البث المباشر

الجزع على سيد الشهداء (ع) امراً يحبه الله ورسوله واولياؤه (عليهم السلام)

الأحد 23 يونيو 2019 - 10:14 بتوقيت طهران

أين الكفاة ومن أكفـّهُمُ

في النائبات لمعسر يسرُ؟

أبكي اشتياقاً كلّما ذُكروا

وأخو الولاء يُهيجُه الذكر

يا واقفاً في الدار مفتكراً

مهلاً.. فقد أودي بي الفكر

إن تمس مكتئباً لبينهم

فعقيب كلّ كآبة وزر

هلّا صبرت علي مصابهم

وعلي المصيبة يحمد الصّبر

وجعلت رزءك في الحسين ففي

رزء ابن فاطمة لك الأجر

أحسن لكم الأجر والثواب، نعم. كما قال الشاعر في رزء ابن فاطمة لك الأجر وهل هناك فوق الأجر شيء؟
أجل، بل هنالك أشياء أسمي وأعلي، وأغلي، هنا لك رضوان الله تعالي، وهناك مواساة رسول الله ومواساة أهل بيته (صلوات الله عليه وعليهم)، وهنا لك الولاء والمودّة لهم، ومحبّتهم ونصرتهم، وبغض أعدائهم والبراءة من قتلتهم وظالميهم.
وتلك عبادات روحيّة عقائديّة معنويّة، لأنّها واقعة في طاعة الله جلّ وعلا وفي مرضاته، فالأنبياء والأوصياء والأولياء هم أحباب الله، فمحبّتهم محبّة لله، وموالاتهم موالاة لله ومن هنا نقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة الواردة عن الإمام الهادي (عليه السلام) في زيارة الأئمة الهداة، نخاطبهم: (من والاكم فقد والي الله، ومن عاداكم فقد عادي الله، ومن أحبّكم فقد أحبّ الله، ومن أبغضكم فقد أبغض الله، ومن أعتصم بكم فقد إعتصم بالله). كذلك نتلوا في زيارة عاشوراء من القلب هذه العبارات الشريفة نخاطبهم بها قائلين لهم سلام الله عليهم: (إنّي سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم، وولي لمن والاكم، وعدوّ لمن عاداكم). وذلكم هو دين الله تبارك وتعالي قائماً علي الحبّ والبغض، علي حبّ الله، ومن يحبّ الله ويحبّه الله وعلي بغض أعداء الله، بغض من يبغض الله ويبغضه الله.
في (كنز الفوائد) للكراجكيّ: أنّ الله أوحي إلي بعض أنبيائه: قل لفلان الزاهد العابد: أمّا الزهد في الدنيا فإنّك استعجلت الراحة لنفسك، وأمّا انقطاعك إلي فإنك تعزّزت بي، فما فعلت فيما يجب لي عليك؟
فقال العابد: ما الذي لله عليّ؟
فقال الله تعالي: (قل له: هل والايت فيّ وليّا؟ أو عاديت فيّ عدوّا؟!

