موضوع البرنامج:
طوبى للغرباء
القرآن الكريم وعلامات الظهور
أخذ بيدي
صاحب العصر وذا
اسمك يسري في عروقي
يطعم النفس نشيد
النصر، يا نفس فذوقي
من رحيق الحق عبي
إنه أزكى الرحيق
هو مفتاح خلاص
وهو مفتاح بريق
بسم الله وله الحمد والمجد مبدأ كل خير ومنتهاه..
والصلاة والسلام على شموس حكمته وهداه.. حبيبنا المصطفى الأمين وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين ورحمة الله وبركاته..
معكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج المهدوي نصحبكم فيها ضمن الفقرات التالية:
الفقرة الخاصة بتكاليف عصر الغيبة وعنوانها في هذا اللقاء: طوبى للغرباء
تليها إجابة عن سؤال الأخت الكريمة (أم فاطمة) من القطيف بشأن: القرآن الكريم وعلامات الظهور
ثم حكاية لأحد العلماء المهدويين الأبرار عنوانها: أخذ بيدي
مع داعئنا بقضاء أطيب الأوقات وأنفعها مع لقاء اليوم من برنامج (شمس خلف السحاب) ندعوكم لمرافقتنا في الفقرة التالية تحت عنوان:
طوبى للغرباء
روى الشيخ النعماني في كتاب (الغيبة) بسنده عن السيد الجليل عبد العظيم الحسني – سلام الله عليه – أنه سمع مولانا الإمام الجواد – صلوات الله عليه – يقول:
"إذا مات إبني علي بدا سرج بعده ثم خفي، فويل للمرتاب وطوبى للغريب الفار بدينه، ثم يكون بعد ذلك أحداث تشيب فيها النواصي ويسير الصم الصلاب".
في هذا الحديث الشريف يشير مولانا تاسع أئمة العترة المحمدية التقي الجواد – صلوات الله عليه – الى إثنين من تكاليف المؤمنين في عصر غيبة خاتم الأوصياء المحمديين بقية الله المهدي – أرواحنا فداه -.
وقد تحدثنا في حلقات سابقة أولها وهو نفي الشكوك ومجاهدة الشبهات العقائدية التي تضعف إيمانه العقلي والقلبي بوجود الإمام الثاني عشر صاحب الزمان بسبب غيبته الظاهرية – عجل الله فرجه – والثبات على الدين الحق الذي أكمله الله لعباده بولاية الأئمة الإثني عشر.
وفي هذا النص يحثنا مولانا الإمام الجواد – عليه السلام – على العمل بهذا الواجب من خلال التحذير من عاقبة المستسلم لهذه الشكوك والشبهات، حيث يقول – عليه السلام -: (فويل للمرتاب)، والويل هو – أجارنا الله منه – من أعلى مراتب الشقاء الذي يحدق بالإنسان، ومن استخدام هذا التعبير في النص الجوادي المتقدم يتضح أن السماح لتلك الشكوك والشبهات الواهية بالدخول الى القلب وتحول الإنسان الى مرتاب شاك بوجود إمام زمانه المحمدي رغم أنه قد نص عليه وأخبر بغيبته جده المصطفى وأوصيائه – عليه وعليهم السلام – في نصوص صحيحة كثيرة متواترة المضمون: هذا الأمر يوقع الشاك في مستنقع الجهل بإمام زمانه ومبايعته والإرتباط به – عليه السلام – وبالتالي تكون عاقبته أن يكوت ميتة جاهلية كما صرح بذلك الحديث النبوي الشهير المروي من الطرق المعتبرة عند مختلف المذاهب الإسلامية.
أما الواجب الثاني من واجبات مؤمني عصر الغيبة الذي يهدينا إليه مولانا الإمام التقي الجواد فهو الذي يشير إليه قوله – عليه السلام – "وطوبى للغريب الفار بدينه".
