خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: إستضفنا في هذه الحلقة الأستاذ الدكتور سعد الشحمان ليحدثنا ويُسلط الضوء على بعض أبيات الحكمة والموعظة التي حفلت بها هذه القصيدة، سيدي الكريم أهلاً ومرحباً يكم
الشحمان: أهلاً ومرحباً بكم
المحاورة: نرجو منكم أن تستعرضوا لنا وللمستمعين الأفاضل بعض الأشعار الحكمية التي تضمنتها هذه القصيدة
الشحمان: في الحقيقة الشاعر زهير بن أبي سُلمى يستغل كعادته في القصائد الأخرى في هذه المناسبة يعني مناسبة الصلح بين قبيلتي عبس وذبيان لينهال علينا بأبيات مشحومة ومزدانة بالحكمة والموعظة الحسنة ومُزينة بمعاني الإيمان التي يُعبّر من خلالها الشاعر عن إيمانه بالله واليوم الآخر وهو يبدأ هذه الأبيات بذم الحرب وويلاتها والمآسي التي تتسبب بها الحرب حتى أنه يُشير في أحد أبيات هذه القصيدة الى الحرب ويُشببها بحجر الرحى من حيث أنها تطحن البشر وتأتي على الأخضر واليابس فيقول في هذا المجال:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وما هو عنها بالحديث المُبجّم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة
وتضرم إذا ضريتموها فتضرم
فتعركم عرك الرحى بخصالها
وتلقى إحتشافاً ثم تحمل فتدأم
وبأسلوب سلس مُشرق واضح المعاني وبعيد كل البُعد عن التعقيدات اللفظية والمعنوية يسوق لنا الشاعر في الأبيات الأخرى تجاربه في الحياة على شكل حكم وامثال ويبدأها بالإشارة الى حياته التي إمتد به طويلاً حتى جعلته يشعر بالسأم والضجر من هذه الحياة ومن واجباتها ومن تكاليفها وبعد ذلك يتطرّق الى الموت مُشبهاً الموت بالناقة العمياء التي تمضي الى الأمام دون أن تعبء بما أمامها ودون أن تُفرّق بمن وقفوا بوجهها مُعلناً أن المنية او الموت لايعرف صغيراً ولاكبيراً ولاغنياً ولافقيراً، ثم يُصرّح بأن الإنسان عاجز بقدراته ومداركه المحدودة عاجز عن العلم بالغيب. وفي هذا المجال نستمع الى الشاعر وهو يكشف النقاب عن هذه الحقائق في الأبيات التالية يقول حول الموت:
رأيت المنايا خط عشواء مَن تُصب
تمته ومَن تُخطأ يُعمّر فيهربي
وأعلم علم اليوم والأمس قبله
ولكنني عن علم مافي غد عني
المحاورة: الدكتور سعد الشحمان شكراً لكم على هذه الإيضاحات نأخذ فاصل قصير لنواصل الحديث
المحاورة: أستاذ شحمان خلال الدقائق الأخيرة المتبقية من وقت البرنامج نرجو منكم أن تُكملوا المشوار وتستعرضوا لنا المزيد من أبيات الحكمة والموعظة التي إزدانت بها معلقة زهير
الشحمان: نعم إستمراراً لحديثنا نقول إن الشاعر إنتقل من عالم الزهد والورع وتذكّر الموت، إنتقل بأبياته الحكمية الى عالم الإجتماع فيُتحفنا بحكم خالدة تُنبأنا بتجاربه الغزيرة في الحياة وفي مجال العلاقات الإجتماعية وماينبغي أن تكون عليه هذه العلاقات والأسلوب الأمثل الذي يجب أن يتخذه الإنسان وينتهجه في التعامل مع الآخرين فيُعلن أن الإنسان ومن أجل أن ينسجم مع الآخرين من أبناء جلدته ويتعايش معه ويحيى حياة الوئام والسلام معهم فإن عليه أن يتخذ شعار المصانعة أي المداراة نهجاً له في هذه الحياة وإلاّ فأن أنياب الناس سوف تُمزّقه ويكون مصيره الحياة الذليلة كالشخص الذي يُداس بخف البعير.
المحاورة: اذن هو يؤكد على المُداراة
الشحمان: نعم يؤكد على مبدأ المُداراة في العلاقات الإجتماعية ويُشير الى هذا المعنى بقوله:
ومَن لم يُصانع بأمور كثيرة
يُضرّس بأنياب ويوطئ بمنسم
وفي ختام القصيدة يُنهي الشاعر هذا السيل المُتدفّق من الحكم والأمثال ببيت رائع ربما كان من إبتكارات هذا الشاعر وربما إستمده من قول العرب "المرء بأصغريه بلسانه وجَنانه" فيقول في هذا البيت ويختتم القصيدة:
لسان الفنى نصف ونصفه فؤاده
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
المحاورة: نعم كلام جميل، شكراً لهذه الإيضاحات، على مايبدو ليس لدينا الوقت لنتحدّث أكثر عن هذه القصيدة. على العموم نشكركم جزيل الشكر على هذه الإيضاحات كنتم معنا في الأستوديو الدكتور سعد الشحمان شكراً جزيلاً لكم
الشحمان: عفواً أنا أقدم بدوري شكري الجزيل لكم وللمستمعين الكرام.
المحاورة: شكراً لكم، أعزاءنا الكرام وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج سيّر القصائد قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لطيب متابعتكم والى حلقة جديدة من هذا البرنامج نترككم في أمان الله.