البث المباشر

بين منازل اهل الجنة واهل النار حوار مع الشيخ محمد السند حول علاقة موت الفجأة بالغضب الالهي محمولة الطعام الفاخر وكل كسر فان الله يجبره

الأحد 7 إبريل 2019 - 08:28 بتوقيت طهران

الحلقة 130

وله المجد والحمد الرزاق ذي الفضل المبين، والصلاة والسلام على حبله المتين ورحمته للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أحباءنا تحية مباركة طيبة وأهلاً بكم في لقاء آخر يسرنا ان نجتمع فيه مع احاديث عن عوالم الوجود ومنازله:
- اولى فقرات هذا اللقاء أعزاءنا روائية عقائدية مؤثرة عنوانها: بين منازل اهل الجنة واهل النار 
- يليها اتصال هاتفي مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وجواب سؤال عن علاقة موت الفجأة بالغضب الالهي 
- وننقل لكم حكاية مؤثرة عنوانها: محمولة الطعام الفاخر 
- ونختم اللقاء بأدب الحكمة والموعظة وأشعار متفرقة اخترنا لها عنواناً جامعاً هو: وكل كسر فان الله يجبره 

*******

نبدأ احباءنا بالفقرة الروائية التالية وعنوانها هو: 

بين منازل اهل الجنة وأهل النار

من يراجع المجاميع الحديثية يلاحظ بوضوح كثرة احاديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأئمة عترته الطاهرة (سلام الله عليهم) الواردة في وصف نار جهنم وأحوال اهلها.
وهذا من مظاهر شدة اهتمامهم عليهم السلام بصالح العباد واعانتهم في سيرهم على الصراط المستقيم واجتناب ما يوقعهم في العذاب الاخروي الاليم.
ومما يعين على ذلك أن يذكر الانسان نفسه وقلبه بين الحين والآخر بعذاب النار وما يجري على اهلها. 
فالتذكير بذلك ينفض عن القلب غبار الغفلة عن الحياة الاخروية كما يكبح من جموح النفس في التوجه على الشهوات.
وتكون ثمرة ذلك ان يزيد اقبال القلب على الطاعات والاعمال الصالحة وتستسيغ النفس صعوبات الامتناع عن الشهوات المحرمة. 
روى الشيخ الجليل علي بن ابراهيم في تفسيره، والثقة الممدوح الحسين بن سعيد في كتاب النوادر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم، وقد أطفأت [نار الدنيا] سبعين مرة بالماء ثم التهبت، ولو لا ذلك ما استطاع آدمي أن يطفأها.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): وإنه ليؤتى بها [أي الصورة الملكوتية لنار الدنيا]، يوم القيامة حتى توضع على النار [اي نار الجحيم] فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل الا جثا على ركبتيه فزعاً من صرختها.
والمراد من هذا الحديث بيان شدة نار الآخرة من خلال مقارنتها بنار الدنيا التي نألفها، ويكمل هذا البيان حديث آخر مروي في كتاب الزهد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: والذي نفس محمد بيده لو ان قطرة من الزقوم قطرت على جبال الارض لساخت الى اسفل سبعين ارضيين ولما اطاقته فكيف بمن هو شرابه؟ 
ثم قا ل (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده لو ان مقماعاً واحداً مما ذكره الله في كتابه وضع على جبال الارض لساخت الى اسفل سبع ارضيين ولما اطاقته فكيف بمن يقع عليه يوم القيامة في النار؟! 
وفي تفسير علي بن ابراهيم مسنداً عن الصادق (عليه السلام) قال: ما خلق الله خلقاً الا جعل له في الجنة منزلاً وفي النار منزلاً، فاذا سكن اهل الجنة وأهل النار نادى منادٍ: يا اهل الجنة أشرفوا فيشرفون على النار وترفع لهم منازلهم ثم يقال لهم: هذه منازلكم التي لو عصيتم الله دخلتموها.
قال الصادق: فلو ان احداً مات فرحاً لمات اهل الجنة في ذلك اليوم فرحاً لما صرف عنهم من العذاب.
قال (عليه السلام) ثم ينادي مناد: يا اهل النار ارفعوا رؤوسكم فيعرفون رؤوسكم فينظرون الى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم.
فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو اطعتم ربكم دخلتموها.
قال (عليه السلام): فلو ان أحداً مات حزناً لمات أهل النار حزناً.
وبعد قراءة الروايات المتقدمة معاً للموعظة العلوية البالغة المروية عن مولانا امير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة وكتاب تنبيه الخواطر، وفيها قال (سلام الله عليه): اعلموا ان ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار، فارحموا نفوسكم، فانكم جربتموها في مصائب الدنيا، فرأيتم جزع احدكم من الشوكة تصيبه والعثرة تدميه والرمضاء تحرقه، فكيف اذا كان بين طابقين من نار ضجيع حجر وقرين شيطان؟
ثم قال (سلام الله عليه): أعلمتم أن مالكاً اذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه؟ واذا زجرها توثبت بين ابوابها جزعاً من زجرته؟ 
ثم قال (عليه السلام): فالله الله معاشر العباد وأنتم سالمون في الصحة قبل السقم، وفي الفسحة قبل الضيق، فأسعوا في فكاك رقابكم من قل ان تغلق رهائنها. 

*******

أما الآن نتابع تقديم برنامج عوالم ومنازل بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ محمد السند اهلاً ومرحباً بكم:

علاقة موت الفجأة بالغضب الالهي

المحاور: السلام عليكم الافاضل ورحمة الله وبركاته، شكراً لكم لطيب المتابعة لبرنامج عوامل ومنازل وشكراً لخبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وهو يتفضل مشكوراً بالاجابة عن اسئلتكم، سماحة الشيخ من الاخ السيد ايمن عبر البريد الالكتروني بعث للبرنامج بهذا السؤال، يقول اذا انتشر في مجتمع موت الفجئة وموت الشباب والامراض المستعصية وموت خيرة الناس هل يدل ذلك على غضب الجبار من هذا المجتمع، علماً بانه توجد ظواهر دخيلة دخلت المجتمع ساهمت في بروز انواع من الفساد، ثم يسأل يقول ما هو الدعاء المناسب لرد البلاء؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، نعم قد ورد في جملة من النصوص ان بعض المنكرات اذا تفشت في المجتمع نظير الزنا او غيره من المنكرات الاخرى ذكر ان من آثار تلك الاعمال كظاهرة اجتماعية متفشية في المجتمع حدوث موت الفجأة بكثرة والزلازل وما شابه ذلك، فهذه امور لها اسباب عديدة من المعاصي اذا ما انتشرت عند العباد، والحقيقة الدعاء جانب مهم مؤثر لكن هناك جوانب آخرى مهمة وهي القيام بالدور التربوي والدعوي في نشر الهداية وما شابه ذلك، والانشطة الدينية التربوية الهادفة المؤثرة على الجيل سيما جيل الناشيءة، لانه الجيل الناشيء اذا استلموا من قبل الثقافات الهدامة والانحلالية المبتذلة هي في الحقيقة تنشر التربية الفاسدة وبالتالي يكون حصاد بعد عقود من السنين هذه نتائج الوبال الخطير الذي يشاهد، كما ورد في الروايات سارعوا الى احداثكم قبل ان يسبقكم اليهم، ففي الحقيقة المسارعة لان الحدث الناشيء كالارض الخصبة قبل ان يأتيها السموم ربما تعطلها وبالتالي تعدم قابليتها وقدرتها على الانتاج الصحيح وثمارها المنتج المفيد، فمن ثم القضايا التربوية في الجيل الناشيء على اختلاف السنين ولكل اعمار من السنين اسلوب وانماط من الانشطة لابد ان تتبع هذه من الامور المهمة في تفشي الصلاح والاصلاح في المجتمع.
المحاور: سماحة الشيخ الاخ يقول هل ان هذه الظواهر وهي انتشار موت الفجئة وغيره نتيجة لهذه المفاسد هل تختص بالظالمين او الذين يقعون في هذه المفاسد ام هي عامة تشمل المجتمع باجمعه لا تخص الذين ظلموا خاصة؟
الشيخ محمد السند: هو كما في الآية الكريمة «وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً»، ثم تدعون لا يستجاب لكم، مما يدلل على ان الدعاء من دون القيام بدور الارشاد والتربية والدعوة الى الهداية والخير حتى الدعاء لا يستجاب، فاذن مما يبين ضرورة القيام بانشطة هادفة تربوية موجبة لبث البصائر والنبل والتهذيب والهدفية لمختلف الاعمار والاجيال لكي نرى منهم حال حضارية لمجتمعاتنا مشرفة ويؤمن مستقبلها الواعد.
المحاور: انشاء الله، سماحة الشيخ محمد السند شكراً لكم، وحيا الله مستمعينا الافاضل وهم يتابعون مشكورين ما تبقى من فقرات هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل.

*******

ننقلكم الآن ايها الاخوة والاخوات الى حكاية مؤثرة اخترنا لها العنوان التالي: 

محمولة الطعام الفاخر

يحكى ان امرأة من اهل الوفاء توفي زوجها فعاهدت نفسها ان تعمل طعاماً جيداً كل ليلة جمعة وتبعثه مع ولدها الى فقير يعيش في كوخ في اقصى البلدة كان يقتات على ما يقدمه له المحسنون.
ولم يكن حال المرأة وايتامها حال الاثرياء، بل على العكس فما تركه لهم زوجها لا يكاد يكفيهم الا لادنى ما تعيش به من ابسط الطعام واكثره تواضعاً. 
ولكن وفاء هذه المرأة لزوجها وحبها له دفعها الى ان تنقص كل يوم شيئاً مما يأتيهم من شريك زوجها المتوفى من سهمه في الدكان وتجمعه لتعد به ليلة الجمعة طعاماً فاخراً تبعثه الى كوخ ذلك الفقير. 
واستمرت على هذه الحال ثلاث ليال من ليالي الجمعة، كانت تبعث بذلك الطعام مع ولدها الى كوخ ذلك الفقير. 
وفي سحر الجمعة الرابعة رأت في منامها زوجها وهو يشكرها ويقول لها: رحم الله والديك على هذا الوفاء لقد وصلني الليلة ثواب طعام فاخر صنعتيه لي، لقد قدموا لي في مقابله فاكهة طيبة من ثمار الجنة. 
استغربت الزوجة ـ وهي في منامها ـ من قول زوجها وأخبرته أنها اعدت مثل ذلك الطعام الفاخر في الاسابيع الثلاثة الماضية أيضاً. 
لكن زوجها قال: لم يصلني شيء الا في هذه الليلة! 
انتبهت الزوجة من منامها وبقيت الى صلاة الفجر تفكر في سر منامها ولكن دون ان تصل الى نتيجة.. 
وبعد ان اتمت صلاة الفجر خطر في ذهنها أن تسأل ولدها ثم قالت بثقة: إن تفسير رؤياي عند ولدي! 
وفي الصباح نادت ولدها وقبل ان يذهب للعمل في محل والده وقالت له: كيف اوصلت الطعام الليلة البارحة يا ولدي، هل اعطيته للفقير نفسه أم تسلمه منك شخص آخر؟ 
ارتبك الصبي الذي لم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره الا بقليل، وظهر عليه شيء من الخوف وهو يسمع سؤال أمه. 
شعرت الام باضطراب ولدها وخوفه أو خجله، فقالت له: لا تثريب عليك يا ولدي أيا ما كان قد فعلته البارحة بالطعام فهو فعل حسن، فأصدقني الخبر.
أحس الولد بالطمأنينة وزال عنه الاضطراب وهو يسمع كلام والدته لكنه انفجر بالبكاء وهو يخبر امه بما جرى. 
قال: عندما حملت الطعام البارحة طاردني كلب في وسط الطريق فخفت منه وغيرت مسيري في طريق آخر طويل حتى تعبت لكي استريح قليلاً ثم اواصل المسير الى الجهة التي فيها الكوخ. 
قاطعت الام كلامه مستعجلة الخبر، فقالت: حسن يا ولدي أخبرني مالذي فعلته بالطعام؟ 
أجاب: عند جلست استريح شعرت بالجوع وتاقت نفسي الى الطعام، فقلت أأكل قليلاً ـ لقمة واحدة لا أكثر ـ من هذا الطعام، لكني وعذراً يا اماه وجدتاً طيباً لم اذق مثله في عمري فأكلته كله، وعدت الى المنزل.. سامحيني يا اماه. 
وهنا سالت دموع حارة من عين الام وهي تحتضن ولدها بشفقة وتمسح دموعه برأفة. ثم أخبرته بمنامها وسرور والده فيه ووصول ثواب الطعام اليه في العالم الآخر. 
ومنذ ذلك الحين أخذت تلك المرأة الوفية بأعداد مثل ذلك الطعام الفاخر كل ليلة جمعة وتطعمه لايتامها وتهدي ثوب ما أعدت لروح زوجها الفقيد حتى وسع الله عزوجل من فضله عليهم فأضافت لما كانت تعده من الطعام الفاخر طبقاً كانت تبعثه مع ولدها الى كوخ ذلك الفقير. 
نختم هذه الحكاية بما روي في الحديث الشريف عن نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا صدقة وذو رحم محتاج.

*******

اما الآن فندعوكم الى الفقرة الاخيرة من هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل وهي ادبية مشتملة عن بعض شعر الحكمة الصادق عنوانها هو: 

وكل كسر فإن الله يجبره

من بليغ اشعار طلب الشفاعة المحمدية ما جاء في قصيدة رقيقة للاديب الامامي المبدع محمد جواد عواد البغدادي المتوفى سنة ٦۰ للهجرة، يقول فيها مخاطباً حبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله): 

ألا يا رسول الله إن مدنف شكا

الى الناس هماً حل من نوب الدهر

فإني امرء اشكو اليك نوازلاً

ألمت فضاق اليوم عن وسعها صدري

وأنت المرجى يا ملاذي لدفعها

فإني لديك قد وهت بي عرى صبري

فكن لي شفيعاً في معادي فليس لي

سواك شفيع في معادي وحشري

ويقول الاديب الولائي محسن فرج في طلب شفاعة آل الرسول وهي فرع الشفاعة المحمدية: 

مالي سوى عترة الهادي وحيدرة

ذخيرة يوم حشري بعد توحيدي

وننقلكم أعزاءنا الى ابيات من شعر الحكمة وبيان حقيقة الدنيا نختارها من نونية الشاعر العالم ابي الفتح علي بن محمد بن الحسين المتوفى سنة ٤۰۰ للهجرة يقول فيها: 

زيادة المرء في دنياه نقصان

وربحه غير محض الخير خسران

ويا حريصاً على الاموال يجمعها

أنسيت أن سرور المال أحزان

زغ الفؤاد عن الدنيا وزخرفها

فصفوها كدر والوصل هجران

واشدد يديك بحبل الدين معتصماً

فإنه الركن ان خانتك أركان

كل الذنوب فان الله يغفرها

إن شيع المرء إخلاص وإيمان

وكل كسر فإن الله يجبره

ومالكسر قناة الدين جبران

دع التكاسل في الخيرات تطلبها

فليس يسعد بالخيرات كسلان

من يتق الله يُحمد في عواقبه

ويكفه شرّ من عزوا ومن هانوا

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة