السلام عليكم ايها الاعزاء وأهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج الذي نسعي فيه الي التعرف علي مقامات وأخلاق ووصايا أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، وها نحن نفتتح البرنامج بنماذج من الأحاديث النبوية المستفيضة المصرحة بأنهم (عليهم السلام) سفن النجاة من كل ضلالة: روي أن أباذر (رضي الله عنه) قال وهو آخذ بباب الكعبة -: من عرفني فأنا من عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذر، سمعت النبي (صلي الله عليه وآله) يقول: ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق. وعن عباد بن عبد الله الأسدي: بينا أنا عند علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الرحبة إذ أتاه رجل فسأله عن هذه الآية: «أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ».
فقال (عليه السلام): والله والله لأن يكونوا يعلموا ما سبق لنا أهل البيت علي لسان النبي الأمي (صلي الله عليه وآله) أحب إلي من أن يكون لي ملءُ هذه الرحبة ذهبا وفضة، والله إن مثلنا في هذه الأمة كمثل سفينة نوح في قوم نوح، وإن مثلنا في هذه الأمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل وقال أبو سعيد الخدري: صلي بنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) الصلاة الأولي [يعني الفجر]، ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: معاشر أصحابي، إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي والأئمة الراشدين من ذريتي، فإنكم لن تضلوا أبداً فقيل: يا رسول الله، كم الأئمة بعدك؟
فقال: اثنا عشر من أهل بيتي - أو قال: من عترتي -.
ونقتبس أعزاءنا نفحة من الأخلاق المحمدية مما رواه مطرف العامري قال:
قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فقلنا: أنت سيدنا.
فقال: السيد الله تبارك وتعالي وقلنا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طَولاً، وقال الإمام الصادق (عليه السلام): ما أكل نبي الله (صلي الله عليه وآله) وهو متكئ منذ بعثه الله عزوجل، وكان يكره أن يتشبه بالملوك.
ومن أخلاق الإيثار العلوي ننقل لكم ما رواه أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر قال في تفسيره: رأيت في بعض الكتب أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلي الغار - وقد أحاط المشركون بالدار - أن ينام علي فراشه، وقال له: اتشح ببردي الحضرمي الأخضر، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالي ففعل ذلك، فأوحي الله إلي جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام أني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختاراً كلاهما الحياة، فأوحي الله عزوجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟! اخيت بينه وبين نبيي محمد، فبات علي فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟! اهبطا إلي الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلاً، فكان جبرئيل عند رأس علي، وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي: بخ بخ! من مثلك يابن أبي طالب يباهي الله عزوجل به الملائكة؟! فأنزل الله عزوجل علي رسوله وهو متوجه إلي المدينة - في شأن علي -: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ».
ونختم اللقاء بوصايا صادقية تهدينا الي صفات الشيعة الصادقين فقد روي أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال لأحد أصحابه: يا بن جندب، بلغ معاشر شيعتنا وقل لهم: لا تذهبن بكم المذاهب، فوالله لا تنال ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد في الدنيا، ومواساة الإخوان في الله، وليس من شيعتنا من يظلم الناس.
وقال (عليه السلام) في وصية ثانية: عليك بتقوي الله والورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الخلق وحسن الجوار، وكونوا دعاة إلي أنفسكم بغير ألسنتكم، وكونوا زينا ولا تكونوا شيناً، وعليكم بطول الركوع والسجود، فإن أحدكم إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه وقال: يا ويله! أطاع وعصيت، وسجد وأبيت.