السلام عليكم اعزاءنا المستمعين ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في الحلقة الرابعة والعشرين من برنامجكم هذا...
أيها ألاحبة من الظواهر المشهودة في الشعائر الحسينية إشتراك الكثيرين من غير المسلمين ومن أديان مختلفة فيها بل وأندفاعهم لتقديم الخدمات لمجالس العزاء الحسيني وتقديم النذور والتوسل الى الله عزوجل بذلك و حصولهم بالفعل على قضاء حواجهم وشفاء مرضاهم ببركة ذلك والشواهد على ذلك كثيرة تشهدها المجالس الحسينية في اقطار العالم. فمثلا شهدت مدينة الناصرية العراقية في موسم زيارة الاربعين لسنة ۱۳٤۲ للهجرة قيام إمرأة صينية مع زوجها بتقديم الطعام والماء للمشاة من زوار الامام الحسين _ عليه السلام _. و هؤلاء الصينيون هم من عمال إحدى الشركات قاموا بهذا العمل بعد أن جذبت إنتباههم شعيرة المشي لزيارة الحسين _عليه السلام_ فسألوا عنها فأخبروهم بشي من قضية الامام الحسين عليه السلام وقرروا أن يشاركوا في شعائره بتقديم هذه الخدمات..
وقد أكدت المرأة الصينية ألمشار اليها في جواب سؤال مراسل وكالة أنباء الناصرية عن سبب قيامها بهذه الخدمة..أكدت أنها بعدما عرفت قضية الحسين شعرت بأن هذا الرجل المقدس له حق على البشرية جمعاء.
أيها ألأخوة والاخوات...ونقلت مجلة ( نور دانش ) الايرانية عن مفكر غربي هو (السير إل. ام بويد) شارك في مجلس عزاء الحسين _عليه السلام_ في بريطانيا ثم قال عن سبب مشاركته : (إن المجتمع البشري وطول تأريخه يعشق الشجاعة والشهامة وعظمة الروح والقلب والجرأة الروحانية التي لاترضى بأن تستسلم أبدا لقوى الظلم والفساد.. وهذه الشهامة التحررية هي سر عظمة الحسين.. وأنا أشعر بالافتخار والإعتزاز لانني اشارك الذين لازالوا يمجدون تضحية الحسين عليه السلام العظيمة رغم مرور ألف وثلاثمائة سنة عليها..) ولاحظوا أحباءنا مايقوله البرفسور الغربي الشهير (إدوارد براون) عن الملحمة الحسينية حيث قال لايستطيع حتى غير المسلمين إنكار الطهارة الروحية التي كانت وراء واقعة كربلاء.
نعم مستمعينا الافاضل ، إن قوة العامل الروحي والمعنوي في التضحية الحسينية و واقعة عاشوراء جعل الشعائر المرتبطة بها عامل جذب أساسي للقلوب الإنسانية مهما كان إنتمائهما.. وهذا مايفسر لنا كثرة المهتدين الى الحق ببركة التفاعل مع الشعائر الحسينية.
كما ان تجليات العطاء التضحوي قد ظهرت في الملحمة الحسينية بمختلف إشكالها وبأعلى المراتب التي عرفتها ألمجتمعات الإنسانية ، وهذا الامر إنعكس في الشعائر التي تخلد هذه الملحمة المقدسة... فنجد أن من الظواهر المشهودة اندفاع المومنين في الإنفاق بمختلف صوره في أقامة هذه الشعائر المقدسة...
المزيد من التوضيح لهذه الظاهرة وأبعادها ودلالاتها نستمع اليه في الحديث الهاتفي من سماحة (السيد سعيد درويش).
