ورغم انه كان من نحارير العلماء في عصره، إلا أن مكانته العلمية المرموقة في علم تفسير القرآن الكريم التي عكف عليها غلبت على بقية العلوم ما شعشع ضياؤها ليعدّ من عمدة المتبحرين في علوم تفسير القرآن الكريم.
الولادة
ولد العلامة الطبرسي عام ٤٦۸ (او ٤٦۹) للهجرة. تعود أصول الفضل بن الحسن الى مدينة «تفرش» الايرانية ومن هنا جاءت تسميته وشهرته بالطبرسي.
التحصيل
أمضى الفضل بن الحسن طفولته ودراساته في جوار الحرم المقدس للإمام الثامن علي بن موسى الرضا (ع) وبعد مضي سنوات في الكتّاب وتعلم القراءة والكتابة وخاصة القرآن الكريم واتمامه المقدمات، اهتمّ بالحضور في الحلقات العلمية لعلماء الدين الفضلاء وتعلم مختلف العلوم الاسلامية.
ولم يدخر جهداً في طريق تعلم علوم كالأدب العربي وقراءة وتفسير القرآن والحديث والفقه والأصول والكلام حتى وصل درجة كان له رأي في كل من هذه الفروع العلمية. ورغم ان العلوم الأخرى كالحساب والجبر وغيرها لم تنتشر في المدارس والكتاتيب حينذاك ولم يكن هناك ايضاً من يرغب في تعلّمها، إلا أن العلامة الطبرسي أقبل على تعلّمها وإتقانها وكانت له فيها آراءٌ أيضا.
مشايخه
أبو علي الطوسي نجل شيخ الطائفة الشيخ الطوسي. وابوالحسن عبيد الله محمد بن الحسين البيهقي، والشيخ الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه القمي الرازي، وكانوا من كبار الاساتذة والعلماء الذين نهل الطبرسي من بحر علومهم ومعارفهم.
الهجرة
عاش الشيخ امين الاسلام الطبرسي ٥٤ عاماً تقريبا في مدينة مشهد المقدسة ومن ثم هاجر سنة ٥۲۳ للهجرة الى مدينة سبزوار، بناءً على دعوة وجهها اليه كبار هذه المدينة ومشايخها وكذلك للإمكانيات الكثيرة المتاحة فيها، في كثير من المجالات خاصة التدريس والتأليف والتبليغ لدين الاسلام.
وكانت أولى مهام الشيخ الطبرسي، تقبله مسؤولية إدارة «مدرسة البوابة العراقية» والتي نمت وتطورت بفضل رعاية العلامة وجهوده الحثيثة، الى حوزة علمية واسعة تحظى بأهمية كبيرة. ان الثراء الثقافي والعلمي والديني البارز الذي حظيت به هذه الحوزة استقطبت عدداً كبيراً من طلاب العلم ومحبي هذا المهيع العذب من شتى المناطق النائية في ايران، وشد الطلبة الشباب رحالهم الى هذه الحاضنة العلمية للتلمّذ وأخذ العلوم الاسلامية كالفقه والتفسير على يد الشيخ العلامة الفذ الطبرسي. واثمرت جهود هذا الاستاذ الفاضل في تربية طلاب وعلماء عمالقة ذاع صيتهم في العالم أمثال الشيخ العلامة رضي الدين الحسن الطبرسي نجل الشيخ امين الاسلام الطبرسي، والعلامة الجليل قطب الدين الراوندي، والعلامة محمد بن علي بن شهر آشوب، والعلامة ضياء الدين فضل الله الحسني الراوندي والعلامة شاذان بن جبرئيل القمي.