*******

اقامة مجالس العزاء الحسيني هي من المصاديق البارزة لموالاة اولياء الله ومعاداة اعداءه جل جلاله بل اننا نجد في الاحاديث الشريفة اشارات الى ان قوة هذا البعد في المصاب الحسيني جعل حتى الجزع على سيد الشهداء (عليه السلام) امراً يحبه الله ورسوله واولياؤه (عليهم السلام)، لنستمع معاً لتوضيحات سماحة السيد حسن الكشميري الباحث الاسلامي من قم المقدسة لهذا الامر:
السيد حسن الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
طبعاً موضوع الجزع على الحسين صلوات الله وسلامه عليه او موضوع احياء المآتم واقامة المآتم واحياء ذكر الحسين (عليه السلام) هذا امر ورد التأكيد عليه من النبي (صلى الله عليه وآله) ومن الائمة ولا ينحصر هذا التأكيد في كتبنا اي كتب الامامية وانما هناك مصادر عديدة يمكن للانسان الذي يبحث عن الحقيقة وبعيداً عن الجدل يعود الى تلك الكتب مثل مجمع الزوائد، مثل نور الابصار للشبلنجي وغيرها.
طبعاً الله سبحانه وتعالى امر الانسان المؤمن بأن يكون صابراً، بأن يكون جلداً، ثقافة اهل البيت ومدرسة اهل البيت تقاوم الانهزامية وتقاوم الهبوط امام الاحداث والمصائب، الانسان امر في ثقافة اهل البيت ان يكون صلباً وان لا يكون رقيقاً، ان يكون جلداً، ان يكون متحملاً لكن هناك استثناءات وهذه الاستثناءات لاغرض فيها الا امران، الاول رضى الله سبحانه وتعالى ورسوله ورضى مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها وثانياً تعويض للحسين (عليه السلام). تثار هناك قضايا انه لماذا هذا الضجيج وهناك شهداء مثل الحمزة سيد الشهداء، مثل جعفر وغيره، في الواقع هذا التأكيد من الائمة بخصوص الحسين (عليه السلام): (كل عين باكية) حديث عندنا وارد عند الائمة، طبعاً يوم القيامة: (الا عين بكت من خشية الله وعين بكت على ابي عبد الله الحسين) او كذا جزع ينفره الاسلام لكن هناك استثناء اذا كان جزعاً خشية من الله عزوجل كما ورد في حالات نبينا واهل بيت كذلك الجزع على ما اصاب الحسين (عليه السلام) لأن في ذلك مدرسة وتهذيب للانسان وقرب من الله سبحانه وتعالى ثم النقطة الثانية التي سبق الاشارة اليها وهو ان الله عزوجل عوض الحسين (عليه السلام) فترك القلوب حزينة الى يوم القيامة، الاخوة سمعوا هذا من الخطباء، كل مصيبة تبدو في الوهلة الاولى كبيرة ثم تصغر الا مصيبة الحسين (عليه السلام) فهي تتفاقم يوماً بعد يوم وتزداد وهذا تعويض من الله سبحانه وتعالى ولطف من الله بالانسان ان يعيش هذا الشعور حتى تتعبأ مشاعره بحب الله وتتعبأ مشاعره بثقافة اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، نسأل الله ان يجعلنا ممن يجزع من خشية الله، يخاف الله وان يجزع مما اصاب الحسين (عليه السلام) تأسياً ومواساة للنبي وللزهراء فاطمة.
اذن هذا الموضوع وهذا التأكيد من الائمة صلوات الله وسلامه عليهم يرتبط بحقيقة مهمة وهي تربية الانسان ان يعيش دائماً في هذا الجو، يعيش في جو الخشية من الله سبحانه وتعالى لأن في ذلك رادعاً للانسان من ارتكاب (نعوذ بالله) الموبقات، خشية الله اذا عاشها الانسان دائماً يكون هذا سداً لأرتكابه المعاصي لأن الانسان اذا نسي العقاب اساء التعامل مع الله ومع الناس واما الجزع على مصاب ابي عبد الله الحسين فيترك الانسان يعيش دائماً في اجواء اهل البيت ومن يعيش في اجواء اهل البيت هذا يعيش اجواء القرآن، يعيش اجواء التراث، يعيش اجواء التربية الصحيحة وعلى اي حال لا يخيب ولا يخسر من يكون دائماً متفاعلاً بأهل البيت، يفرح لأفراحهم، يحزن لأحزانهم وهذا هو المؤشر الاول للانسان الذي يوصف بأنه محبوب عند الله سبحانه وتعالى والنبي يقول: (احب الله من احب حسيناً) هذا كل المصادر تتفق عليه )احب الله من احب حسيناً) اذن حب الحسين (عليه السلام) هو المصداق الاكمل للقرب من الله سبحانه وتعالى.
هذا نزر يسير حسب ما سمح به الوقت والا فالحديث طويل وشيق وأسألكم الدعاء.