السيد سعيد درويش: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم صلى الله على سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
من اهم المسائل التي ينصر بها الدين هو عملية الانفاق لأحياء معالمه وظواهره لذلك نلاحظ في الايات القرآنية المباركة التأكيد على الاعمال الجهادية فيقدم الله سبحانه وتعالى في السور القرآنية وفي الايات عملية البذل والانفاق على الجهاد بالنفس فالكثير من الايات تتحدث عن "جاهدوا بأموالكم وانفسكم" فالقدرة الاقتصادية محركة للكثير من القضايا الدنيوية بطبيعة الوجود البشري في الحياة كذلك في احياء الظاهرة الحسينية المباركة فأن عملية الانفاق تؤدي كذلك الى استمرارية هذه الثورة فضلاً على ان الاستعداد النفسي والروحي هو الموجه الاول ولكن اقامة الشعائر يحتاج الى عملية الانفاق لذلك في الحديث "احيوا امرنا رحم الله من احيا امرنا" فقضية البذل تساهم في عملية الاحياء وتأمين كامل القدرات الاقتصادية التي تؤثر في استمرارية النهج الاسلامي والدين لذلك عندنا في الشرع انه انفاق سنة يسقط عنه الواجب الجهادي فكيف ذلك في اقامة كافة الشعائر الدينية، كلما احتجنا الى انفاق لابد ان يقدمه الشرع من قبل المستطيعين من اجل استمرارية هذه المراسم والشعائر التي فيها نصرة لدين الله سبحانه وتعالى لذلك وجدنا في مسيرة النبي صلى الله تعالى عليه واله وسلم انه كان يقدم على عملية الانفاق ويحث الصحابة عليها من اجل استمرارية مشروع الرسالة اذن جهاد النبي ومن معه من اتباع بأموالهم وبالانفس قدمت استمرارية للاسلام ولشعائره كذلك الثورة الحسينية احتاجت الى من يبذل فالنبي صلى الله عليه واله عندما تحدث عن بنية الاسلام قال بني الاسلام بأموال خديجة رضوان الله تعالى وصلواته عليها وكذلك الثورة الحسينية لحفيد رسول الله تحتاج الى عملية استمرار ودعم لذلك ندعو لأستمرارية كافة الشعائر الربانية من شعائر الاسلام المستمرة من محمد صلى الله عليه واله الى ظهور قائمنا ان تستمر عملية الدعم لكل مشاريع الاسلام لتبقى البنية قائمة حتى يأذن الله بحكومة العدل على الارض.
أيها الاخوة والاخوات ، كانت هذه توضيحات سماحة (السيد سعيد درويش)
بشأن ظاهرة الإنفاق المشهودة في الشعائر المرتبطة بسيد الشهداء _ عليه السلام _ فشكرا له وشكرا لكم وأنتم تتابعون الاستماع لحلقة اليوم من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات) تستمعون لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في إيران..
أعزاءنا المستمعين... إن البعد الأنساني العام في ملحمة سيد الشهداء سلام الله عليه صار عامل جذب قوي للمشاعر الانسانية في مختلف الديانات الاخرى... وقد ظهر ذلك في مشاركتهم في هذه الشعائر كما المحنا لذلك في مقدمة هذا اللقاء.
وبذلك صارت الشعائر الحسينية إحدى المنطلقات الاساسية لحوار الأديان فمثلا شهد موسم الزيارة الاربعينية في عام ۱٤۳۲للهجرة مشاركة واسعة للاخوة المسيحيين من داخل العراق وخارجه في مسيرة المشاة الى الحرم الحسيني المبارك... مثل مشاركة القس (معن بيطار) من كنيسة الاصلاح في سوريا حيث ذهب مع حشود المشاة من النجف الاشرف الى كربلاء ، ذهب زائرا مشيا الى ألحرم الحسيني و قال عن ذلك : أنني لأول مرة ازور كربلاء وأشارك المسلمين مسيراتهم اليها.. فهذا المكان يعنيني أيضا... لقد كانت رغبة منذ زمان ان أشاهد أرض المعركة والمأساة ومحل إنفجار هذه القنبلة الروحية... لقد شاهدتها فوجدتها أكثر تطورا مما كان في مخيلتي... وجدت مقامات لأماكن المعركة والمأساة بكاملها مما يعطي انطباعا ان المعركة لازالت مستمرة وبجوار المرقد الشريف للأمام الحسين الذي يعني الحرية والكرامة للأنسان وهما أغلى شيء بالوجود.
ويبقى أعزاءنا ان نشير الى أن موسم الزيارة الاربعينية في العام نفسه شهد مجيء (٥۳۰) شخصا من سبعة وأربعين دولة ومن أديان مختلفة عبر الحدود العراقية من منفذ (بدرة) الحدودي متوجهين الى كربلاء المقدسة لأعلان أعتناقهم الأسلام في حرم الحسين وضمن أقامة شعيرة زيارته
الاربعينية _عليه السلام_.
والى هنا ينتهي اعزائنا لقاء اليوم من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات) قدمناه لكم من إذاعة صوت الجمهورية الاسلامية في إيران تقبل الله منكم حسن الاصغاء ودمتم في رعايته سالمين.