البث المباشر

إستقرار الايمان والانتقال به الى الآخرة

الثلاثاء 26 مارس 2019 - 14:44 بتوقيت طهران
إستقرار الايمان والانتقال به الى الآخرة

الحلقة 8

موضوع الحلقة:
• الاعمال التي تؤدي الى حسن العاقبة والنجاة من العديلة عند الموت 
• مقابلة مع الشيخ محمد السند عن عالم الذر 
• من رواية سياحت غرب (القسم الثامن) 
• حديثان للامام الصادق (عليه السلام) عن استكمال الايمان وعن الختم بالحسنى

*******

السلام عليكم اعزاءنا ورحمة‌ الله وبركاته اهلاً بكم ومرحباً في ثامنة حلقات هذا البرنامج نفتتحها بحديث شريف هو من غرر الاوامر الشرعية فيما يرتبط بترسيخ الايمان وجعله مستقراً في القلب.
وقد علمنا في الحلقة السابقة ان استقرار الايمان في القلب هو اهم ما يحتاجه المؤمن لمواجهة العديلة عند الموت ودحر الهجوم العنيف الذي يشنه الشيطان لسلب الايمان من الانسان وجعله مثله من الغاوين فيخرج من هذه الدنيا كافراً. وقد صرحت الاحاديث الشريفة بان الشيطان يشن هذا الهجوم في حالة احتضار الانسان.
ولذلك فان من اهم المصاديق العملية لاستعداد المؤمن الصادق للموت هو ان يجتهد في سعيه لجعل الايمان مستقراً في قلبه فلا يقدر الشيطان على سلبه منه، ومن الوسائل المهمة لترسيخ الايمان هو ما ذكره الامام الصادق عليه السلام في هذا الحديث الشريف.
وقد رواه الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب عن محمد بن سليمان الديلمي قال: سألت ابا عبد الله (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، ان شيعتك تقول: ان الايمان مستقر ومستودع فعلمني شيئاً اذا انا قلته استكملت الايمان فقال عليه السلام: قل في دبر كل صلاة فريضة:
«رضيت بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وآله نبياً وبالاسلام ديناً وبالقرآن كتاباً وبالكعبة قبلة وبعلي ولياً واماماً وبالحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن صلوات الله عليهم ائمة اللهم اني رضيت بهم ائمة فارضني لهم انك على كل شيء قدير».
لقد عد العلماء رضوان الله عليهم المواظبة على هذا الدعاء‌ من الامور النافعة‌ للنجاة من خطر العديلة عند الموت وهجوم الشيطان لسلب الايمان من الانسان في ساعات الاحتضار. فهذا الدعاء ‌الشريف امر الامام الصادق عليه السلام بتلاوته بعد كل صلاة واجبة كوسيلة لاستكمال الايمان وترسيخه في القلب.
أفهم من كلامكم ان الوقاية او التحصن من اخطار هذا الهجوم الشيطاني تبدأ قبل وقوعه في ساعات الاحتضار وحلول الموت بزمن طويل اجل وقد أشرنا لذلك في الحلقة السابقة، فعندما نراجع المجاميع الحديثية نجد ان اهل بيت النبوة عليهم السلام قد عرفونا بقسمين من الوسائل التي تنجينا من خطر العديلة ‌عن الدين الحق في ساعات الاحتضار ومنزل الموت.
تقصدون ان القسم الاول يشمل الاعمال التي تسبق حلول الموت وهي الاهم بالطبع لأنها هي التي تجعل الايمان مستقراً‌ قوياً في القلب يعجز الشيطان عنه سلبه، فهي بمثابة الاستجابة للأمر القرآني واعدوا لهم ما استطعتم من قوة قبل وقوع المواجهة ضد الاعداء.
بالضبط اما القسم الثاني فهو يشمل الاعمال التي تمثل مصداقاً للاستجابة للامر القرآني خذوا حذركم، اي عند وقوع المواجهة وعند شن العدوان الشيطاني في ساعات الاحتضار فقد وردت جملة من الاحاديث الشريفة التي تبين لنا مجموعة من هذه الوسائل الاحترازية.
اذن الحديث الشريف الذي افتتحنا به هذه الحلقة هو من النوع الاول اجل بل من اهمها ايضاً فحري بالمؤمنين ان لا يغفلوا عن تلاوته في اعقاب الفرائض فهو دعاء شامل في ذكر العقائد الحقة ومشتمل ايضاً على ترسيخها في القلب وترسيخ حالة التسليم والرضا بربوبية الله وولاية اوليائه عليهم السلام.
جزى الله الشيخ عباس القمي خيراً فقد نقل هذا الدعاء‌ في كتابه القيم مفاتيح الجنان بعد ذكره لدعاء‌ العديلة: على اي حال ما رأيكم ان ننقل هنا باقي اعمال القسم الاول من هذه الاعمال التي امرنا بها ائمة ‌الهدى عليهم السلام؟
على الرحب والسعة ولكن لو سمحتم نوكل ذلك الى ما بعد الاستماع لهذا الحوار مع ضيف البرنامج.