*******

نعم، وها نحن من خلال مآتمنا الحسينية الشريفة، نعبّر عن بغضنا وبراءتنا تجاه قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)، وولائنا ومحبّتنا ونصرتنا لأبي عبد الله الحسين، وتصديقنا بما جاء عن الله تعالي وعن رسوله (صلي الله عليه وآله) من ذم ولعن علي الظلمة الذين قاتلوا أهل البيت.
في (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)) روي الشيخ الصدوق بسند عن الإمام عليّ بن موسي الرضا (عليه السلام)، عن آبائه عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال:
إنّ موسي سأل ربّه فقال: يا رب، إنّ أخي هارون مات، فاغفر له.
فأوحي الله إليه: يا موسي، لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك، ما خلا قاتل الحسين بن عليّ، فإنّي أنتقم له من قاتله.
وروي حواراً دار بين الإمام الحسين (عليه السلام) قبل خروجه من المدينة وعبد الله بن عبّاس، قال ابن عباس في ختامه مسلّماً مستسلماً: صدقت يا أبا عبدالله.
قد قال النبيّ (صلي الله عليه وآله): مالي وليزيد، لا بارك الله في يزيد، فإنّه يقتل ولدي وولد ابنتي، الحسين بن عليّ، فوالذي نفسي بيده، لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه (أي لا يمنعون من قتله) إلّا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم.
ثمّ بكي ابن عبّاس، وبكي معه الحسين، فكان ذلك مأتماً قبل الواقعة.
ونبقي مع مآتم البراءة، فهي في الوقت الذي تحمل آهات الحزن علي آل رسول الله، لا تخلو من زفرات البغض لأعداء الله، وذلك ما ينبغي أن تعمر به مجالس الإيمان، فالله عزّوجلّ يعلّمنا في كتابه المجيد أنّ الإيمان به لا يكفي، مالم يكن معه كفر بأعدائه، فيقول عزّ من قائل: «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ». (البقرة، ۲٥٦)
وكان من الطواغيت والجبابرة القتلة "يزيد"، الذي روي فيه المتّقي الهندي.
وهو من مشاهير علماء السّنّة ومحّدثيهم - في كتابه (كنز العمّال) أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) قال في حديث له: لا بارك الله في يزيد الطّعّان، اللّعان! أما إنّه نعي إليّ حبيبي حسين وأتيت بتربته، ورأيت قاتله!
قال المتـّقي الهنديّ: أخرج هذا الحديث ابن عساكر الدّمشقي عن عبدالله بن عمر بن الخطاب.
وأخرج ابن حجر الهيثميّ الشافعيّ في (مجمع الزوائد) عن معاذ بن جبل، أنّ النبيّ قال: يزيد، لا بارك الله في يزيد!
ثمّ ذرفت عيناه بالدموع وقال: نعي إلي الحسين وأتيت بتربته، وأخبرت بقاتله.
ثم قال (صلي الله عليه وآله): واهاً لفراخ آل محمّد من خليفة مستخلف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف!
أمّا ابن نما الحلّيّ، فقد روي في (مثير الأحزان) أنّ ابن عبّاس قال: لمّا اشتد برسول الله (صلي الله عليه وآله) مرضه الذي توفي فيه، ضم الحسين إلي صدره وهو يجود بنفسه وقال: مالي وليزيد! لا بارك الله فيه! اللهم العن يزيد.
ثم غشي عليه طويلاً وأفاق، وجعل يقبل الحسين وعيناه تذرفان وهو يقول للحسين: أما إن لي ولقاتلك مقاماً بين يدي الله عزوجل.
ونحن مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) قلباً ولساناً نلعن قتلة الحسين في مجالسنا ومآتمنا، مؤكدين براءتنا منهم ومن أفعالهم الشّنيعة النكراء، وتالين ما جاء في مشهور زيارات سيّد الشهداء هذه العبارات الإيمانيّة البرائيّة: اللهم العن أوّل ظالم ظلم حق محمد وآله محمد، وآخر تابع له علي ذلك. اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين، وشايعت، وبايعت وتابعت علي قتله اللهم العنهم جميعاً.
إذن نصل مما تقدم الي نتيجة مهمة تبينها لنا مجالس العزاء الحسيني التي كان يقيمها رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهي أن البراءة من ظالمي محمد وآله (عليهم السلام) يشكل أصلاً ثابتاً في هذه المجالس المباركة.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة