السلام عليكم أحبتنا ورحمة الله وبركاته، تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع حلقة أخرى من هذا البرنامج...
تحدثنا أيها الأعزاء في الحلقة السابقة من البرنامج عن ظاهرة مشاركة غير المسلمين في الشعائر الحسينية وهي ظاهرة مشهودة في كثير من بقاع التي تقام فيها هذه الشعائر المقدسة...
هذه الظاهرة تشير فيما تعبر عنه، الى قوة العامل الإنساني في الملحمة الحسينية بحيث تشد إليها كل القلوب التي تطمع للحرية والعزة والكرامة أياً كان إنتمائها الديني.. إذ أن القيم الإنسانية السامية التي تجلت في ملحمة سيد الشهداء – عليه السلام – هي قيم فطرية يعشقها كل قلب إنساني فينطلق للتفاعل مع هذه الملحمة وبصورة تؤدي الى ترسيخ قيم الخير فيه.
في محرم الحرام من سنة ۱٤۳۰ للهجرة تم في مدينة البصرة العراقية تشكيل موكب (عيسى بن مريم) الحسيني، ويشارك هذا الموكب مع المسلمين في هذه المدينة في إقامة الشعائر الحسينية في شهر محرم الحرام وكذلك في تقديم الخدمات لزوار الحسين _عليه السلام_ في شعائر زيارة الأربعين الخالدة؛
وقال المسؤولون عن هذا الموكب إن الإخوة المسيحين يشاركون إخوانهم المسلمين عبر في مراسم العزاء الإطعام إعتزازاً ومحبة وتعظيما لقضية الحسين وفدائه العزيز في سبيل الإنسانية...
كما يشارك في هذا الشعائر المقدسة في مدينة البصرة وعدد من المحافظات العراقية مواكب من طائفة (الصابئة المندائيين) في محافظتي البصرة و ميسان.
وكذلك مواكب مسيحين من طوائف عدة في محافظات الموصل و كركوك وبغداد يتوجهون الى كربلاء في شعائر الزيارة الأربعينية الخالدة.
نعم مستمعينا الأفاضل، إن جميع المتطلعين للعيش بكرامة وعزة إذا تعرفوا على ملحمة سيد الشهداء _عليهم السلام_ وجدوا فيها النموذج الأسمى للإنتصار الحقيقي في رفض الظلم و الجور وفي سبيل تخليد قيم الحياة الكريمة في الوجدان الإنساني العام وليس في الوجدان الإسلامي أو الشيعي فقط...
وهذا الأمر هو أحد أسرار ظاهرة مشاركة غير المسلمين في الشعائر الحسينية وتفاعلهم مع الملحمة القدسية التي تعبر عنها...
عن دلالات هذه الظاهرة يحدثنا مشكوراً ضيفنا الكريم في هذا اللقاء سماحة ( الدكتور زينب عيسى) ، نستمع معاً:
الدكتور زينب عيسى: نعم حقيقة هذا سؤال بتنا نشاهده في وقتنا الحاضر وانا اشاهده في جمعية السيدة زينب الخيرية في موقعي كمديرة جمعية السيدة زينب الخيرية في بيروت وفي منطقة اكثرها من المذاهب والطوائف المباينة عن الاسلام، من الطوائف الاسلامية والمذاهب المغايرة. نحن نلحظ خلال مراسيم عاشوراء مشاركة للمسلمين غير الشيعة الذين ينادون بالحسين، لماذا؟ لأن ثورة الحسين هي صدى لعقيدة راسخة عالمية، ان الحسين ينادي الى احقاق الحق ومحاربة الجور والظلم وكل من في العلم ينادي ويطلب العدل، يطلب المساواة، يطلب العيش الكريم. ان ثورة الحسين في ذلك الوقت لم تكن لمذهب وطائفة معينة وهذا ما وعته الناس في وقتنا الحاضر، الحسين كان صوته وثب من اعماق، صوت الحسين وثب وثبة شجاعة من اعماق سجون التسلط ليكسر جدران العبودية ويطلق هواء الحرية في صدى الزمان وهو صوت عالمي من هنا اهمية مشاركة الاخرين وهذا ما يجب نحن ان نعمل عليه، ان نبين خط الحسين، الخط الصحيح، الثورة الحسينية على حقيقتها لأن كل من في العالم يطالب بهكذا حقوق وبهذه الثورة.
