نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): احيي معروفك باماتته.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يعد واحدا من انماط التربية للعباد،انه تدريب علي سحق الذات من جانب والانفتاح علي الاخر من جانب آخر.
ومن الواضح انك اذا ساعدت محتاجاً حينئذ فان مساعدتك اما ان تقترن مع الرغبة الي ان يشكرك المحتاج او يثني الاخرون عليك حينما يطلعون علي مساعدتك واما ان تهدف من ذالك الي كسب رضاه تعالي فحسب لا تريد جزاء ولا شكوراً، ولا جاها.
الحديث يدربنا علي ان نصنع المعروف سراً، لوجه الله تعالي حيث استعار لهذه الظاهرة تعبيراً نحدثك الان عن بلاغته الفائقة، وهي: العبارة القائلة (احيي معروفك باماتته) فماذا نستلهم منها؟
بلاغة الحديث
تتمثل بلاغة الحديث المذكور من زاويتين، احدهما الصورة الاستعارية ذاتها، اي: خلع طابع الاماته والاحياء علي ممارسة المعروف كالمساعده للاخرين، والثانية هي: ظاهرة التضاد في العبارة المتقدمة، حيث قابل الامام (عليه السلام) بين الاحياء وضده الاماته فطلب من القاري الدعاء بأن يميت معروفه، حيث ان الاماته هي احياء في الواقع: كيف ذلك؟
من البين ان من يعمل لله تعالي يكسب رضاه والجنة، وهل ثمة طموح اكثر من ذلك لدي العبد؟ كلا اذن عندم نعمل معروفنا سراً دون ان يطلع عليه احد: انما نعمل من اجل الله تعالي وهذا هو (الاحياء) بعينه، اي احياءعملنا لله تعالي وهذا الاحياء انما يتم من خلال ضده: كما لاحظنا اي: من خلال اماتته فالاماته هنا هي، عدم اظهار المعروف عند الناس وعدم الاظهار يعني: الاماته له ولكن هنا الاماته في واقعها (احياء) عند الله تعالي وهذا هو المطلوب.
اذن كم تبدو هذه العبارة او الحديث الصادر من امام البلاغة الامام علي (عليه السلام) من الطرافة، ومن العمق، ومن التدريب علي تعلم السلوك العبادي السوي عطاء كبير علي النحو الذي اوضحناه.