*******

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في هذه الفقرة من فقرات برنامج عوالم ومنازل معنا فيها ضيف كريم هو سماحة‌ الشيخ محمد السند. سماحة الشيخ اهلاً بكم ومرحباً.
الشيخ محمد السند: اهلاً وسهلاً وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ جزاكم الله خيراً في الحلقة السابقة وما سبقها ايضا بينتم كثيراً من الحقائق القرآنية فيما يرتبط بعوالم قبل عالم الدنيا ووجود الانسان في تلك العوالم، الآن سوالنا عن عوالم او عالم الذر بالخصوص وهو اقرب العوالم على ما يبدو من بعض الآيات القرآنية ما يفهم انه اقرب العوالم الى عالم الدنيا ما هي خصائص هذا العالم او ما هو الرأي القرآني فيما يرتبط بهذا العالم ووجود الانسان فيه؟ تفضلوا.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين الملحوظ من مفاد آية الذر "واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم، قال، ألست بربكم قالوا بلى ملحوظ فيها ان الآية الكريمة تشير الى ان هناك اذن نشأة ادراكية سابقة لذات وروح الانسان مرتبطة نحو ارتباط بعالم المادة، يعني بعبارة اخرى عالم الذر ليس هو عالم ارواح مجرد عن الابدان وعن المادة ولا هو عالم مادة محض يعني ليس هو كالعلقة وليس هو كالنطفة والمضغة واللحم وكسونا العظام لحما وانما يشير الى ان هناك جنبتان في نشأة عالم الذر هي نشأة ادراكية لانه خطبوا لما لهم من ذوات مدركة واجابوا لأن نمط الأجابة‌ باصوات والفاظ او نمط الاجابة هو في الواقع بتجاوب ادراكي متناسب مع تلك النشأة الادراكية كما ان الانسان تمر به خواطر او معاني في مراتب عقلية في ذهنه فيتجاوب معها وانساق معها ما يتناسب مع تلك المرتبة في قلبه وعقله وباطن روحه.
المقصود ان الآية الكرمية في عالم الذر تشير الى هذا المطلب وهو ان هناك اذن جنبتان في عالم الذر جنبة الى النشأة الادراكية وجنبة مرتبطة ايضاً بنحو من عالم المادة لانه تعبير في الآية الكريمة واذا اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم فمما يدلل على انه اذن له جنبة اتصال ونحو اتصال لعالم المادة فاذن هو ليس عالم ادراكي محض وليس عالم روحاني كما ورد في الحديث النبوي خلق الله الارواح قبل الابدان بالفي عام ولا هو جانب اعدادي مادي محض كما في سلسلة اخرى من الآيات علقة ثم مضغة او نطفة ثم تصير الى العلقة والعلقة الى المضغة والمضغة الى اللحم واللحم الى العظام، فحينئذ اذن فيها جنبتان فاذن الشيء الملحوض في عالم الذر هذا جنب الآن كيفية تصوير تنشأة الانسان بعالم المادة يستطيع الانسان ان يجسم بان الفلاسفة الاسلاميين ولا سيما حتى الفلاسفة الامامية لم يفض هذا البحث لان نظرية ملا صدرا هي من ارشد النظريات الرائدة الآن على الصعيد الفلسفي التي تومن بان الانسان في روحه وروح الانسان جسمانية الحدوث روحانية البقاء ان الروح حادثة بحدوث خلق البدن بينما تشير هذه الملفات الاعجازية العلمية الضخمة في القرآن الكريم الى‌ ان تنشأة عالم الذر هي تنشأة برزخية بين عالم الارواح وعالم الابدان.
المحاور: هذه قضية مهمة يعني يقابل حياة البرزخ او عالم البرزخ بعد وفاة الانسان.
الشيخ محمد السند: نعم كما في قوس الصعود كما يقولون او قوس الرجوع في قوس المجيء ومسار المجيء انا لله وانا اليه راجعون فنحن حيث من افعال ومخلوقات الله تعالى في بدأ الصدور في مراحل وعوالم الصدور هناك نشأة في الواقع هي شبيه للبرزخية ترتبط بعالم الارتباط وبعالم المادة وهذه نحو في بداية تعلق الروح بالمادة قبل مرحلة النطفة والعلقة والمضغة وفي الحقيقة الحكيم ملا صدرا فضلاً عن من قبل من الحكماء لم يسلط الضوء الا على نشأة الجنين وكيفية ارتباط بالروح الانسان بمرحلة الاجنة وكون جنين في بطون الامهات والارحام اما المراحل السابقة على ذلك في الواقع ليس هناك أي تسليط ضوء وان كانت الابحاث العلمية الحديثة الان تثبت ان الحيمن ونظام الوراثة والهندسة الوراثية الموجودة في الاصلاب في الواقع لها سبقة بسبق وجود الانسان في ظهر آدم ابو البشر.
المحاور: يعني هي تفترب في الواقع من منطوق الآية الكريمة يعني آية القرآن ليس سابق للفلاسفة بحسب وانما سابقة ايضاً للبحوث العلمية؟
الشيخ محمد السند: نعم لنظرية الهندسة الوراثية الحديثة التي الآن كشف عنها العلم والحديث حيث تبين ان النظام الوراثي او ان الحياة بدرجة من الحياة الحيوانية موجودة لدى كل نسل البشر الى يوم القيامة ‌موجودة وهي في ظهر آدم ابو البشر. 
المحاور: يعني هذا ايضاً من ظهورهم ذريتهم هذا التعبير.
الشيخ محمد السند: يعني هذا في الواقع علم هندسة الوراثية الآن يصب بشكل مركز لمحاولة قراءة من القراءات الجارية في آية خلق عالم الذر في تلك مما يدلل على اية حال ان هذه النشأة والتنشأة لم يخض غورها الحكماء الى‌ يومنا هذا.
المحاور: نسأل الله التوفيق لمزيد من معرفة الحقائق والمعارف القرآنية‌ في الواقع مع ليس في غيرها قطعاً. سماحة الشيخ محمد السند. شكراً جزيلاً.
الشيخ محمد السند: واهلاً وسهلاً.
المحاور: وشكراً لكم مستمعينا الافاضل على طيب المتابعة الى ما تبقى من هذا البرنامج.

