نص الحديث
قال الامام الجواد (عليه السَّلام): ارفض الشهوات وخالف الهوي.
دلالة الحديث
النص المتقدم جزء من حديث (عرضنا له في لقاءات سابقة) يتضمن جملة ظواهر، منها كيفية التعامل مع شهوات الانسان وهواه، والملفت للنظر هو: ان النص المتقدم يتضمن صياغات استعارية او رموزاً يتعين علينا ان نوضح دلالاتها.
العبارة تقول (ارفض الشهوات) والاخري تقول: (خالف الهوي)، وما نعتزم الحديث عنه هو: ان قارئ الدعاء اذا كان رجلاً عادياً فسيقول: ان عبارة (ارفض الشهوات) لا تختلف عن عبارة (خالف الهوي) حيث ان كليهما تعنيان عدم ممارسة المعصية أو المكروه بنحو عام، فالمخالفة للهوي هي رفض للشهوات، والعكس هو الصحيح ايضاً، فما الفارق بينهما؟
الجواب: لا ترديد بأن الهوي والشهوة متجانسان او متشابهان ولكنهما ليسا واحداً، وكذلك: الرفض او المخالفة متجانسان ومتشابهان ولكنهما ليسا شيئاً واحداً، اذن لنتحدث عن هذه المفردات الاربع، دلالة وايضاً بلاغة.
ولنقف عند عبارتي: (خالف) و (ارفض) اولاً، فماذا نستلهم منهما؟
بلاغة الحديث
الرفض هو عدم تقبل او تسلم الشيء كما لو رفضت ان تستلم مالاً محرماً، اما المخالفة فهي عدم انصياعك لشيء محرم، كما لو اردت ان تستغيب شخصاً، فخالفت هواك المذكور وهو الاستغابة.
اذن ثمة فارق بينهما وان كانا مشتركين في الدلالة العامة وهي عدم ممارسة المعصية أو المكروه وسيتضح هذا المعني بشكل اكثر وضوحاً نتجه الي كلمتي (الشهوة) و (الهوي) حيث ان كلتيهما - كما اشرنا - تعنيان دلالة مشتركة ولكنهما مفترقتان ايضاً كيف ذلك؟
يخيل الينا ان (الشهوة) ترتبط بالحاجات العضوية كالجنس مثلاً، واما (الهوي) فيرتبط بالحاجات النفسية: كالنزعة العدوانية مثلاً ولذلك لاحظنا ان الحديث يقول (ارفض الشهوات)، اي لا تتقبل الممارسة الجنسية غير المشروعة مثلاً، اي لا تقدم علي العمل او الممارسة العضوية او العملية، بينما نجد الحديث بالنسبة الي ما هو نفس يقول (خالف الهوي)، لأن الهوي امر نفسي كما لو كان هواه في الانتقام من اعدائه مثلاً حينئذ فعليه ان يعمل عكس ما يهواه وهو عدم الانتقام.
اذن اتضح ما ترمز أو ما تستعيره الكلمات المشيرة الي (الهوي) و(المخالفة) والي (الشهوة) و (الرفض) بالنحو الذي تقدم الحديث عنه.