وإنّ لكلّ امرأةٍ ممَّنْ ناصَرنَ آلَ الرسول ووقفنَ معهم دوراً يختلف عن الأخرى، لكنْ يجمعهنّ الإيمانُ بأرقى مفاهيمه الإنسانيّة التي جاء بها الإسلام، ولخّصها في شخص الإمام الحسين(عليه السلام) وأهدافه.
ومن الأسماء النسائيّة التي أشرقتْ في سماء النهضة الحسينيّة الخالدة زوجة علي بن مظاهر الأسديّ، وهي من المؤمنات الموالِيات لأهل البيت (عليهم السلام)، حضرت واقعة الطفّ مع زوجها، وأبت أن تترك عيال الإمام الحسين (عليه السلام) وحدهم بل واستهم في كلّ ما جرى عليهم، ولها محاورةٌ لطيفة مع زوجها تدلّ على عمق إيمانها وحبّها للإمام الحسين (عليه السلام).
يُقال: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) في ليلة عاشوراء قال لأصحابه: (اجلسوا رحمكم الله وجزاكم الله خيراً)، ثمّ قال: (ألا ومَنْ كانَ في رحله امرأةٌ فلينصرفْ بها إلى بني أسد)، فقام علي بن مظاهر وقال: ولماذا يا سيّدي؟.
فقال الحسين (عليه السلام): (إنّ نسائي تُسبى بعد قتلي وأخاف على نسائكم من السبي)، فمضى زوجها إليها فاستقبلته قائلةً: يا بن مظاهر إنّي سمعت غريب فاطمة خطب فيكم، وسمعت في آخرها همهمةً ودمدمةً فما علمتُ ما يقول، فأخبرها بما قال الحسين(عليه السلام).
فقالت ما أنت صانع؟ قال: قومي حتّى أُلحِقَكِ ببني عمّكِ بني أسد، فقامت ونطحت رأسها بعمود الخيمة وقالت: والله ما أنصفتَني يا بن مظاهر..
أيسرُّك أن تُسبى بناتُ رسولِ الله وأنا آمنةٌ من السبي؟
أيسرُّك أن يُسلب من زينب إزارها وأنا أستتر بإزاري؟
أيسرُّك أن تُنهبَ من بنات الزهراء أقراطها وأنا أتزيّن بقرطي؟
أيسرُّك أن يبيضّ وجهك عند رسول الله ويسودّ وجهي عند فاطمة الزهراء؟
والله أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء..
فرجع علي بن مظاهر إلى الحسين (عليه السلام) وهو يبكي، فقال له الحسين (عليه السلام): ما يبكيك؟،
فقال: سيّدي.. أبت الأسديّةُ إلّا مواساتكم، فبكى الحسين(عليه السلام) وقال: (جُزِيتم عنّا خيراً).
فجسّدت بموقفها هذا إيمانَها بنهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، فهي بذلك خيرٌ من رجال هذه الأمّة التي جاءت لقتل الإمام (عليه السلام).
المصدر: العتبة العباسية المقدسة