البث المباشر

الشاعر الطرماح بن الحكيم

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:26 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعدي الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته كل المراحب بكم ونحن نجدد اللقاء بكم عند أفق آخر من آفاق سير القصائد العربية على مر العصور برجاء أن تمضوا معنا دقائق حافلة بكل ما ينفع الأذهان ويريح النفس ويشيع البهجة في الأرواح، اذن رافقونا أيها الأحبة.
المحاورة: أيها الأحبة حينما يرد ذكر الشاعر الطرماح بن الحكيم فإن الأذهان لابد أن تعود الى الوراء لتصل الى العصر الأموي في ظروفه وأحواله السياسية الخاصة به حيث الصراع بين الأحزاب وحيث الهجاء ذو الدوافع السياسية يبلغ ذروته ليصل الى حد الإقذاع والاسراف في بعض الأحيان وحيث التطاحن بين المذاهب والعقائد المتداينة لشأن الاصلاح لحكم المسلمين وخلافتهم، هذا التطاحن الذي كان ينتهي في الكثير من الأحيان الى التقاتل الذي تجسد اخيراً في سقوط الأمويين ومجيء العباسيين الى الحكم بدلاً عنهم. ولقد كان الطرماح واحداً من اولئك الشعراء الذين سخروا شعرهم لمهاجمة نظام الحكم بدوافع سياسية وعقيدية فوجه سهام نقده اللاذعة ووظف قدرته الفائقة في الهجاء للهجوم على خصوم عقيدته والدفاع عن هذه العقيدة. وكان معاوية بن أي سفيان على رأس هؤلاء الحكام الذين كانوا غرضاً لحملات الطرماح الشعرية ومنها القصيدة التي سنتتبع سيرتها بهذا الأسبوع والتي سنستمع الى أبيات منها بعد الفاصل وقبل أن يلتأم شملنا مع خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، أدعوكم للمتابعة.

أبلغ أبا سفيان والنفس تنطوي

على عقد بين الحشى والجوانح

بأدنى من القول الذي بحت

معلناً به لأمرء بعيبكم غير بائح

تصدق فينا هاك جرفك

واشتر به منك بيعاً بعته غير رابح

نسيرة ذو الوجهين لو كان يتقي

من الذم يوماً باقيات الفضائح

ولكنه عبد تقعد رأيه

لئام الفحول وإرتخاص النواكح

وخذ ما صفا ولاتطلب الرنق

إنه يكدره حفر الأكف المواتح

وما كنت اخشى بعد ودك

أن أرى بكفي عدو بيننا زند قادح

وقد يستحيل الرحل والرحل فائت

اذا طال بالرحل اختلاف النواضح


المحاورة: نعم مستمعينا الكرام كانت تلك أبياتاً نقلتنا بعيداً الى عالم الشعر السياسي الذي شاع في العصر الأموي، هذا النوع من الشعر الذي سيحدثنا عنه ضيفنا الكريم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان قبل أن يتطرق الى قصيدة الطرماح بن الحكيم نفسها. أهلاً ومرحباً بكم دكتور
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله وحيا المستمعين الكرام
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: يسرني أن ألتقيكم من جديد في هذا اللقاء
المحاورة: شكراً لهذا الحضور دكتور. في البداية دكتور وقبل أن نتطرق الى قصيدة هذا اليوم والشاعر الطرماح بن الحكيم حبذا لو نتحدث شيئاً عن سيرته الذاتية وعن تاريخه الأدبي والشعري اذا صح التعبير.
الشحمان: في الحقيقة الشاعر الطرماح بن الحكيم الذي عاش قبل سنوات قليلة من نهاية الحكم الأموي، توفي سنة مئة وخمسة وعشرين للهجرة فهو يعتبر على العموم من الشعراء الأمويين، أقصد من الشعراء الذين عاشوا في العصر الأموي وهو عصر متميز ويذكر دائماً في تاريخ الشعر العربي بأنه عصر التيارات السياسية وفي نفس الوقت عصر الغزل يعني تطور فيه شعر الغزل الى حد كبير. وتطور الشعر السياسي فيه الى حد كبير نظراً الى نشاط الأحزاب
المحاورة: نعم كان هناك ازدهاراً في تطور الأغراض الشعرية بشكل عام.
الشحمان: نعم خاصة الأشعار السياسية التي كانت تتطاحن من خلالها الأحزاب السياسية في ذلك الوقت. على كل حال كما قال عنه المؤرخون هو شامي المولد كوفي النشأة او عراقي النشأة. كان ايضاً من الشعراء الذين إنخرطوا في الأحزاب والتيارات السياسية وكان من المعارضين للحكم الأموي وكان معروفاً بهجاءه اللاذع والمقذع وخاصة ضد خصومه السياسيين وضد قبيلة بني تميم بالتحديد وله مهاجاة بينه وبين الفرزدق الذي كان يعتبر من الشعراء التميميين ولكنه في نفس الوقت كانت تربطه علاقات صداقة مع الشاعر الكبير الكميت فله الكثير من الأشعار في هجاء هذه القبيلة ومن ضمنها قوله وهو يريد أن يهجو الشاعر الفرزدق وقبيلته في نفس الوقت فيقول:

