السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله معكم في الحلقة الثامنة من هذا البرنامج نتناول فيها تصريحات عدد من فقهاء مدرسة الثقلين فيما يرتبط بمنطلقات وبركات إقامة الشعائر الحسينية، تابعونا مشكورين.
في جواب على استفتاء منشور في كتاب (الإستفتاءات) للفقيه الجليل الإمام الخميني وصف رضوان الله عليه الشعائر الحسينية بأنها من أعظم القربات إلى الله عزوجل. وقد جرت سيرته – رحمة الله عليه – عمليا على تعظيم هذه الشعائر وإقامة المجاالس الحسينية في داره قبل إنتصار الثورة الإسلامية وبعدها.... وفي جواب عن سؤال يقول: ما هو رأيكم في الشعائر الحسينية، وما هو الرد على القائلين، بأنها طقوس لم تكن على عهد الأئمة الأطهار، فلا مشروعية لها ؟ أجاب الفقيه الورع آية الله الميرزا جواد التبريزي النجفي كما ورد في الجزء الثاني من كتاب صراط النجاة قائلا: كانت الشيعة في عهد الأئمة عليهم السلام تعيش التقية، وعدم وجود الشعائر في وقتهم لعدم إمكانها، لا يدل على عدم المشروعية في هذه الأزمنة، ولو كانت الشيعة في ذلك الوقت تعيش مثل هذه الأزمنة من حيث إمكانية إظهار الشعائر وإقامتها لفعلوا كما فعلنا، مثل نصب الأعلام السوداء على أبواب الحسينيات بل الدور إظهارا للحزن، ولو كان ذلك بدعة لكان هذا أيضا بدعة، حيث لم يكن في زمن الأئمة عليهم السلام، وبالجملة فكل هذا يدخل تحت شعائر الله، وإظهارا للحزن بما أصاب الإمام الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه أو سائر الأئمة عليهم السلام.
مستمعينا الأفاضل، وكما تقدم فقد وصف الإمام الخميني –قدس سره الشريف– إقامة الشعائر الحسينية بأنها من أعظم القربات إلى الله عزوجل وهي عبارة مؤثرة نستمع للمزيد من التوضيح لها من ضيفنا الكريم سماحة (الشيخ اديب حيدر عضوالمجلس الشيعي الاعلى في لبنان)، كونوا معنا.
الشيخ اديب حيدر: بسم الله الرحمن الرحيم عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب سيدنا ومولانا الامام ابي عبد الله الحسين عليه السلام
عندما يعبر الامام الخميني قدس سره بقوله "ان كل مالدينا هو من عاشوراء" بالتالي يبين ان الشعائر الحسينية هي من اهم موارد التكليف الذي ينقلنا الى طاعة الله سبحانه وتعالى، عندما يكون الشعار المعبر عن الحكم، مواجهة الظالم هو حكم شرعي، مواجهة الباطل هو حكم شرعي، الجهاد في سبيل الله هو حكم شرعي ومن الاركان التي قام عليها الاسلام ولذلك عندما الامام الحسين خرج بتكليفه الالهي ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وليطلب الاصلاح في امة جده محمد صلى الله عليه واله وسلم هذا الامر الذي جعل النبي صلى الله عليه واله وسلم عن الامام الحسين "حسين مني وانا من حسين" اذن الشعائر الحسينية ليست مجرد كلمات او عبارات عادية الشعائر الحسينية هي عبارة عن قضية العدالة في مواجهة الظلم، هي قضية الاستحقاق الالهي في مقابلة اهل الباطل فالامام الحسين هو الوريث للانبياء ووريث لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم في كل قضاياه ولذلك ليست الشعائر الحسينية هي مجرد شعارات بل هي تكاليف يعني هناك تكليف للامة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر لذلك تعظيم الشعائر الحسينية هو اقامة المعنى الضمني لهذه الشعائر وهي التي اطلقها الامام الحسين "مثلي لايباع مثله" وهذا موقف وقاعدة سياسية وايضاً الامام الحسين عندما يقول "ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، هيهات منا الذلة" هذا ايضاً موقف اخلاقي ولايجوز لأهل الحق ان يسكتوا على الباطل فعندما نحيي شعائر الامام الحسين نحن بالوقت نحيي الدين ونقيم مراسم الدين ونطبق التكاليف الشرعية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه واله وسلم هذه التكاليف التي جعلها الله طريقاً الى رضاه ومفازاً الى الجنة ونجاة من النار فأن الحسين عليه السلام هو الطريق الذي يوصل بأيدي الناس الى الجنة وينجيهم من النار فتعظيم الشعائر ليس تقليداً وليس عرفاً وليس عادة وليس مجرد ارث ارثناه من آباءنا واجدادنا الشعائر الحسينية هي حية قبل الزمان وقبل المكان وسابقة للزمان والمكان فتعظيم شعائر الامام