أهلاً بكم في لقاءٍ آخر من هذا البرنامج نستهله بما روي عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
جاء أعرابي إلي النبي (صلي الله عليه وآله) فقال: يا محمد، أعرض علي الاسلام.
فقال: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.
قال: تسألني عليه أجرا؟
قال: لا، إلا المودة في القربي.
قال: قرباي أو قرباك؟
قال: قرباي.
قال: هات أبايعك فعلي من لا يحبك ولا يحب قرباك لعنة الله.
قال (صلي الله عليه وآله): آمين.
ومن مكارم أخلاق أهل بيت النبوة (عليهم السلام) الرفق بالناس وخاصة الضعفاء منهم، ومن نماذجها ماروي عن أنس قال: قدم رسول الله (صلي الله عليه وآله) المدينة ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي، فانطلق بي إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، إن أنسا غلام كيس فليخدمك.
قال أنس: فخدمته في السفر والحضر.
ما قال لي لشيء صنعته: لم صنعت هذا هكذا؟
ولا لشيء لم أصنعه: لم لم تصنع هذا هكذا؟
وروي زياد بن أبي زياد عن خادم للنبي (صلي الله عليه واله) قال: كان النبي (صلي الله عليه وآله) يقول للخادم: ألك حاجة؟
وروي عن بائع للقمصان من أهل الكوفة إسمه ابو النوار قال: أتاني علي بن أبي طالب ومعه غلام لهف فاشتري مني قميص كرابيس، قال لغلامه: اختر أيهما شيءت، فأخذ أحدهما وأخذ علي الآخر فلبسه، ثم مد يده فقال: اقطع الذي يفضل من قدر يدي، فقطعه وكفه فلبسه وذهب وقال أنس: كنت عند الحسين (عليه السلام) فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان، فحيته بها فقال لها: أنت حرة لوجه الله تعالي.
فقلت: تحييك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟!
قال: كذا أدبنا الله تعالي.
قال: «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا» فكان أحسن منها عتقها.
نختم هذه الفقرة من برنامج مصابيح الهدي، برسالة كتبها الإمام الرضا لولده الإمام الجواد (عليهما السلام) وجاء فيها: يا أبا جعفر، بلغني أن الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير، فإنما ذلك من بخل منهم لئلا ينال منك أحد خيراً، وأسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلا من الباب الكبير، فإذا ركبت فليكن معك ذهب وفضة، ثم لا يسألك أحد إلا أعطيته، ومن سألك من عمومتك أن تبره فلا تعطه أقل من خمسين ديناراً والكثير إليك، ومن سألك من عماتك فلا تعطها أقل من خمسة وعشرين ديناراً والكثير إليك، إني إنما أريد بذلك أن يرفعك الله، فأنفق ولا تخش من ذي العرش إقتاراً.
ومن الوصية الجامعة التي كتبها مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) نقرأ لكم فقرات في إحترام المساكين وحبهم حيث قال: عليكم بحب المساكين المسلمين، فإنه من حقرهم وتكبر عليهم فقد زل عن دين الله، والله له حاقر ماقت، وقد قال أبونا رسول الله (صلي الله عليه واله): أمرني ربي بحب المساكين المسلمين. واعلموا أن من حقر أحداً من المسلمين ألقي الله عليه المقت منه والمحقرة حتي يمقته الناس والله له أشد مقتاً، فاتقوا الله في إخوانكم المسلمين المساكين فإن لهم عليكم حقاً أن تحبوهم، فإن الله أمر رسوله (صلي الله عليه وآله) بحبهم، فمن لم يحب من أمر الله بحبه فقد عصي الله ورسوله ومن عصي الله ورسوله ومات علي ذلك مات وهو مِنَ الْغَاوِينَ. وإياكم والعظمة والكبر، فإن الكبر رداء الله عزوجل، فمن نازع الله رداءه قصمه الله وأذله يوم القيامة.