*******

نتابع اعزاءنا تقديم الحلقة الثامنة من برنامج عوالم ومنازل بأستعراض مجمل للأعمال والادعية التي امرت بها الاحاديث الشريفة بهدف التخلص من هجوم الشيطان لسلب الايمان عند الموت.
فمن هذه الاعمال الالتزام بالدعاء المختصر: اللهم اني اعوذ بك من العديلة عند الموت المروي عن اهل البيت عليهم السلام.
ويمكن ان يقرأ المؤمن هذا الدعاء متى شاء خاصة في الليالي المباركة او عندما يجد في قلبه اقبالاً على الدعاء‌ او عندما يسمع باخبار الذين كانت عاقبتهم سوءً فيتعوذ بالله من الابتلاء بمثل ما أبتلوا.
ومنها الاكثار من تلاوة قوله تعالى "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا" فقد امر بذلك مولانا الصادق عليه السلام في الحديث الذي ختمنا به الحلقة السابقة.
ومنها تلاوة الدعاء الحادي عشر من ادعية الصحيفة الشريفة وهو دعاء السجاد عليه السلام بخواتم الخير.
ومن الوسائل المهمة في هذا الباب الاهتمام باداء الصلوات في اول اوقاتها فهذا سبب لكي يعين ملك الموت المؤمن على طرد الشيطان وابعاده عنه حين الاحتضار.
هذا ما يصرح به الحديث الشريف المروي في كتاب الكافي، وفيه ان ملك الموت يتصفح الناس كل يوم خمس مرات فقال رسول الله صلى الله عليه وآله مبيناً معنى ذلك: 
انما يتصفحهم في مواقيت الصلاة، فان كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ونحى عنه ملك الموت ابليس.
ومن هذه الاعمال صلاة التوبة‌ المندوب اليها في اول يوم احد من شهر ذي القعدة فقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان من آثارها ان يموت العبد على الايمان فلا يسلب منه عند احتضاره.
وقد روى حديث كيفية هذه الصلاة السيد ابن طاووس رحمه الله في كتاب الاقبال ضمن اعمال شهر ذي القعدة وجميل ان يؤديها المؤمن ولو مرة واحدة في عمره.
ومن هذه الاعمال المواظبة على تسبيحات الزهراء‌ في اعقاب الصلوات وقبل النوم فمن آثار هذا الذكر اليسير والعظيم البركات التوفيق لحسن العاقبة.
ومن هذه الاعمال تلاوة سورة المؤمنين في كل يوم جمعة كما يصرح بذلك الحديث الشريف الذي رواه الشيخ الصدوق في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: «من قرأ سورة‌ المؤمنين ختم الله له بالسعادة، واذا كان يدمن قراءتها كل يوم جمعة كان منزله في الفردوس الاعلى مع النبيين والمرسلين».
ما ذكرناه هنا هو مجموعة من الاعمال العبادية التي جعل الله تبارك وتعالى من آثارها اعانة المؤمن على‌ مواجهة الشيطان عند الاحتضار وحفظ ايمانه من ان يسلبه منه في تلك الساعات الحساسة: والاحاديث الشريفة تعلمنا ان ثمة اموراً اخرى ذات تأثير كبير في اعانة المؤمن على طي منزل الاحتضار بسلام.

*******

سياحت غرب (القسم الثامن)

لو سمحتم نوكل الحديث عنه هذه الامور الى الحلقة المقبلة، فقد حان الآن موعد تقديم القسم الثامن من ترجمة‌ رواية ‌«سياحت غرب» لآية الله القوجاني النجفي رحمه الله التي يعرض فيها من خلال تجربة ذاتية فرضية مسيرة الانسان بعد الموت والمنازل التي يمر بها.
جيد جداً وها انا اشير الى ما انتهى المطاف ببطل الرواية في الحلقة السابقة فقد اخبره رفيقه الشاب الطيب ابو الوفاء الهادي- الذي عرفنا انه الصورة‌ الملكوتية لمودته لاهل البيت عليهم السلام بان عليه ان يطوي ثلاثة منازل لوحده هي الصورة‌ البرزخية لمسيرته في سنوات التكليف الثلاث الاولى في حياته الدنيا.
فلما طوى بعض طريق المنزل الاول شعر بالوحشة وتمنى ان يلقى رفيقاً يزيلها عنه. مقدمة جيدة جزاكم الله خيراً، فلنتابع معاً هذه الرواية.
سمعت وقع اقدام خلفي، ففرحت وظننت ان وحدتي الموحشة قد انتهت التفت الى‌ الوراء واذا بقادم يقترب مني فلما امعنت النظر اليه شعرت بخيبة ظني فقد وجدته رجلاً اغبراً طويل القامة غليظ الشفتين ذا اسنان كبيرة قبيحة وانف مشوه مخيف ورائحة نتنة!
احسست بعدائه لي عندما سلم على بلفظ اسقط منه اللام فقال: سام عليك! وقد علمت ان السام هو الموت! رددت تحيته النحسة هذه بكلمة: وعليك! 
ثم سألته: الى أين انت ذاهب؟ اجاب: انا رفيقك في سفرك!
لقد خفت منه ولم احب ان يرافقني واشتد خوي عندما سمعت جوابه عن سؤالي عن اسمه، فقد قال: انا تؤامك القرين اسمي الجهل ولقبي الاعوج وكنيتي ابو الهول، وعملي الافساد والفتنة!!
تلاشى‌ املي، وادركت ان الوحدة خير من مرافقة‌ مثل هذا الرفيق وتيقنت اكثر من هذه الحقيقة عندما سمعت اجوبته عن اسئلتي ولم تكن في الواقع اجوبة بل جواباً ‌واحداً هو: لا اعرف!
سألته: ابعيد مقصدنا ام قريب؟ اجاب: لا اعرف!
سألته: ماذا نفعل اذا وصلنا الى مفترق طرق؟ اجاب: لا اعرف!
سألته: أفي هذه النواحي ماء، فقد عطشت؟ قال: لا اعرف!
ثم قال: كل ما اعرفه هو انني ملازم لك منذ اول يوم من عمرك ولن افارقك الا اذا وفقك الله لمفارقتي!
فقلت في نفسي: يبدو ان هذا هو الشيطان الذي كنت في الدنيا اقع - احياناً- فريسة لوساوسه، فارتكب بعض الخطايا! فاي بلوى نزلت علي اليوم؟! اللهم رحمتك.
ثم مشيت ومشي خلفي هذا الرفيق المذموم ولما وصلت الى قمة الجبل جلست لا ستريح قليلاً فلحقني جهل هذا وقال لي ببلادة: يبدو انك تعبت! سأدلك على‌ طريقة تختصر لك المسافة فتصل بسرعة! ثم اشار الى الطريق المقوس - كخط منحني- والذي سلكه السابقون فتعبد وقال: ان طوله لا يقل عن خمسة فراسخ وستتعب كثيراً اذا سلكته ولكن اذا سلكت هذا الخط القصير وصلت بلا تعب! وكان يشير الى‌ طريق غير سالك يشكل ما يشبه الوتر لذلك الطريق المقوس ويبلغ طوله فرسخاً واحداً.
اجبته: ان الذين عبروا هذا الوادي سلكوا الطريق الاول، فهل كانوا مجانين اختاروا الطريق الطويل؟ لابد انهم عرفوا ان هذا الطريق القصير وعر يتعب اكثر من الاول قال: لعلهم لم يروا ما رأينا او كان متاعهم ثقيلاً، ونحن خفيفا الحمل فما الذي يمنعنا من اختيار الطريق الاقصر وفيه الراحة وسرعة الوصول؟!
لقد ركبني الحمق وحسبت جهلاً هذا يريد لي الخير، فاتبعته وانحدرنا الى الوادي ثم صعدنا سفحه المقابل، وكان المفاجاة! لقد رأينا وادياً آخر في طريقنا القصير هذا اعمق من سابقه ثم وادياً ثالثاً وهلم جرا!
صرنا نهبط الوديان ونرتقي التلال في طريق مليء بالاشواك والاحجار.. واشتد علي الحر وتدلى لساني عطشاً وتقرحت قدماي وتهالكت اعضائي تعباً وانتابني هلع شديد فيما كان رفيقي الجهول يستهزي بي ضاحكاً ويشمت بي متشفياً!
وبعد زمن طويل وعذاب ونصب وصلنا الى الجادة السالكة بعد ان قطعنا عشرة فراسخ في ذلك الطريق الوعر الذي قال جهل: انه الطريق الاقصر الذي لا يزيد طوله على فرسخ واحد!
احسست بكره شديد لجهل هذا الذي لازمني فقلت: ياليت بيني وبينك بعد المشرقين! تابعت السير وقد أنهكني العطش والتعب فيما كان هذا الرفيق المشؤوم يسير خلفي وعلى مبعدة مني لكنه اقترب مني عندما رأيت من بعد روضة خضراء تبعد نحو ربع فرسخ عن جانب الطريق وقال لي: لاشك ان في هذه الروضة ماءً عذباً فلنذهب اليها ونطفئ عطشنا!
كنت قد قررت ان لا استجيب لما يدعوني اليه هذا الرفيق الجهول بعدما اصابني ما اصابني من جراء استجابتي له في تغيير طريقنا لكنني عميت عن الالتزام بهذا القرار بسبب ما اصابني من عطش شديد وتعب منهك وقلت في نفسي: هذه روضة ذات اشجار خضراء ولابد من وجود ماء فيها.
فانحرفت عن الجادة واتبعت جهلاً باتجاه تلك الاشجار فوجدت الطريق اليها وعراً مليئاً بالاحجار والصخور والحيات مسني بمزيد من النصب والعذاب وقد اشتد التعب وتضاعف عندما وصلنا اليها فوجدتها ليست روضةً بل مجموعة من اشجار الغابات الدائمة الخضرة، ولم اجد عندها شيئاً من الماء، فعدت ادراجي الى الجادة تقتلني الخيبة والحسرة وقد تضاعف كرهي لهذا الرفيق الجهول.
ترى ماذا ستكون عاقبة مرافقة هذا الرفيق الجهول المتعب؟ وكيف سيتخلص بطل قصتنا منه؟ تابعوا الرواية في الحلقة المقبلة للحصول على الاجابات. والوقت المخصص لهذه الحلقة انتهى، وقد اخترنا لختامها هذا الحديث الشريف الذي يلقي اصوائاً على موضوع الحلقة المقبلة.
روى‌ الشيخ الصدوق في كتاب عيون اخبار الرضا عليه السلام ان الامام الصادق عليه السلام كتب الى بعض الناس يقول: «اذا اردت ان يختم بخير عملك حتى تقبض وانت في افضل الاعمال، فعظم لله حقه ان تبذل نعمه في معاصيه وان تغتر بحلمه عنك واكرم كل من وجدته يذكرنا»...
رزقنا الله واياكم ذلك مستمعينا الافاضل واعاننا على عمل كل ما يوفقنا لحسن العاقبة وجميل الخاتمة. اللهم آمين السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة