البث المباشر

جامعية الفضائل في أخلاق الزهراء (عليها السلام)

الأربعاء 9 أكتوبر 2019 - 15:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الاخلاق الفاطمية: الحلقة 51

السلام عليكم أعزائنا ورحمة الله..
من خصائص أخلاق مولاتنا الصديقة الكبرى صلوات الله عليها جامعيتها وشموليتها بمعنى أنها تشتمل على جميع أنواع الأخلاق الفاضلة حتى التي يصعب الجمع بينها كالجمع مثلا بين شدة الرأفة بالخلق والشجاعة التي تحدثنا عنها في الحلقة السابقة. وهذه الخصوصية يلاحظها بوضوح كل من يمر ولو سريعا على السيرة الفاطمية من الأقربين كان أو من غيرهم، نختار لذلك نموذجا من غير أتباع مدرسة أهل البيت – عليهم السلام – وهو ما كتبه عنها – سلام الله عليها – الأستاذ توفيق أبو علم المصري في كتابه الشهير (أهل البيت)، تابعونا مشكورين.
تحدث الأستاذ توفيق أبو علم عن أخلاق الصديقة الكبرى فقال: ((كانت عليها السلام كريمة الخليقة، شريفة الملكة، نبيلة النفس، جليلة الحس، سريعة الفهم مرهفة الذهن، جزلة المروؤة (أي كثيرة الإحسان)، غراء المكارم، فياحة نفاحة، جريئة الصدر، رابطة الجأش، حمية الأنف (أي أبية)، نائية عن مذاهب العجب، لا يحددها مادي الخيلاء، ولا يثني أعطافها الزهو والكبرياء … لقد كانت عزوفة عن الشر، ميالة إلى الخير، أمينة، صدوقة في قولها، صادقة في نيتها ووفائها، وكانت في الذروة العالية من العفاف، طاهرة الذيل عفيفة الطرف لا يميل بها هواها إذ هي من آل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .. و كانت إذا ما كلمت إنسانا أو خطبت في الرجال يكون بينها وبينهم ستر يحجبها عنهم عفة وصيانة)).
نموذج آخر ننقله لكم أيها الأعزاء من كاتب آخر هو المؤرخ المعاصر ألاستاذ علي حسن إبراهيم حيث يقول: (وحياة فاطمة هي صفحة فذة من صفحات التاريخ نلمس فيها ألوان العظمة، فهي ليست كبلقيس أو كليوباترا اللتين استمدت كل منهما عظمتها من عرش كبير وثروة طائلة... لكنا أمام شخصية استطاعت أن تخرج إلى العالم وحولها هالة من الحكمة والجلال، حكمة ليس مرجعها الكتب والفلاسفة والعلماء... وجلال ليس مستمدا من ملك أو ثراء وإنما من صميم النفس..)
وهذا النموذج مستمعينا الأفاضل ليس كلام عالم دين إنما هو انطباع مؤرخ وعالم اجتماع وتاريخ يرصد تأثير الأخلاق والسيرة الفاطمية على المجتمع الإنساني.
أيها الإخوة والأخوات، ثمة درس نستلهمه من هذه الخصوصية في الأخلاق الفاطمية تشتد الحاجة إليه في جميع طلاب الكمال والفضائل والسعادة الحقيقية، إنه درس حفظ التوازن الخلقي الذي يشكل أهم مقومات إيجاد السكينة والطمأنينة في الشخصية الإيمانية. وهذا التوازن الخلقي إنما هو وليد التحلي بالفضائل الأخلاقية جميعا وبمختلف أنواعها لأن كلا منها يشكل عونا للآخر ومكملا له وحافظا من أن يتجاوز حد الوسط والجادة الوسطى فيخرج من دائرة الفضيلة الأخلاقية، فالرأفة مثلا هي التي تحفظ الشجاعة في دائرة الفضيلة فلا تسمح لها بأن تتحول إلى القسوة وغلظة يكرهها الله عزوجل.
وبهذا ينتهي لقاء آخر جمعنا فيه برنامج (من الأخلاق الفاطمية) إستمعتم له من إذاعة طهران وشكرا لكم ودمتم في رعاية الله.



 

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة