نص الحديث
قلت فاطمة الزهراء (سلام الله عليها): فجعل الله، العدل تنسيقاً للقلوب.
دلالة الحديث
هذه المقولة جزء من خطبة الزهراء (سلام الله عليها) حيث حفلت الخطبة ببلاغة فائقة من حيث صورها التمثيلية والاستعارية والرمزية، بينما صاغت جملة من المفهومات العبادية: كالصلاة والزكاة والحج وفق صور فنية، نكتفي الآن بأحد هذه المفهومات وهو العدل حيث صاغته صورة تمثيلية: سنحدثك عنها في حقل البلاغة، اما الآن فنحدثك عن ذلك في حقل الدلالة.
من البين، ان العدل هو اشد الفاعليات الاجتماعية خطورة من حيث تحقيقه للتوازن الاجتماعي وهو توازن لا مناص من تحققه، والا فان الكيان الاجتماعي يتعرض للتفكك والانهيار: كما هو واضح وسر ذلك هو: ان الافراد والجماعات حينما يجدون بان الثروة او السلعة أو الخدمات يتكافأ الجميع من خلالها، حينئذ تتوازن نفوسهم وتطمئن قلوبهم، وتبعاً لذلك يتوازن الكيان الاجتماعي: بطبيعة الحال، بخاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان العدل ومقابلة الظلم يظل - من حيث الدوافع النفسية والعقلية - من الحقائق التي الهم الله تعالي الانسان بها: تبعاً لقوله تعالي «فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا» اي: كل انسان مهما كانت درجة وعيه وثقافته فانه يعي بان العدل هو حسن وان الظلم هو قبيح.
والآن مع ادراكنا لهذه الحقيقة نتجه الي مقولة الزهراء (سلام الله عليها)، في ذهابها الي ان الله تعالي جعل العدل تنسيقا للقلوب، لملاحظة الجانب البلاغي من ذلك.
بلاغة الحديث
قلنا ان مقولة العدل هو تنسيق للقلوب تجسد صورة تمثيلية، حيث خلع النص علي دلالة (العدل) طابعاً نفسياً هو التنسيق لقلوب الناس، او لنقل: خلع طابعاً جمالياً مادياً علي ظاهرة نفسية، فالطابع الجمالي هو: التنسيق، والتنسيق مادياً يعني: التوازن او الانتظام للأشياء بحيث تتجانس فيما بينها: كتنسيق الزهور مثلاً في الحقل، وهكذا. فاذا خلعنا هذه الظاهرة المادية التي تعني: الانتظام والتناسق علي قلوب الناس، حينئذ نستخلص بوضوح ان القلوب سوف تتآلف بحيث لا تجد مكانا لكراهية الانسان للآخر، وهذا هو منتهي ما تطمح اليه المجتمعات في تحقيق توازنها كما هو واضح.
اذن ادركنا جمالية الصورة التمثيلية التي نسجتها الزهراء (سلام الله عليها)، بالنسبة الي (العدل) ومساهمته في تحقيق التوازن الاجتماعي بالنحو الذي اوضحناه.