وهذه العبارة تشير الى حسن عاقبة الذي يفر بدينه في عصر الغيبة، فما معنى القيام بذلك؟
في الإجابة عن هذا السؤال نشير أولاً الى أن هذا التعبير قد ورد في أحاديث مروية عن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – في الكتب المعتبرة عند مختلف المذاهب الإسلامية، وفيها إشارات الى ارتباط الفرار بالدين بقضية الإمام المهدي وغيبته – عجل الله فرجه – فقد روى البخاري في تأريخه ونعيم بن حماد في كتاب الفتن وأبونعيم في الحيلة والزمخشري في ربيع الأبرار وغيرهم بأسانيدهم عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال:
"أحب شيء الى الله تعالى الغرباء.. الذين يفرون بدينهم يجمعون الى عيسى بن مريم".
وجمعهم لعيسى يشير الى نزوله – عليه السلام – لنصرة المهدي – عجل الله فرجه – كما صحت بذلك الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين؛ وهذا يدل على عظمة أجر من يقوم بواجب (الفرار بدينه) من مؤمني عصر الغيبة إذ أنه يصبح من أحباء الله الذين يدخرهم عزوجل لنصرة خليفته المهدي – عجل الله فرجه وجعلنا من خيار أنصاره في غيبته وظهوره -.
أيها الأفاضل، وبعد اتضاح عظمة بركات القيام بهذا الواجب من واجبات عصر الغيبة ننتقل للتعرف الى معنى فرار المؤمن بدينه في عصر الغيبة وكيف يقوم بهذا الواجب؛ فما هو المراد بذلك؟
في الإجابة عن هذا السؤال نقول إن المستفاد من الأحاديث الشريفة أن المقصود بفرار المؤمن بدينه ليس العزلة الظاهرية الكاملة عن المجتمع، فهذا المعنى تنفيه أحاديث عدة تصف الغرباء الفارين بدينهم بأنهم "أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم" كما ورد في حديث نبوي رواه أحمد بن حنبل في مسنده قال النبي الأكرم في مقدمته (طوبى للغرباء) ولما سئل عنهم أجاب – صلى الله عليه وآله – أنه قال في حديث آخر بعد ذكر الفتن: "..فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنتي".
وعليه نفهم من هذه الأحاديث ونظائرها أن هؤلاء الغرباء الذين يفرون بدينهم يتحركون في الوسط الإجتماعي ويحفظون السنة المحمدية النقية ويزيلوا التحريفات عنها ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وغاية الأمر أنهم قلة ومن يطيعهم ويستجيب لهم قلة مقابل كثرة من يعصيهم.
وبعد اتضاح بطلان أن يكون معنى الفرار بالدين هو العزلة عن المجتمع وعن العمل التبليغي، وبملاحظة أن النصوص الشريفة ومنها النص المتقدم تضم الفرار بالدين الى واجب نفي الشبهات والشكوك العقائدية والثبات على التمسك بالدين الحق يتضح من كل ذلك أن القيام بواجب الفرار بالدين يعني حفظ المؤمن التزامه الديني من التأثر بالشبهات والشكوك والتحريفات ومن أشكال سوء الفهم والقراءات المنحرفة للدين الحق التي تحاول تحريف قيم وحقائق الدين المحمدي النقي والإلتزام بها الى حالة تنسجم مع الأوضاع أو أشكال الفهم المتأثرة بالهجوم الثقافي الغربي مثلاً أو دعوات الأئمة المضلين وهذه من مصاديق الفتن التي حذرت منها النصوص الشريفة وأمرت المؤمنين بعدم الدخول فيها لأن في ذلك ضياع الدين.
فمتى تشرق دنيانا
بأصباح حقيقي
ومتى تبتسم الدنيا
بميلاد الشروق
ليرف الحق في الدنيا
منيراً لي طريقي
فحياة النفس بالمهدي
يا نفس أفيقي
وإذا ما ذكر المهدي
ولّى كل ضيق
مستمعينا الأطائب، هل ورد في القرآن الكريم إشارات الى علامات ظهور المهدي المنتظر – عجل الله فرجه -؟
هذا هو السؤال الذي بعثته عبر البريد الإلكتروني الأخت الكريمة (أم فاطمة) من القطيف لبرنامجها وبرنامجكم (شمس خلف السحاب) الذي تستمعون له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
والإجابة عن هذا السؤال نستمع لها من أخينا الحاج عباس باقري في الدقائق التالية:
باقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم مستمعينا الأفاضل وسلام على اختنا الكريمة أم فاطمة. نعم وردت في القرآن الكريم أشارات متعددة الى علامات ظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، هذه القضية هي جزء من حديث الآيات الكريمة من الإعتقاد بالمهدي سلام الله عليه وغيبته وعلامات ظهوره وخصائص دولته، كل هذه الموضوعات وغيرها تناولتها آيات كريمة عدة، جمعها العلماء في كتب مختصة بهذا الموضوع منها كتاب "المحجة فيما نزل في القائم الحجة" للعلامة البحراني رضوان الله عليه اضافة الى كتب اخرى متعددة. لعل من أجمع هذه الكتب هو كتاب الأستاذ عرفان محمود "القضية المهدوية في الرؤية القرآنية". هنا ينبغي الاشارة الى أن هناك عدة احاديث شريفة عندما نقول وردت في القرآن الكريم اشارات الى علامات الظهور بملاحظة تفسير أهل البيت يعني الثقل الثاني للقرآن الكريم. فسرت مجموعة من الآيات الكريمة ببيان مصاديقها بأن من مصاديقها وأسمى مصاديقها وأهم مصاديقها يرتبط بعلامات الظهور. أذكر بعض النماذج لذلك مثلاً ورد في كتاب الغيبة للنعماني أن أبا بصير سأل الامام الباقر سلام الله عليه عن تفسير قول الله عزوجل في الآية الثالثة والخمسين من سورة فصلت "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" هذه الآية لها معنى، هذا المعنى يطبقه الامام الباقر على قضية علامات ظهور الامام المهدي يعني يشير الى أننا ينبغي أن نتعرف على بعض علامات الامام المهدي من خلال تطبيق الآيات الكريمة بالإستعانة ببيان الأئمة المعصومين عليهم السلام. أجاب الامام الباقر فقال "نريهم في أنفسهم المسخ ونريهم في الآفاق إنقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق" وقوله "حتى يتبين لهم أنه الحق" يعني بذلك خروج القائم هو الحق من الله عزوجل يراه هذا الخلق لابد منه يعني الآية الكريمة يستفاد منها الامام الباقر ويعلمنا أن نستفيد بأن فيها اشارات الى أن ظهور الامام المهدي سلام الله عليه ينتج عن حالة من الشعور الوجداني لدى البشر جميعاً بمختلف طوائفهم ومللهم، شعورهم بالحاجة الى منقذ إلهي هو الحق يتبين أن الحق عند محمد وآله الطاهرين كما ورد في تفسير آيات اخرى. هنالك في كتاب الكافي ايضاً رواية اخرى قضية "إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت اعناقهم لها خاضعين" في سورة الشعراء مضمون الآية الكريمة يطبقها على الصيحة السماوية يعني من علامات ظهور المهدي ظهور آيات سماوية يخضع لها البشر ويقرون بأن هذا الذي يظهر الآن مقترن ظهوره بعلامات لايمكن أن تصدر إلا من الله تبارك وتعالى فيما يرتبط بأولياءه. ايضاً من النصوص الواردة في تطبيق بعض الآيات ماورد في ينابيع المودة عن الامام الصادق سلام الله عليه أن أمام قيام القائم علامات بل ومن الله للمؤمنين. سأل الراوي ماهي هذه العلامات؟ قال هذه الآية "لنبلونكم بشيء من الخوف" مضمون الآية، هنا الامام يطبق هذه الآية الكريمة الواردة في سورة البقرة "بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس" كل هذه لعلامات ظهور الامام المهدي يقول بشيء من الخوف لتلقيهم الأسقام، الجوع بغلاء الأسعار، نقص من الأموال بالقحط، بالأنفس بموت ذريع، الثمرات بعدم نزول المطر. اذن هذه كلها علامات مستفادة من الآية الكريمة وتطبيقها على عصر ما قبل ظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. شكراً للأخت أم فاطمة من القطيف وشكراً لكم أحباءنا.
