لذا دار حوله وورد في حقه الكثير من الاحاديث والقصص والحوادث وتكلمت عنه كتب السير والتاريخ وهذا ان دل انما يدل على عظيم اثره المبارك وله ملازمة عريقة القدم بتاريخ الكعبة المشرفة.
جاء في الكافي وقصص الأنبياء: (حول الله جوهر الحجر درة بيضا صافية تضيء فحمله آدم على عاتقه اجلالاً له وتعظيماً فكان اذا اعي عليه حمله عنه جبرئيل حتى وافى به مكة فما زال انس به بمكة ويجدد الاقرار له كل يوم وليلة ثم ان الله عزوجل لما اهبط جبرئيل الى ارضه القم الملك الميثاق (الحجر) فلتلك العلة وضع في ذلك الركن وجعل الحجر في الركن فكبر الله وهلله ومجده فلذلك جرت السنة بالتكبير في استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا) (۱).
وجاء في كتاب حج الانبياء والأئمة: (فلما آدم هبط والحجر معه في موضعه من هذا الركن وكانت الملائكة تحج الى هذا البيت من قبل ان يخلق تعالى آدم ثم حجه آدم ثم نوح من بعده ثم تهدم البيت ودرست قواعده فاستودع الحجر من ابي قبيس (جبل) فلما اعاد ابراهيم واسماعيل بناء البيت وبنيا قواعده واستخرجا الحجر من ابي قبيس بوحي من الله عزوجل فجعلاه بحيث هو اليوم من هذا الركن وهو من حجارة الجنة وكان لما انزل في مثل لون الدر وبياضه وصفاء الياقوت وضيائه فسودته ايدي الكفار ومن كان يلتمسه من اهل الشرك بعتايرهم) (۲).
(جاء في الكافي قال ابو جعفر (عليه السلام): فنادي ابو قبيس ابراهيم (عليه السلام) ان لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعة موضعه) (۳).
وجاء في الكافي ايضاً وعن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (وانزل الله الحجر الاسود وكان اشد بياضاً من اللبن واضوأ من الشمس وانما اسود لان المشركين تمسحوابه) (٤).
قال الصدوق في علل الشرايع: روى عن ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: (كان الحجر الأسود أشد بياضاً من اللبن فلو لا مامسه من ارجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة الابرأ...) (٥).
قال الشيخ المازندراني في كتابه شجرة طوبى في سؤال اليهودي الذي اسلم على يدي امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) بعد ان سائل الامام (عليه السلام) عدة اسئلة اسلم بعدها اليهودي، قال له الامام (عليه السلام): واما قولك اول حجر وضع على وجه الارض فان اليهود يزعمون انه الحجر الذي ببيت المقدس يعني الصخرة فكذبوا انما هو الحجر الأسود هبط به آدم (عليه السلام) من الجنة معه فوضعه على الركن والناس يستلمونه وكان اشد بياضاً من الثلج فأسود من خطايا بني آدم، قال اليهودي: صدقت) (٦).
جاء في الكافي وعن الامام الصادق (عليه السلام) قال: ان قريشاً في الجاهلية هدموا البيت، فلما ارادوا بناءه حيل بينهم وبينه والقي في روعهم الرعب حتى قال قائل منهم: ليات كل رجل منكم بأطيب ماله ولا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم او حرام ففعلوا فخلى بينهم وبين بنائه فبنوه حتى انتهوا الى موضع الحجر الاسود فتشاجروا فيه ايهم يضع الحجر الأسود في موضعه حتى كاد ان يكون بينهم شرفحكموا اول من يدخل من باب المجسد فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما اتاهم امر بثوب فبسط ثم وضع الحجر في وسطه ثم اخذت القبائل بجوانب الثوب فرفعوه ثم تناوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعه في موضعه فخصه الله به) (۷).
اقول: وكان الحجر الأسود قد اخذه القرامطة حينما استولوا على مكة فحملوه الى عاصمتهم الاحساء فظل عندهم مدة من الزمن الى ان استعاذه منهم الخليفة الفاطمي ورده الى موضعه في ركن الكعبة المشرفة.
اقول: اما كيفية تفاصيل قصة اخذ القرامطة للجحر الاسود وهجومهم على مكة فقد ذكرناها في باب الحروب التاريخية والاسلامية التي وقعت في مكة في نفس الكتاب فراجع الباب فيه قسم القرامطة موسع. وفي استحباب استلام الحجر ففي الجواهر: (ومنها استلام الحجر وشرب ماء زمزم والصب على الجسد من مائها من الدلو المقابل للحجر).
قال الصادق (عليه السلام): (في صحيح معاوية اذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الأسود فقبله او ستلمه او اشر اليه فانه لابد من ذلك).
ففي صحيح الحلبي المروي في العلل في حج النبي (صلى الله عليه وآله) (ثم صلى ركعتين عند مقام ابراهيم ثم استلم الحجر ثم اتى زمزم فشرب منها).
وقال في الجواهر: ويمكن القول باستحباب استلامه قبل الشرب وبعده وخصوصاً عند ارادة الخروج (۸).
اقول: وجاءت الاحاديث كثيرة في فضل التبرك بالحجر الاسود فمنها.
روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (انه ليس من عبد يتوضأ ثم يستلم الحجر ثم يصلي ركعتين عند مقام ابراهيم (عليه السلام) ثم يرجع فيضع يده على باب الكعبة فيحمد الله ثم لا يسأل الله شيئاً الا اعطاه ان شاء الله) (۹).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (الحجر يمين الله في ارضه فمن مسحه مسح يد الله) (۱۰).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الحجر يمين الله في الأرض يصافح به عباده) (۱۱).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الحجر يمين الله في الأرض فمن مسح يده على الحجر فقد بايع الله ان لا يعصيه) (۱۲).
*******
(۱) الكافي الكليني ج ٤ ص ۱۸٥ باب الحج وقصص الانبياء للجزائري ص ٥۷.
(۲) حج الانبياء والائمة ص ۲۳۹.
(۳) الكافي ج ٤ ص ۲۰٤ باب الحج.
(٤) الكافي ج ٤ ص ۱۹۱ باب الحج.
(٥) علل الشرايع ج ۲ ص ۱۳۳.
(٦) شجرة طوبى المازندراني ص ٦۳.
(۷) الكافي الكليني ج ٤ ص ۲۱٥ باب الحج.
(۸) الجواهر: ج ۱۹ ص ٤۱۱ باب الحج.
(۹) مستدرك الوسائل: لطبرسي ج ۹ ص ۳۸۳ باب الحج.
(۱۰) جامع الأحاديث القمي: ۷۱.
(۱۱) الفردوس ۲/۱٥۹/۲۸۰۸.
(۱۲) الفردوس ۲/۱٥۹/۲۸۰۷.
*******
المصدر: فجر الاسلام في تاريخ والمشاعر الحرام، المؤلف: الشيخ عبد العزيز صالح المدني