نلتقيكم في لقاء آخر من هذا البرنامج ونحن نفتتحه بالفقرة العقائدية وفيها حديثان في بيان حقيقة أن التمسك بولاية محمد وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين هو شرط تحقق التوحيد الخالص لله جل جلاله والدخول في حصن كلمة التوحيد الطيبة لأن الله عزوجل هو الذي جعلهم الوسيلة الي رضوانه.
قال الإمام علي (عليه السلام): إن لـ "لا إله إلا الله" شروطاً، وإني وذريتي من شروطها.
وروي في كثير من المصادر المعتبرة أنه لما وافي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) بنيسابور وأراد أن يخرج منها إلي المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: يا بن رسول الله، ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك؟! وكان قد قعد في العمارية [أي ما يشبه المحمل]، فأطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسي بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي بن أبي طالب يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله جل جلاله يقول: لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي.
قال الراوي: فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من شروطها.
وهذا هو الحديث المعروف بحديث (سلسلة الذهب) المبين لحقيقة أن بولاية مصابيح الهدي (عليه السلام) يكون الدخول الي حصن التوحيد الخالص رزقنا الله وإياكم ذلك.
وفي الفقرة التالية من برنامج مصابيح الهدي نعيش أعزاءنا دقائق مع أنوار الأخلاق المحمدية التي تجلت في سليل المصطفي الإمام علي الرضا المرتضي (عليه السلام) فقد روي عن إبراهيم بن العباس قال: ما رأيت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) جفا أحداً بكلمة قط، ولا رأيته قطع علي أحد كلامه حتي يفرغ منه، وما رد أحدا عن حاجة يقدر عليها، ولا مد رجله بين يدي جليس له قط، ولا اتكأ بين يدي جليس له قط، ولا رأيته شتم أحدا من مواليه ومماليكه قط، ولا رأيته تفل، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط، بل كان ضحكه التبسم. وكان إذا خلا ونصب مائدته أجلس معه علي مائدته مماليكه ومواليه حتي البواب [و] السائس. وكان (عليه السلام) قليل النوم بالليل كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أولها إلي الصبح، وكان كثير الصيام، فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول: ذلك صوم الدهر.
وكان (عليه السلام) كثير المعروف والصدقة في السر، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنه رأي مثله في فضله فلا تصدق ويعني الراوي أهل زمانه، فالإمام الحق هو أفضل أهل زمانه (سلام الله عليه).
إن من أهم السبل للتمسك بولاية أولياء الله المقربين ومصابيح هداه جل جلاله هو العمل بوصاياهم المباركة التي تهدي الناس الي سبل السلام وسعادة الدنيا والآخرة، فلنفتح قلوبنا بأخلاص ونحن نتأمل في الرواية التالية المروية عن علقمة (رضوان الله عليه) وهو من خيار أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) قال:
قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): أوصني جعلت فداك، فقال: أوصيك بتقوي الله والورع والعبادة وطول السجود وأداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الجوار، صلوا عشائرهم وعودوا مرضاهم واحضروا جنائزهم، كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا، أحبونا إلي الناس ولا تبغضونا إليهم، جروا إلينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح، ما فينا من خير فنحن أهله، وما قيل فينا من شر فوالله ما نحن كذلك، لنا حق في كتاب الله وقرابة من رسول الله وولادة طيبة، فهكذا قولوا.