• مؤلفاته
ترك العلامة الشيخ امين الاسلام الطبرسي مجموعة كبيرة من المؤلفات والمصنفات تدلّ جميعها على سعة علمه وفضله وثقافته. وأبرز هذه المؤلفات والكتب:
مجمع البيان في تفسير القرآن
- الآداب الدينية
- الخزانة المعينية
- أسرار الأئمة أو الإمامة
- إعلام الورى بأعلام الهدى
- تاج المواليد
- جوامع الجامع
- حقائق الامور
- عدة السفر وعمدة الحضر
- العمدة في اصول الدين
- كتاب في الفرائض والنوافل
- غنية العابد ومنية الزاهد
- الفائق
- الكاف الشاف
- كنوز النجاح
- مشكاة الأنوار في الاخبار ومعارج السؤال
- المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف
- و(ينسب اليه كتاب) نثر اللآلي
- النور المبين
- رواية صحيفة الرضا (ع)
رائد المفسرين
كان الشيخ العلامة الطبرسي يفكر منذ عنفوان شبابه بأن يخدم القرآن الكريم، وكانت حياته قد امتزجت بهذا المصحف السماوي العظيم. هذا وكان الإحياء لمعارف وكنوز هذه المعجزة الفريدة الخالدة الأبدية وكتابة تفسير للقرآن الكريم من احدى امنيات وآمال العلامة الطبرسي الرئيسة. وبذلك أهداه الله سبحانه وتعالى التوفيق التام في أن يخرج من يراع العلامة تراث خالد قيم تجسد جلياً فيما تركه من الكتب والمولفات. وألف الاستاذ الفاضل ثلاثة كتب في تفسير القرآن الكريم وعلى أنماط مختلفة، وقبل تجاوزه الستين من العمر. وأثمرت حصيلة الجهد الفكري والعلمي للعلامة الطبرسي في إبداع خاص لتفسير القرآن الكريم أدهش باقي المفسرين الى يومنا هذا، وجعلهم ينهلون من هذا النمير الصافي ويستلهمون من مدرسة اهل البيت المعصومين الطاهرين عليهم السلام.
«مجمع البيان» على رأس تفاسير القرآن
ان الخلجان الروحي الذي كان يساور العلامة الطبرسي منذ شبابه لكتابة تفسير قرآني على أساس منهجه الفريد فضلاً عما حث عليه صديقه الشفيق والمقرب به محمد بن يحيى (من سادة آل زيارة ومن الوجوه البارزة في مدينة سبزوار) كانا عاملين رئيسين دفعا العلامة الطبرسي بأن يعكف على تأليف تفسيره المسمى بـ «مجمع البيان» وأشار العلامة نفسه الى هذين العاملين في مقدمة هذا التفسير.
كما ذكرت حكاية غريبة عن صاحب رياض العلماء عن حياة الطبرسي اعتبروها عاملاً آخر دفع المؤلف الجليل بتأليف هذا التفسير. أنه قال: اشتهر بين الخاص والعام«أنه (رحمه الله) اصابته سكتة فظنوا به الوفاة، فغسلوه وكفنوه ودفنوه وانصرفوا فأفاق العلامة ووجد نفسه داخل القبر، فنذر إن خلصه الله تعالى من هذه البلية، أن يؤلف كتاباً في تفسير القرآن الكريم.
وفي الليلة نفسها، اتفق ان بعض النبّاشين كان قد قصد قبره وأخذ في نبشه فلمّا نبشه وجعل ينزع عنه الاكفان قبض بيده السارق، فخاف النبّاش ثم كلّمه فازداد خوف النبّاش فقال له: لاتخف، وفي الحال أخبره بقصته، فحمله النبّاش على ظهره وأوصله الى بيته. فأعطاه الشيخ الاكفان مع مبلغ من المال، فتاب النبّاش على يده.
ثم وفّى بنذره وألف كتاب«مجمع البيان».
وفي هذه الحكاية قال الفاضل النوري في(مستدركات الوسائل): ومع هذا الاشتهار لم أجدها في مؤلفه.
لقد دوّن الشيخ الطبرسي تفسيره الرائع على مدى سبع سنوات، مقتبساً من كتاب تفسير «التبيان» للعلامة الجليل الشيخ الطوسي، وتحدث فيه عن مختلف العلوم القرآنية على نمط منتظم ودقيق؛ ما جعل المفسرين والعلماء من الشيعة والسنة يفضلون تفسيره «مجمع البيان» على كثير من التفاسير القرآنية وأثنوا عليه وعلى مؤلفه العملاق هذا.