نشكر أخانا الحاج عباس باقري على هذه الإجابة وننقلكم الى رحاب الحكايات الموثقة التي تزيد معرفة بإمام زماننا بقية الله المهدي ودوره – أرواحنا فداه – في رعاية المؤمنين.
تابعونا إذن والفقرة التالية تحت عنوان:
أخذ بيدي
مستمعينا الأفاضل، يعد العلامة الزاهد والمجتهد المتعبد آية الله الشيخ محمود العراقي الميثمي المتوفى سنة ۱۳۰۸ للهجرة من أفاضل تلامذة الشيخ الأنصاري وأعلام أساتذة الحوزة النجفية في عصره، وقد ألف – رضوان الله عليه – بالفارسية كتاباً في الإمام المهدي – عليه السلام – سماه (دار السلام) يعد من أفضل الكتب الجامعة في إثبات وجود إمام العصر ورد الشبهات المثارة بشأن غيبته – عجل الله فرجه -.
ومما نقله في أواخر كتابه قضية جرت له تبين جميل عناية خليفة الله المهدي – أرواحنا فداه – بتثبيت إيمان شيعته وإزالة الشكوك من قلوبهم وبعث الرجاء الصادق وحسن الظن بالرحمة الإلهية في قلوبهم.
قال العلامة الميثمي – قدس سره – وهو يحكي هذه الواقعة:
"ساورتني مدة أفكار أرقتني وآذتني بشأن عاقبتي وما سيؤول إليه بعدما لاحظت أن كثيراً من المعاصرين ومن الأسلاف كانوا يعدون من الأخيار ثم انحرفوا وماتوا وهم يحملون عقائد منحرفة؛ فكانت عاقبتهم عاقبة السوء. إضطربت قلبي بسبب هذه الأفكار وأنا لا أدري ما الذي يضمن أن لا تكون عاقبتي مثل عواقب هؤلاء".
مستمعينا الأفاضل، ومن الله عزوجل على هذا العبد الصالح بأن أراه في عالم الرؤيا الصادقة ما اطمئن له قلبه وأزال عنه تلك الأفكار وثبت قلبه وأناره بأن التمسك بولاية إمام العصر وخليفة الله المهدي – أرواحنا فداه – هو ضمان الفوز بحسن العاقبة.
قال – قدس سره – في تتمة حكايته:
"بقيت على تلك الحالة الى أن رأيت في عالم الرؤيا الصادقة ذات ليلة وكأن مولاي إمام العصر – روحي فداه – قد حضر في مسجد الهندي – وهو من مساجد المباركة قرب المشهد العلوي في النجف الأشرف – كان – عليه السلام – محاطاً بعدد كبير من الأخيار في داخل المسجد، وكنت أنا واقفاً عند الباب أتطلع لخروجه لكي أتشرف بزيارته.. وفجأة رأيته – عليه السلام – وقد اقترب مني، فهويت أقبل قدميه وأنا أقول: فديتك يا مولاي، كيف ستكون عاقبتي؟
وهنا مد – عليه السلام – يده الكريمة وأخذ يدي برأفة وعطف ورفعني عن الأرض وقال وقد علت على شفتيه إبتسامة تأسر القلوب:
لن أذهب إلا وأنت معي.
فوقع في قلبي أن معنى هذه الكلمة هو: لن أدخل الجنة بدونك، وبسماع هذه البشارة الكريمة إستيقظت مسروراً مبتهجاً ولم تعاودني تلك الأفكار بعد هذه الواقعة أبداً".
يا ناصر الإسلام يا غوث الورى
عطفاً بنا، فالكون أجهم مظلم
مولاي لطفاً منك يا نور الهدى
فالظلم باد والضلال مخيم
وقلوبنا ولهى يمزقها الأسى
وصدورنا جرحى يفيض بها الدم
أنت الطبيب لنا فعجل مقبلاً
بالعدل يا من للجراح البلسم
أنت الإمام الحق يا نبع الندى
عجل فديتك فالحشا متضرم
أيها الأطائب، ختاماً تقبلوا جزيل الشكر من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران على جميل متابعتكم لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب.(
دمتم بكل خير وفي أمان الله..