جزيل الشكر نقدمه لسماحة (الدكتور زينب عيسى) على التوضيحات المتقدمة ونتابع أيها الأعزاء الحديث عن ظاهرة جذب الشعائر الحسينية لغير المسلمين للمشاركة فيها و هو موضوع هذه الحلقة من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات و بركات) تستمعون لها من إذاعة صوت الجمهورية الاسلامية في ايران...
وهنا نشير أيها الأخوة و الأخوات الى أن من بركات هذه الشعائر المقدسة الإسلامية هو جذب غير المسلمين للتعرف على أصل الملحمة التي سجلها الحسين وقال الحسين – عليه وعليهم السلام – في واقعة كربلاء و بالتالي جذبهم الى الدين الحق، وهذه ظاهرة مشهودة في قصص الذين يعتنقون الإسلام في مختلف أرجاء العالم.
فمثلاً نشير الى مساهمة على أحد المواقع الإلكترونية الأخ الموسوي المقيم في بلجيكا عن إقامة الجالية الإسلامية للشعائر الحسينية في هذا البلد الأوروبي، تحدث هذا الأخ عن مصاديق تأثير هذه الشعائر على بساطتها و محدوديتها على أهل هذا البلد وأشار أن معظم الذين إعتنقوا الإسلام منهم كان ببركة التأثر بالملحمة الحسينية بعد التعرف عليها من خلال هذه الشعائر.
مستمعينا الأكارم، لاحظوا ما يقوله الكاتب المسيحي (إنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يشير الى قوة الجذب في ملحمة سيد الشهداء _عليه السلام_ قال ما ملخصه: (إن النظر لكربلاء من زاوية الفكر المسيحي هو بمثابة النظر الى هذه الثورة من زاوية انسانية ذلك أن الفكر المسيحي ما هو إلا جزء من الفكر الإنساني... ان المجزرة التي وقعت على ارض كربلاء تحمل من القيم الرفيعة ما لم تحمله واقعه لا سابقة لها ولا لاحقة... إنها حاضرة في وجدان العقلاء والمنصفين من بني البشر الذين يتألمون لصرخات البشرية ومناظر الفقر والجوع والتشريد والظلم وسحق الحقوق في العالم و نقل هذا الكاتب المسيحي عن أحد القساوسة قوله: -
لو كان الحسين من المسيحين لنشرنا له في كل أرض راية ولأقمنا له في كل أرض منبر ولدعونا الناس الى المسيحية بأسم الإسلام...)
ولاحظوا أعزاءنا أيضاً ما قاله الكاتب المسيحي اللبناني الآخر الأديب سليمان كتاني في كتابه (الإمام الحسين في حلة البرفير): (لم تكن مسيرة الحسين من مكة الى العراق نزفاً موصلاً الى الإنتحار.. إنما كانت مسيرة الروح والعقل والعزم والضمير الى الواحة الكبرى التي لا يرويها إلا العنفوان والوجدان... إن مجتمعاً يخسر معركة الكرامة... وكربلاء إني إتمثلها الخشبة العريضة التي عرضت فوقها مشاهد الملحمة التي كان نجمها الكبير... الحسين بن علي...) ونضيف هنا مستمعينا الأكارم أن الشعائر الحسينية هي التي تعرض بعض مشاهد هذه الملحمة للعالمين.
وها نحن نصل ايها الأعزاء الى ختام الحلقة الخامسة والعشرين من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات و بركات) إستمعتم لها من صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم الحسينية منطلقات وبركات) إستمعتم لها من صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم ودمتم في رعاية الله.