أرى الليل يجلوه النهار ولاأرى

خلال المخازي عن تميم تجلت

أقرت تميم لأبن دحمة حكمه

وكانت اذا سيمت هواناً أقرت

تميم بطرق اللؤم أهدى من القطى

ولو سلكت سبل المكارم ضلت


الشحمان: على كل حال الطرماح وبالمناسبة لقبه هذا هو لأن كان فيه بعض من الخيلاء والزهو والتكبر وكان يبدو ايضاً طويل القامة في نفس الوقت فسمي بالطرماح وهو ليس أسمه، في الحقيقة أسمه حكم بن الحكيم والطرماح لقب غلب عليه حتى حل محل اسمه وهو نفسه استعمل لقبه في شعره فقال:

أنا الطرماح فإسأل بني ثعل قومي

اذا إختلط التصدير بالحقب


المحاورة: نعم دكتور اذا تسمح لنا نأخذ فاصل وبعد الفاصل نواصل الحديث حول شاعرنا لهذا الأسبوع وهو الشاعر الطرماح بن الحكيم. إبقوا معنا مستمعينا الكرام
سير القصائد
برنامج يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
أنتم معنا في رحاب هذا البرنامج الذي يستعرض روائع الشعر العربي على مر العصور من خلال التعاون مع خبراء الأدب والشعر.
سير القصائد
يبث لحضراتكم مساءاً عند الساعة التاسعة وأربعين دقيقة من كل يوم اثنين ويعاد بثه في الساعة السادسة واربعين صباحاً من يوم الأربعاء حسب التوقيت المحلي لمدينة طهران.
المحاورة: تحياتنا لكم من جديد مستمعينا الأفاضل نعود الى ضيفنا في الستوديو. دكتور قبل الفاصل تحدثنا شيئاً عن شخصية الشاعر الطرماح بن الحكيم وايضاً عن أغراضه الشعرية. بالنسبة للقصيدة التي إخترناها لهذا اللقاء، ماذا عن هذه القصيدة وما دلالاتها واسلوب الشاعر وخصائصه وبالطبع مقدرته الفائقة على هجاء أعداءه؟
الشحمان: نعم قلنا إن الغرض الرئيسي الذي يسود أشعار الطرماح هو الهجاء، الهجاء القبلي والهجاء السياسي كما انشدت بعض ابيات من هجاءه القبلي وايضاً أنتم تفضلتم بإنشاد بعض الأبيات من ضمن هجاءه السياسي. هذه القصيدة التي تفضلتم بقراءتها تعتبر من قصائده المتميزة في مجال شعره السياسي ضد الحكم الذي كان سائداً في ذلك الوقت وهو الحكم الأموي. الخصوصية الرئيسة التي نلاحظها في هذه القصيدة بالتحديد هو الهجاء والهجاء السياسي، نلاحظ أن الشاعر يبدو متمكناً من فن الهجاء السياسي والتراكيب والتعابير التي استخدمها تشهد له بأنه شاعر بدوي وهو بالفعل يعتبر من الشعراء البدويين الذين تغلب عليهم النزعة البدوية من امثال كعب بن زهير، ذي الرمة والبحتري مثلاً في العصر العباسي، هذه النزعة تغلب عليه في أشعاره وتبدو عليه هذه الأصالة وهو يستخدم تعابير وصور فنية فيها الكثير من الجاذبية والبعيدة عن التركيبات والتعابير التي يستخدمها اهل الحضر وأهل المدن وهو كان ذا نشأة بدوية كما قلنا يعني بعيداً عن الأساليب اللينة لأهل الحضر وتشهد له بمعرفته الجيدة والدقيقة بأحوال البادية وأنماط الحياة في البادية لذلك نلاحظ في قصائد اخرى...
المحاورة: أسلوبه متأثر بأسلوب البادية
الشحمان: نعم نلاحظ في شعره اهتماماً بوصف الرمال ووصف الفيافي والفلوات والهجير وحتى الحيوانات التي تعيش في البادية ووحوشها وما الى ذلك من صور شعرية يضمنها في قصيدته قبل أن يتطرق الى الغرض الرئيس في أشعاره.
المحاورة: دكتور هل هجاءه لاذع ايضاً؟
الشحمان: نعم يعتبر من الشعراء اللاذعين في هجاءه ومن الشعراء المتميزين في الهجاء حتى أن نقاد الشعر اعتبروه من بين القلة القليلة التي برعت في فن الهجاء والأشعار التي قرأت قسماً منها حتى أن هناك بيتاً فضلت أن احذفه لأنه مقذع جداً مثلاً في البيت الذي يقول:

تميم في اللؤم اهدى من القطى

ولو سلكت سبل المكارم ضلت


الشحمان: يعني يعتبر هذا من الأبيات التي يعتبرها نقاد الشعر وخاصة البيت الأخير الذي لم أقرأه من أقذع ما قالته العرب في هجاء خصومها.
المحاورة: مشكور دكتور مع الأسف الشديد لقد داهمنا الوقت كالمعتاد. شكراً لهذه الايضاحات وشكراً لكم مستمعينا الأفاضل
الشحمان: نشكر لكم حسن الاستضافة
المحاورة: حياكم الله. لقاءنا سيتجدد إن شاء الله في الأسبوع المقبل، الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة