لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة وما تتضمنه من المعرفة العقائدية والاخلاقية ومنها دعاء الغيبة حيث يدعى به بعد فريضة الظهر من يوم الجمعة ويقرا ايضاً في مطلق الازمنة والساعات، وهو خاص بندب الامام المهدي(ع) وقد حدثناك عن مقاطع منه وانتهينا من ذلك الى المقطع الآتي: (اللهم فصلِّ عليه وعلى آبائه الائمة الطاهرين وعلى شيعته المنتجبين، وبلغهم من آمالهم ما يأملون ...الخ).
ان هذا المقطع من الدعاء واضح الدلالة لا يحتاج الى التعقيب عليه، ولكن ينبغي لفت الانتباه على بعض نكاته ومنها الاشارة الى شيعة الامام المهدي(ع) حيث وصفهم الدعاء بـ المنتجبين وهذا ما يحتاج الى ملاحظته ...
لقد استهل المقطع بالتوسل بالله تعالى بان يصلي على الامام المهدي(ع) وعلى آبائه الائمة عليهم السلام وخلع عليه طابع او صفة الطهر حيث قال الدعاء فصلِّ عليه وعلى آبائه الائمة الطاهرين؟ هنا ينبغي ان نلتفت ايضاً الى نكتة اخرى هي الصلاة على آبائه الامام المهدي(ع) والتركيز على انهم أئمة ثم وصفهم بالطاهرين ... فماذا يعني ذلك؟
اما الاشارة الى انهم أئمة فهذا يعني ان كل واحد منهم هو امام مستخلف قد عينه الرسول(ص) حجة على زمانه تماماً كما عين الامام المهدي(ع) حجة على زمانه الممتد من ولادته الى ظهوره(ع) الى ممارسته للحركة الاصلاحية التي تنتظره هذا اولاً.
ثانياً وصفهم الدعاء بانهم طاهرين وهذا الوصف له صلة بالمقطع السابق الذي قال عن الامام المهدي(ع) (وطهرته من الرجس)، فهذه الاشارة الى ان الامام المهدي(ع) قد طهره الله تعالى من الرجس تتناسب تماماً مع وصف آبائه بالتطهير ايضاً لانهم امتداد لخلافة الرسول(ص) الى قيام الساعة. اذاً جاء الوصف لآبائه بانهم طاهرون متجانساً مع الوصف بان الامام المهدي(ع) قد طهره الله تعالى من الرجس.
وهذا فيما يتصل بالامام المهدي وبآبائه عليهم السلام ولكن ماذا بالنسبة الى شيعة الامام(ع) حيث وصفهم الدعاء بانهم منتجبون؟
اننا حينما نطرح امثلة هذه الاسئلة فلأن الدعاء نفسه ينطوي على قيم بلاغية فائقة تحملنا على ملاحظة ذلك حيث نجد ان الوصف للائمة عليهم السلام او لسواهم يجيء بعبارات متنوعة بحيث تتناسب كل عبارة مع السياق الجديد الذي ترد فيه فبالنسبة الى الامام المهدي(ع) لاحظنا ان صفة التطهير جاءت متجانسة مع صفة التطهير الذي وسم الائمة عليهم السلام ... وبالنسبة الى شيعة الامام(ع) جاء الوصف بانهم منتجبون فما هي النكتة وراء ذلك؟
ان صفة النجابة تعني كرم الحسب وتعني الانتقاء والانتخاب او تعني النفيس من الاشياء وهذا يدلنا على ان شيعة الامام(ع)ليسوا كسائر الناس انهم طائفة منتخبة ومنتقاة انهم طائفة تتميز بكرم الاحساب انهم طائفة متميزة بما هو نفيس وغالي ونادر حيث ان صفة النجابة تعني هذه الدلالات.
اذن عندما يصف الدعاء شيعة الامام(ع) بانهم منتجبون لم يجيء هذا الوصف جزافاً بل جاء هادفاً ليشير في خضم هذه الطوائف البشرية التي تدعي الانتساب الى الاسلام وهو براء منها ليشير الدعاء الى ان شيعة الامام(ع) هم دون سواهم منتجبون ينتظرون ظهور الامام(ع) لكي يلتقوا به ويستشهدون.
ختاماً نساله تعالى ان يوفقنا لان نصبح من شيعة الامام(ع) وان يوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******