السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات، تحية طيبة نستهل بها الحلقة السابعة عشرة من هذا البرنامج نخصصها للحديث عن آثار الشعائر الحسينية في نشر روح الرفض للظلم ومكافحته لدسائس المسلمين وغيرهم طبقا لما ورد في شهادات المفكرين من غير المسلمين.
وها نحن نبدؤها بشهادة عن شدة توجس الحكام الظلمة من هذه الشعائر النهضوية وسعيهم لمكافحتها، لاحظوا أعزائنا هذه الشهادة التي صدرت من البروفسور (ديفيد بينولت) الأستاذ في كلية الدراسات الدينية في جامعة (سانتاكلارا) في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وقد جاءت في كتابه (الشيعة) ضمن حديثه عن أوضاع الشيعة في الهند أيام الإستعمار البريطاني لها، قال البروفسور (بينولت): (كنت تجد المجلات والصحف البريطانية تعلن النفير العام (للأجهزة الإستعمارية في الهند) وتدق جرس الإنذار عشية ذكرى عاشوراء في كل عام، حيث كانت تتوقع حدوث خروقات للأمن الأمپريالي).
مستمعينا الأفاضل، الشهادة المتقدمة نقلناها من مقالة (الشعائر الحسينية بنظرة غربية) للشيخ ياسر الصالح من البحرين، وقد نقل فيها شهادات أخرى لكتاب غربيين عن الموضوع نفسه تحدثت عن آثار الشعائر الحسينية في بعث روح الرفض للظالمين في أرجاء العالم الإسلامي منها شهادة مؤلف كتاب (صحوة الشيعة) البروفسور ولي نصر وهو أستاذ سياسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا في دائرة الدراسات العليا التابعة للأكاديمية البحرينية في أمريكا.. ومما جاء في هذه الشهادة قوله: (في اليوم العاشر من شهر محرم الحرام من كل عام يظهر الشيعة وجها مميزا للإسلام، وجها يرى التعلق بالقيم الروحية في الإنفعالات الوجدانية والطقوس.. حيث يقدم الشيعة فرادى وجماعات عرضا مهيبا لتدينهم وهويتهم.. ولا أخال مشاهدا في ذلك اليوم المعروف بيوم عاشوراء بمنحى من التأثر بعرض الشيعة الدال على مدى تعلقهم بمعتقداتهم.. ولا ريب في أن مشاهد عاشوراء وأصواتها تسبي العقول قبل القلوب فهي شعيرة زاخرة بالرمزية والعواطف الجياشة ذلك أنها تعرف بالشيعة وتجدد ارتباطهم بمعتقدهم وبيئتهم.. إن الحسين لم يعد نبراسا للتشيع الرامز لحقه في المطالبة بقيادة العالم الإسلامي فحسب، بل صار مثالا حيا للشهامة والشجاعة في النهوض بالقضية العادلة قضية الوقوف في وجه الطغيان.. إن كربلاء عند الشيعية هي البداية هي النواة الصلبة التي ينعقد حولها الايمان ذاته، ان كربلاء تلخص مثل التشيع العليا ألا وهي الإخلاص للأئمة والإمامة كأصل من أصول الدين والإلتزام بإحقاق الحق في وجه الظلم والإستبداد).
أيها الإخوة والأخوات وللشعائر الحسينية والمشاركة فيها أثر في جعل الإنسان يكره الظلم ويتجنب أن يظلم أحدا، وهذا أثر مكمل للأثر السابق أي تقوية روح مواجهة الظلم والإستبداد والظالمين، عن هذا الأثر يحدثنا في الإتصال الهاتفي التالي ضيفنا الكريم سماحة (الشيخ اديب حيدر الباحث الاسلاميمن لبنان)، نستمع معا:
الشيخ اديب حيدر: بسم الله الرحمن الرحيم عظم الله اجورنا واجوركم واجور الامة الاسلامية بهذا المصاب الكبير جداً
نحن لما سمعنا عبر التاريخ ان الحسين قال "هل من ناصر ينصرني، هل ذاب يذب عن حرم رسول الله" نصرة الحسين لاتعني ان نذهب ونخلصه من القتل، الامام الحسين كان يعلم انه مقتول لامحالة لكن هذا النداء كان للاجيال الذين قال لهم انا نصرت الدين فبقاء الدين انتصار لي، اذا ذهب الدين ومحق الدين فأنا اكون قد قدمت نفسي مجاناً وبدون مقابل فلذلك اليوم الذين يقولون لبيك يا ابا عبد الله هو التزام بنداء الامام الحسين في حفظ الدين ولذلك المشاركة في المآتم الحسينية والاستفادة من معالمها هو ترسيخ لمعالم الاخلاق والقيم والالتزام بالصوم والصلاة والحج، الالتزام بالجهاد وانكار المنكر والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه الحركة الحيوية في اصلاح المجتمعات نستمدها من نداء الامام الحسين الذي وجهه للاجيال ولذلك وجود المقاومة والثورة الاسلامية هو صدى لنداء الامام الحسين وبالفعل نصرة حقيقية للامام الحسين لأن انتصار الامام الحسين ببقاء الدين وبقاء القيم وبقاء الاسلام وبقاء القرآن حاكم في هذه المجتمعات، الامام الحسين عندما قال "هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله" تعلمون ان مكة لها ميقات ولها حرم، حتى الذباب آمن في داخل الحرم ولذلك الامام الحسين يريد من هذه الامة ان تحافظ على حرمة الاسلام وان تحافظ على كينونة الاسلام وان تدافع عن كل اعتداء يتوجه الى الامة الاسلامية فالمقاومة الاسلامية في لبنان هي رد صدى لنداء الامام الحسين للحفاظ عن حرم رسول الله، الثورة الاسلامية كانت رد صدى عندما طلب النصرة من اجل اعلاء كلمة الدين والحمد لله اليوم المسيرة تتوسع وتترسخ ونحن في طريق المسار الى الوصول لنتلاقى مع الامام القادم في المستقبل، الامام المهدي لنسير نحن نصف الطريق بأتجاه ويسير هو نصف الطريق بأتجاهنا، نحمل الراية الحمراء، راية الامام الحسين للوصول الى اهدافنا.
جزيل الشكر نقدمه لسماحة (الشيخ اديب حيدر الباحث الاسلاميمن لبنان) على هذه التوضيحات لأثر الشعائر الحسينية والمشاركة فيها في جعل الإنسان يكره الظلم ويتجنب أن يظلم أحدا.
لازلنا معكم أعزائنا مستمعي صوت الجمهورية الإسلامية في إيران في الحلقة السابعة عشرة من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات). ونتابع نقل شهادات المفكرين غير المسلمين بشأن آثار الشعائر الحسينية في نشر روح الرفض للظلم والظالمين… ومن هذه الشهادات شهادة البروفسور (فرانسو تويال) المدير في المدرسة الحربية العليا للجيوش الفرنسية، حيث يقول في كتابه (الشيعة في العالم): (إن أهمية مذبحة كربلاء لا تقاس بمجرد الحدث كمعركة صغيرة بين فريقين دامت يوما واحدا وأسفرت عن العشرات من القتلى، فإن موت الحسين حفيد النبي يتخذ رمزا ويصبح شعارا في الإسلام قوامه الصراع من أجل الخير والحق والإستشهاد من أجل العدالة.. وهكذا ولدت لدى الشيعة لمدى اجيال العلاقة بين الإستشهاد والحقيقة وبين الألم والعدالة).
ويقول البروفسور (نانجي) مدير معهد الدراسات الإسلامية في لندن في كتابه (الإمام الحسين الدور النموذج): (بالنسبة إلى الشيعة فإن كربلاء هي رمز الشقاء والعزاء لكنها تجسد أيضا معنى الرفض لتكبيل السلطة الإسلامية الحقة.. والإستعداد حتى لتحدي السلطة غير الشرعية. ..)
أعزائنا المستمعين إن قيم طلب العدالة التي تجسدها ملحمة عاشوراء تبعثها وتقويها الشعائر الحسينية ليس لدى المسلمين فقط بل لدى غير المسلمين أيضا كما نجد في شهادات عدة لمفكرين غير مسلمين، منهم الكاتب اللبناني (إنطوان بارا) في كتابه (الحسين في الفكر المسيحي): (الحسين هو شمعة الإسلام التي أضاءت ضمير الأديان إلى أبد الدهور)…
أما استاذ القانون الفرنسي (فكتور ماسيون) فله حديث عن مظلومية الإمام الحسين – عليه السلام – وطريقة قتله المروعة ويصفها بأنها (كانت جوهر الخلود لمن طلب الحياة الأبدية).
نشكر لكم أحبتنا مستمعي إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في إيران طيب الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات).
تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.