نص الحديث
قال الامام علي (عليه السََّلام) مخاطباً العدو: منـّا خير نساء العالمين ومنكم حَمَّالَةَ الْحَطَبِ.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم نطلق عليه (الصورة التضمينية) أو المقتبسة، وهي تقارن بين شخصية أفضل نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)، وبين إمرأة ابي لهب: عدوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث كان أحد أنماط أيذائها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وضع الحطب في طريقه المهم، إن الصورة المشار اليها تستهدف التلميح الي بيت العصمة (عليهم السَّلام) والي الفارقية بينهم وبين أعدائهم وفي مقدمة ذلك الطائفة الاموية التي اسهمت بشكل ملحوظ في معاداة أهل البيت (عليهم السَّلام) بدءاً بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مروراً بذريته (عليهم السَّلام) وأهمية هذه المقارنة تتمثل في جملة ملاحظات، منها: شمولية المقارنة بحيث تنسحب علي الرجال والنساء تعبيراً عن عمق المعاداة. بيد أن الملفت للنظر هو نمط الصورة التضمينية التي ألمحت إلي إمرأة أبي لهب، وإنتخاب «حَمَّالَةَ الْحَطَبِ» أقتباساً من القرآن الكريم، حيث يحفل هذا الاقتباس أو التضمين أو إلتناص: ببلاغة فائقة وطريفة، آن لنا أن نحدثك عنها.
بلاغة الحديث
أن طرافة وعمق الصورة المتقدمة هي: استخدام عبارة: «حَمَّالَةَ الْحَطَبِ» وهي عبارة واقعية، ولكنها حافلة بإثارات فنية، ويلاحظ أن النص القراني الكريم حينما تحدث عن أبي لهب: أستخدم عبارة: «نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ» اي: جانس بين اللقب والعقاب الذي ينتظر ابا لهب وهو لهب النار، والامر كذلك بالنسبة الي إمرأته التي كانت تحمل الحطب وبين العقاب المترتب علي ذلك وهو «فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ»، حيث أن التجانس المضاد بين الزينة والعقاب من جانب (أي: القلادة في الجيد) وبين الْحَطَبِ المضاد لمفهوم الزينة من جانب آخر، يظل من الوضوح بمكان بيد أن ما نستهدف لفت النظر إليه هو: إنتخاب الامام علي (عليه السَّلام) عنصر المقارنة بين أفضل نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليه السَّلام) وبين أحط النساء وهي أمرأة ابي لهب، حيث أن إنتخاب فقرة حمالة الحطب فضلاً عن تعداد الدلالة في مفهوم الحطب حيث ينتزع منه: الاحتطاب وهو النميمة والبهتان والافتراء، أي الدلالة المعنوية للحطب ثم الدلالة المادية المتمثلة في اليابس من الشجر المعد للإحراق، هذه الدلالة المستوحاة أو المنتزعة من عبارة «الْحَطَبِ» تظل تعبيراً مكثفاً وطريفاً من حيث المقارنة بين أخسأ الناس الملطخة بالعار النفسي والمادي، وهو رمز «الْحَطَبِ» المشير إلي ما أوضحناه الآن، وبين المضادة لها تماماً: أفضل نساء العالمين، فاطمة الزهراء (عليه السَّلام).
أذن أمكننا أن نتبين جانباً من البلاغة الفائقة والطريفة والعميقة للفقرة التي لاحظناها عند الامام علي (عليه السَّلام)، سائلين الله تعالي أن يعمق صلتنا بولاية المعصومين (عليهم السَّلام)، وأن يوفقنا الي ممارسة الطاعة، أنه سميع مجيب.