكري (عليه السَّلام) يقدم لنا صياغة جمالية لهذا النمط من السلوك.
بلاغة الحديث
الصورة الفنية او البلاغية التي قدمها الامام العسكري (عليه السَّلام) هي: علي الشخصية الا تتعجل الذهاب الي قطف الثمرة من الشجرة قبل نضجها، هذا النمط من الصياغة يعتمد في تصورنا علي اداتين هما: الرمز، ثم الاستدلال، بمعني ان الامام (عليه السَّلام) لكي يعمق دلالة العجلة قدم لنا رموزاً لها هي: الثمرة قبل نضجها، فالثمرة ايا كان نمطها اذا لم تنضج لا فائدة فيها اي: لا يستطيع القاطف لها قبل نضجها ان يأكلها مادام الهدف اساسا هو أكلها، وحينئذ ما فائدة ذلك! هنا يثار السؤال الآتي: ما هي النكات الاخري التي تتضمنها هذه الصورة؟ الجواب: لقد انتخب الامام (عليه السَّلام): اولاً: الفاكهة دون غيرها من الظواهر، وهو انتخاب يتجانس مع احدي الحاجات او الغرائز التي يعني بها الشخص اكثر من الحاجات الاخري. ثانياً: بما ان الامل هو: اكثر الحاجات تذوقاً لمعني الاشباع، لذلك فان انتخابه دون غيره من الحاجات يظل اشد تعميقاً للدلالة التي يستهدفها الامام (عليه السَّلام) بصفة ان المستعجل للشيء يعبر في عجلته عن مدي اهتمامه غير العادي بهذا الشيء، والا فينتظر مثلاً اياماً او شهوراً حتي تنضج الثمرة، فهذا الاستعجال غير المدروس يفصح عن الحجم الكبير الذي يعني به هذا الشخص او بالاحري عن الاهتمام غير المدروس فيما يفصح عن عدم نضج الشخصية. ثالثاً: ان عدم نضج الشخصية المستعجلة يتناسب مع عدم نضج الثمرة، وهذا التجانس بينهما يفصح عن النكتة الجمالية الاخري في صياغة الكلام المتقدم. اذن امكننا ان نتبين أهمية هذا الحديث بالنحو الذي اوضحناه سائلين الله تعالي ان يوفقنا الي اسد الامور ودراستها وان يوفقنا الي الالتزام بطاعته، انه سميع مجيب.