نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة وهو خاص بندب الامام المهدي(ع) ويتلى بعد فريضة العصر من يوم الجمعة كما وردت التوصية بقراءته مطلقاً.
ولقد حدثناك عن الدعاء المذكور عبر مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى فقرات ورد فيها التوسل بالله تعالى بان يستنقذ بظهورالامام(ع) عباد الله المؤمنين وان يقتل به جبابرة الكفر وان يقصم به رؤوس الضلالة، وفي حينه تساءلنا ما هو السر الكامن من وراء الاستعارة الاخيرة ونعني بها عبارة «واقصم به رؤوس الضلالة» حيث عبر عن ازالة رؤوس الضلالة بعبارة اقصم وليس بعبارة اقطع حيث ان القطع يتلاءم مع الرؤوس بينما القصم يتلاءم مع الظهور فما هو السر الكامن وراء ذلك؟
في تصورنا ان عملية الكسر للرأس تنطوي على نكتة مهمة هي تهشمية بحيث لا تبقى آية فكرة من الضلالة ذات فاعلية والرأس هنا لا ينتقل به الذهن الى معناه اللغوي وحده وهو هذا الجزء المادي من بدن الانسان بل بالاضافة الى ذلك يعني رمزاً لافكار ضالة هي شخصيات تتبنا رفع الوية الضلال أي القادة الضالين الذين يمتلكون اطروحات ضالة ولهم اتباع كما لهم افكار وبدع تظهر في مجتمعاتنا الاسلامية وغيرها.
لذلك فان التهشيم للبدع وللضلال وللاطروحات المنحرفة يعني ازالة هذه الاطروحات او من ثم اشاعة مبادئ الله تعالى في الارض حتى لا تبقى سواها كما وعدنا الله تعالى ذلك.
بعد هذا نواجه عبارة تقول: «وذلل به الجبارين والكافرين» وهذه العبارة لها نكاتها وطرافتها ودلالتها الملفتة للنظر حيث يمكنك ان تتساءل اولاً قائلاً لماذا استخدم الدعاء مفهوم الاذلال للجبارين والكافرين مع انه قبل ذلك استخدم مفهوم القتل للجبابرة؟ وبعبارة اخرى ان قارئ الدعاء يتوقع ابادة الجبارين والكافرين حتى يتخلص منهم الا ان الدعاء طلب من الله تعالى اذلالهم وليس قتلهم فما هو سبب ذلك؟
في تصورنا بما ان رؤوس الضلال أي اصحاب الايدلوجيات المنحرفة التي تظهر في الازمنة القريبة من الظهور بخاصة تقدم الى المجتمعات اطروحاتها المضللة والبراقة والمخادعة باسم الحرية والانسانية وحقوقها .. حينئذ فان الحاجة الى تفنيدها وتسفيهها وابطالها هو الاهم، لذلك فان الدعاء توسل بالله تعالى بان يذل هؤلاء الجبارين والكافرين الذين يحملون افكاراً مضللة حتى لا تبقى اية قيمة لايدلوجياتهم المذكورة قبالة الظهور لمبادئ الله تعالى.
هنا نتوقع من قارئ الدعاء ان يطرح سؤالاً آخر هو لماذا خص هؤلاء الحاملين للايدلوجيات الضالة بالجبارين والكافرين فهل ثمة فارق بين الجبار والكافر مثلاً؟
الجواب هو ان كلاً من الجبارين وهم بحسب مصطلحاتنا المعاصرة الدكتاتوريون والمستبدون او القتلة ...الخ، يختلفون عن الكافرين من حيث بطشهم وقتلهم بكل المناوئين لهم بينما الكافر قد يتميز بالبطش ايضاً وقد لا يكون كذلك بل انه يمرر افكاره الضالة من خلال قنوات اعلامية مثلاً، والمهم في الحالتين فان المتشدق اعلامياً بانه صاحب ايدلوجية انسانية وكذلك فان المتميز ببطشه وفتكه بمناوئيه اذا ظهر عليهما الامام(ع) بمبادئ الله تعالى حينئذ فان الاذلال لهما يعني اذلالاً لايدلوجيتهم المنحرفة قبالة العز لمبادئ الامام(ع).
اذن امكننا ان نتبين جانباً من النكات الكامنة وراء التوسل بالله تعالى بان يقصم رؤوس الضلالة ويذل الجبارين والكافرين والمهم هو ان نوفق نحن القراء للدعاء الى مناصرة الامام(ع) ونوفق بعامة الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******