الحسين كما يعبر عنها الامام الخميني هي صلب وركيزة العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والاخلاقي لنقيم نظام العدالة الذي يستند في قواعده الى القرآن النبوي والى السنة النبوية الشريفة لأن النبي عندما قال "اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي" ورأس هذه العترة هو الامام الحسين عليه السلام لأنه واحد من اصحاب الكساء الخمسة لذلك الامام الحسين يعبر عن مصداقية السنة النبوية وكل مفرداتها الحلال والحرام والواجب والمستحب والمكروه وعندما يضع هذا المعنى في مقدمة كتابه الفقهي الامام يعني ان كل مايدور في فلك الامام الحسين عليه السلام يدور مدار التكاليف الخمسة فعندما نواجه الظالم فأننا نقوم بواجب وعندما نمتنع ان نؤدي العون الى الظالم نحن نمتنع عن فعل محرم وعندما نحيي العبادة والاخلاق والقيم نحن نقوم بسنن الحسين عليه السلام فشعائر الامام الحسين هي جوهر هذا الدين وخلاصة هذا الدين وهو السفينة ولذلك "ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة" فهذا المصباح الذي يضيء الطريق في هذه الظلمات والسفينة التي نجتاز فيها كل هذه الانواء الصعبة والبحار المتلاطمة لنصل الى ساحل الامان والساحل الذي يريده الله لنا ان نصل اليه بسلام فمشروع التغيير العالمي بأتجاه السلم وبأتجاه الخلاص من كل اشكال الظلم واقامة العدل الالهي ينطلق من ثورة الامام الحسين الذي علم الاجيال كيف ينتصر اهل الحق من موقع ضعفهم المادي وقوة ايمانهم الخلقي، كيف ينتصروا على اهل الباطل المتحصنين والمتسلحين بكل اشكال القوة والبغي لذلك الحسين هو مصداق للاية "جاء الحق وزهق الباطل" ففي كل ارض فيها حسين هي كربلاء وفي كل زمان فيه حسين فهو عاشوراء تتجدد ويتجدد شعارها مادام هناك مواجه للحق وضد الباطل.
كانت هذه أيها الإخوة والأخوات توضيحات لقول الإمام الخميني رضوان الله عليه (الشعائر الحسينية من أعظم القربات إلى الله) وقد استمعنا لها من سماحة (الشيخ اديب حيدر عضوالمجلس الشيعي الاعلى في لبنان) فشكرا له ونتابع من صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقديم هذه الحلقة من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات).. فننقل لكم شهادة مؤثرة بهذا الخصوص لأحد مراجع الدين المعاصرين هو آية الله الشيخ لطف الله الصافي أوردها في رسالة جوابية له منشورة في كتابه (اللمحات).. قال (حفظه الله) بعد عبارات خاطب فيها الإمام الحسين –عليه السلام–: لقد ظلمك بنو أمية وأتباعهم، واشتروا لأنفسهم اللعن الأبدي، كما ظلمك من أنكر فضيلة البكاء، والنياحة عليك، وإقامة المآتم والعزاء، وحركة المواكب والهيئات، مما جرت السيرة المتشرعة من الشيعة عليه لما فيه من إحياء أمر أهل البيت –عليهم السلام–، فالشيعة لا تشك فيما هو من ضروريات مذهبه، سيما إذا كان من مقومات مذهبه، ولا تشك فيما دلت عليه السنة النبوية المروية من طرق الفريقين، والأحاديث المتواترة من طرق أهل البيت _عليهم السلام_ على مطلوبيته واستحبابه. لعن الله هذه الثقافة الغربية التي لا تهدف إلا الى إبعادنا عن الاسلام وعن أمجادنا وسنننا. وإني لا يكاد ينقضي عجبي ممن يطلب مني ومن غيري تسجيل استحباب البكاء والتعزية، والابكاء، وإحياء الشعائر الحسينية، بكل شكل ونوع لم يكن منهيا عنه في الشرع، وقد أفتى به الأساطين، وسعوا في ترغيب الناس إليه، وألفوا فيه كتبا مفردة. فقلما تجد كثرة الروايات في موضوع من الموضوعات، مثل ما جاء في البكاء على الحسين _عليه السلام_، والتباكي، والابكاء عليه، وإنشاء الشعر وإنشاده في مصائبه وإظهار الحزن عليه بكل نحو مشروع. وقد أخرج هذه الروايات في كل عصر وطبقة، الرواة الثقات ورجالات علم الحديث، وهي فوق التواتر، هذا مضافا إلى ما ورد من طرق العامة في ذلك.
كانت هذه مستمعينا الأفاضل توضيحات المرجع الديني الفقيه آية الله الشيخ لطف الله الصافي بشأن مشروعية وأهمية إقامة الشعائر المرتبطة بسيد الشهداء عليه السلام، وبها ننهي من إذاعة صوت الجمهورية الأسلامية في إيران تقديم حلقة اليوم من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات) شكرا لكم على جميل الإصغاء ودمتم في رعاية الله.