السلام عليكم أحبتنا ورحمة الله وبركاته…تحية طيبة مباركة ندعوكم بها لمرافقتنا في حلقة اليوم من هذا البرنامج نفتتحها بكلمةٍ معتبرة عن إحدى البركات الإساسية للشعائرالحسيينية…
هذه الكلمة هي للمفكرالهندي الشهير( تاملاس توندون) رئيس حزب المؤتمرالوطني الهندي أيام مقارعة الإستعمارالبريطاني …قال هذا المفكربعد مشاهدته لجانب من شعائرإحياء واقعة عاشوراء في الهند:
(إن هذه التضحيات السامية كأستشهاد الحسين رفعت مستوى الفكرالإنساني ولذلك فهي جديرة بأن يبقى ذكرها خالداً ويتكررإحياؤها بأستمرار).
نعم، أعزاءنا المستمعين، لقد إنتبه هذا الزعيم النهضوي المهم في الملحمة الحسينية، إذ أنها قدمت نموذجاً سامياً في التضحية في سبيل المبادئ والقيم الإنسانية وقامت بذلك برفع مستوى الفكرالإنساني كمحصلةٍ كلية من خلال تعرفها على هذا النموذج.
ولذلك بادرهذا الزعيم النهضوي الأستاذ (تامالاس توندون) للدعوة الى إحياء ذكريات الملحمة الحسينية لكي تتواصل آثارها في التأثيرعلى رفع مستوى الفكرالنهضوي الإنساني وهذا ما تحققه في الواقع الشعائرالحسينية بمختلف أشكالها، وإن إستغربها البعض…لاحظوا أعزاءنا ما يقوله المؤرخ الفرنسي (موريس دي كابرا) بهذا الخصوص حيث قال:-
(لو عرف مؤرخونا [يعني المؤرخين الغربيين] حقيقة واقعة يوم عاشوراء وأدركوا ابعادها، لما ظنوا بأن طقوس العزاء التي يقوم بها هؤلاء المسلمون أعمالاً جنونية…لأن أتباع الحسين وبواسطة طقوس العزاء الحسيني يتعلمون أن يرفضوا الركون لإذلال المستعمرين إتباعاً لشعارسيدهم الحسين الذي أبي الخضوع للذل)
أيها الأخوة والأخوات…ووصولاً الى تحقيق هذا الأثرالنهضوي المهم من بركات الشعائرالحسينية تضمنت الأحاديث الشريفة آداباً عدة لإقامة هذه الشعائرالعبادية السياسية المقدسة يحدثنا عن نظرة إجمالية بشأنها، ضيفنا الكريم سماحة (الشيخ ابراهيم الحجاب)، نستمع معاً
الشيخ ابراهيم الحجاب: بسم الله الرحمن الرحيم
الشعائر الحسينية هي رمز للولاء والحب للحسين سلام الله عليه ولأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين يعني الحب لرسول الله وال بيته الاطهار والاغرار في عشقنا وحبنا للحسين سلام الله عليه وبالطبع بما اننا نعظم هذه الشعائر لكونها من شعائر الله فأنها من تقوى القلوب يعني نمتلك قلوب تقية مؤمنة، هذا القلب التقي المؤمن يقيناً لابد ان يتأدب بآداب الاسلام، بآداب الشرع المطهر لأنه السفير لرسول الله صلى الله عليه واله، السفير للحسين سلام الله عليه ولأهل البيت فالامام الصادق بأبي هو وامي يقول "شيعتنا كونوا زيناً لنا ولاتكونوا شيناً علينا" حتى يقال ان جعفر بن محمد "فلقد ادب شيعته" فبالطبع لايمنع ان تكون عاطفتنا للحسين سلام الله عليه وحب الحسين من خلال احياء هذه الشعيرة المباركة شعائر الحسين، لابد ان نراعي الاداب الشرعية ونعرف اننا الان في عصر يختلف عن العصور السابقة، الان عصر الانترنت، عصر القنوات الفضائية وكل شيء يسجل وكلما سجل شيء نفذ الينا، يقال انظر هكذا الشيعة يفعلون، هكذا عشاق الحسين يفعلون فلابد لنا عندما نريد ان نحيي هذه الشعائر المباركة لابد لنا ان نراعي كل ماهو لايسيء الى مذهبنا يعني الامور التي فيها منفعة، فيها مصلحة يعني يأتي الانسان ويشاهد القنوات الفضائية ويشاهد كيف نحيي هذه الاداب بما يرضي الله عزوجل، بما ينفع المجتمع، المجتمع ينجذب الى ذلك لكن عندما نقوم ببعض الاداب التي تنفر حتى النفوس فهذه بلاشك ولاريب انها تنافي عقيدتنا وتنافي مبادئ الحسين وتنافي الطريق الذي سلكه لنا الحسين اذن خلاصة ما اريد قوله في الاداب الشرعية هو اننا نتأدب بأخلاق النبي صلى الله عليه واله في كل شيء، نتأدب بسيرة الحسين، السيرة المباركة التي نلاحظ من خلالها عندما جاءه حر بن يزيد الرياحي منعه وكانوا عطاشا وسقوهم الماء يعني هنا من خلال الاداب التي تأدب بها الحسين سلام الله عليه حتى الاعداء الذين جاءوا ضده لم يبخل عليهم بل اكثر من ذلك جاء لذلك الرجل الشامي وهو بنفسه قام وسقاه الماء هكذا حسين عليه السلام رسم لنا الطريق وعلينا ان نتأدب بهذه الاداب المباركة لنظهر صورة رائعة وجميلة تدل على انتماءنا الحقيقي للحسين سلام الله عليه.
إستمعتم أحباءنا من إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في ايران الى نظرة إجمالية لإداب إقامة الشعائرالحسينية قدمها ضيف هذه الحلقة من برنامج (الشعائرالحسينية منطلقات وبركات) سماحة (الشيخ ابراهيم الحجاب) فشكراً له وشكراً لكم وأنتم تواصلون الإستماع لهذا البرنامج.
مستمعينا الأعزاء، لاحظتم فيما تقدم من البرنامج أن من بركات إقامة شعائرسيد الشهداء- عليه السلام- رفع مستوى الفكرالإنساني وبالتالي حفظ القيم الإنسانية السليمة في القلوب وذلك إستلهاماً مما تجلى في مواقف الملحمة الحسينية…
والى جانب ذلك تقوم الشعائرالحسينية بتقوية القيم الإلهية أيضاً وترسخها في القلوب، لاحظوا أعزاءنا الروائي البريطاني المشهور (چارلزچيكنز) عن الملحمة الحسينية حيث قال: (إذا كان هدف الحسين من القتال الحصول على مكاسب دنيوية فكيف نفسر إصطحابه لأخواته ونسائه وأطفاله؟ إذن فالعقل يحكم بأن هدفه من كل تضحياته هوالإسلام لا غير).
مستمعينا الأفاضل، الحقيقة المتقدمة أدركها كل من درس النهضة الحسينية حتى من غيرالمسلمين وعرفوا أنها نهضة إلهية مقدسة إمتزج فيها سموالذات المضحية بقدسية الأهداف التي ضحى من أجلها… يقول العالم البريطاني (توماس كارلايل): (إن أعظم درس نحصل عليه من تراجيديا واقعة كربلاء هو الحسين وصحبه آمنوا بالله إيماناً راسخاً، وأثبتوا بتضحياتهم أن لا أهمية للكثرة العددية في صراع الحق ضد الباطل…لقد آثار إعجابي إنتصارالحسين مع قلة ناصريه)…
من هنا فإن الشعائرالتي تخلد هذه الملحمة وتذكرالأجيال بها إنما تروج وترسخ في القلوب الإيمان بالله والجهاد في سبيله في ظل أصعب الظروف.
بل وإن ترسخها للإيمان بالله وقيمه عزوجل بالقلوب يكون بطاقة معنوية عالية مستلهمة مع عظمة التضحيات الحسينية التي لم يشهد لها التأريخ الإنساني نظيراً لاحظوا أيها الأعزاء ما يقوله العالم البريطاني المسيحي (توماس ماسارريغ) وهو يقارن بين الفداء العيسوي والفداء الحسيني، قال: (إن قساوستنا يثيرون أيضاً مشاعرالناس بما يذكرونه من مصائب حلت بالسيد المسيح…ولكننا لانجد لذلك الهيجان العاطفي والحماس الذي نشاهده في إتباع الحسين أثراً في أتباع المسيح، ولعل السبب هوأن مصائب المسيح هي بمثابة قطره مقابل بحرمصائب الحسين).
إذن فالنتيجة التي نحصل عليها مما تقدم ايها الأعزاء هو أن الشعائرالحسينية تساهم في رفع مستوى الفكرالنهضوي الإنساني عموماً وفي حفظ القيم الإنسانية في القلوب مثلما تساهم في ترويج وحفظ القيم الإلهية وترسيخها بالقلوب ببركة الطاقة المعنوية الهائلة التي زخرت بها ملحمة سيد الشهداء عليه آلاف التحية والثناء. وبهذه الخلاصة ننهي الحلقة الثانية والعشرين من برنامج (الشعائرالحسينية منطلقات وبركات) قدمناها لكم من صوت الجمهورية الإسلامية في ايران تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.