البث المباشر

قبسة من التواضع الفاطمي

الأربعاء 9 أكتوبر 2019 - 14:39 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الاخلاق الفاطمية: الحلقة 44

السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله، من أخلاق أولياء الله الصادقين خلق التواضع، وقد نصت الأحاديث الشريفة على أن من تواضع لله رفعه. أي رفع الله منزلته ومقامه عنده عزوجل وقربه إليه، وكذلك رفع الله منزلته عند الناس أيضاً وجعل حتى أعدائه يخضعون له. والتواضع هو الفضيلة الأخلاقية التي تقابل التكبر والتعالي وهو من أشد الرذائل الأخلاقية مقتاً في النصوص الشريفة. والتواضع على قسمين، تواضع لله وتواضع لخلقه عزوجل، ومظهر الأول هو العبودية الخالصة لله جل جلاله، والمظهر الثاني هو خدمة خلق الله. وقد بلغت مولاتنا فاطمة سلام الله عليها ذروة مراتب هذا الخلق النبيل في كلا قسميه، كما تشهد بذلك سيرتها العطرة صلوات الله عليها.
مستمعينا الكرام، أما عن خلق فاطمة البتول في تواضعها لله جل جلاله فقد تقدمت إشارات إليه في حلقات سابقة ضمن الحديث عن عبادتها عليها السلام، لذلك نتبرك في هذا اللقاء بذكر نموذج واحدٍ لتواضعها لخلق الله عزوجل، رواه المؤرخون من مختلف الفرق الإسلامية، وننقله هنا عما رواه الحافظ أبو المؤيد الموفق الخوارزمي من أعلام المذهب الحنفي في القرن السادس الهجري، وقد جاء في روايته المسندة هذه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أصاب سبياً من غزوة له لساحل البحر، فأهدى جارية من هذا السبي للصديقة الكبرى سلام الله عليها لكي تعينها على أعمال البيت الكثيرة. وكان معظم أهل المدينة يومذاك لديهم خدمٌ في بيوتهم لما تتطلبه صعوبات الحياة ومشاقها، في حين لم تكن للزهراء سلام الله عليها خادمة تعينها، ولذلك أهداها رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الجارية التي أوصاها بها لأنه رآها تصلي. تقول الرواية: فلما رأت فاطمة عليها السلام رسول الله صلى الله عليه وآله يوصيها بها، إلتفتت إليه وقالت: يا رسول الله الخدمة عليّ يومٌ وعليها يوم، ففاضت عيناه صلى الله عليه وآله بالبكاء وقال: "الله أعلم حيث يجعل رسالته ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم".
لاحظوا أعزاءنا أن من يحسن خلقه مع من تحت يده كرب العمل مع أجراءه أو الرئيس مع المرؤوسين ونظائر ذلك ينال فطرياً إعجاب الناس لأن في ذلك التواضع الذي يحبه الله عزوجل، وكذلك الحال إذا رأيناه لا يتكبر ولا يتعالى عليهم، فكيف الحال مع من يذهب الى ما هو أسمى من ذلك ويقسم الخدمة بينه وبين أجيره الذي إستخدمه للعمل، إن هذا لهو من خصائص الخلق الفاطمي النبيل الذي يعبر عن ذروة التواضع لله عزوجل، إنه من خلق فاطمة التي تواضعت لربها عزوجل حبّا له فإنعكس تواضعها في تعاملها مع خلق الله فتواضعت لهم وسعت في خدمتهم وأيضاً بدافع حبها لله جل جلاله.
نشكر لكم أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج من الأخلاق الفاطمية، دمتم بكل خير والسلام عليكم.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة