السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته..
أطيب وأزكى تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة جديدة من برنامجكم العقائدي هذا.
ولا زلنا أيها الأكارم في الحلقات الخاصة بأصل الإمامة من أصول الدين الخمسة وحديثنا عن واجبات الأمة تجاه أئمة العترة المحمدية أو حقوقهم – عليهم السلام – على الأمة؛ وقد عرضنا السؤال عنها قبل سبع حلقات وهدتنا النصوص الشريفة إلى سبعة من هذه الواجبات هي:
الطاعة المطلقة وإقتفاء آثارهم وسيرتهم – عليهم السلام – فهم القرآن الناطق ومظهر السنة المحمدية البيضاء.
ثم واجب التحاكم إليهم في الخلافات والنزاعات والرجوع إليهم في الحوادث الواقعة لمعرفة حكم القرآن لأنهم أهل العلم الكامل بالقرآن الذي فيه تبيان كل شيء.
وثالثاً واجب الصلاة عليهم والتورع عن الصلاة البتراء التي نهى عنها رسول الله – صلى الله عليه وآله -.
ورابعاً واجب مودتهم المفروضة في كتاب الله.
وخامساً واجب إكرماهم وتعظيمهم لعظيم منزلتهم عند الله ورسوله وجميل خدمتهم لعباد الله.
وسادساً واجب مبايعتهم وحفظها وتجديد للإمام الحي منهم.
وسابعاً واجب زيارتهم في حياتهم وبعدها وفي ذلك تمام الحج.
فما هو الواجب الثامن؟
هذا ما نتناوله في لقاء اليوم فتابعونا على بركة الله.
تهدينا النصوص الشريفة إلى أن حق أداء الخمس الشرعي هو من الحقوق التي أوجبها الله عزوجل في أموال المسلمين يؤدونه إلى أهل بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
وقد نصت على هذا الحق الآية الحادية والأربعون من سورة الأنفال حيث قال الله أصدق القائلين: وَاعْلَمُواْ "أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
وواضح من نص الآية الكريمة أن حق الخمس هو بالأصالة لله عزوجل فهو من العبادات المالية، وهو كالأنفال مما جعله الله عزوجل لنفسه ولنبيه ولمن جعلهم خلفاء لنبيه – صلى الله عليه وآله – أئمة للمسلمين وهم مصداق ذوي القربى.
روي في كتاب أصول الكافي – عليه السلام – في تفسير (ذوي القربى) في هذه الآية الكريمة أنه قال: ( - هم – أميرالمؤمنين والأئمة عليهم السلام).
وقال الإمام الباقر – عليه السلام -: "هم قرابة رسول الله – صلى الله عليه وآله – والخمس لله وللرسول – صلى الله عليه وآله – ولنا ".
وفي الكافي أيضاً أن الإمام علي الرضا – عليه السلام – سئل عن هذه الآية الكريمة فقيل له: فما كان لله، فلمن هو؟
فقال – عليه السلام -: "لرسول الله – صلى الله عليه وآله – وما كان لرسول الله فهو للإمام".
وجاء في خطبة لأميرالمؤمنين الوصي المرتضى – عليه السلام – أيام خلافته الظاهرية كما في تفسير كنز الدقائق عن روضة الكافي وغيره ذكر فيه الآية المتقدمة، فكان فيما قال: "وأعطيت سهم ذي القربى الذي قال الله عزوجل.. فنحن والله [الذين] عنى بذي القربى.. قرننا الله بنفسه وبرسوله..".
أيها الإخوة والأخوات، وقد فصل العلماء الحديث عن هذا الحق في كثير من الدراسات التحقيقية في تفسير الآية المتقدمة واستناداً لما صحت روايته من طرق الفريقين من السيرة النبوية والأحاديث الشريفة، وأثبتوا إختصاص حق الخمس بأهل البيت – عليهم السلام – كما بين فقهاء مدرسة الثقلين الأحكام الشرعية الخاصة بأداء هذا الحق، أي حق الخمس مما زاد عن حاجة الإنسان ومؤونته من كل ما يغنمه يؤديه إلى الله عزوجل بالأصالة وإلى الرسول – صلى الله عليه وآله – ولأئمة أهل بيته المعصومين عليهم السلام.
فيمكن الرجوع إلى الكتب الفقهية لمعرفة هذه الأحكام وسبل أداء هذا الحق من حقوق أهل بيت النبوة عليهم السلام.
ونكتفي هنا بالإشارة إلى جانب من حكمة الله عزوجل في فرض هذا الحق المالي في أموال عباده وإلزامهم بدفعه إلى الرسول وأهل البيت – عليهم السلام – فالمستفاد من عموم النصوص الشريفة أن من حكمة الله في فرض حق الخمس هو توفير قناة خير لعباده عبر إيصال هذا الحق إلى أمنائه المعصومين لكي يصرفوه – عليهم السلام – فيما يكون فيه صالح دين الله عزوجل وإيصال الخير لعباده.
وقد شهدت سيرة أهل بيت الرحمة المحمدية – عليهم السلام – أنهم أشد الخلق إقبالاً على الإنفاق في سبيل الله ولا نظير لهم في عظيم عطائهم وجودهم وكرمهم وإيثارهم المحتاجين حتى عند الخصاصة والحاجة.
كما أنهم – عليهم السلام – أعلم الناس بموارد صرف هذا الحق التي يكون فيها لله رضا ولعباده الصلاح من المصالح العامة.
هذا أولاً وثانياً، فإن في تحريم الصدقة على أهل البيت – عليهم السلام – وإغنائهم بالخمس تكريم لهم ينبه الناس إلى خصوصية منزلتهم عند الله عزوجل.
وإلى هنا ننهي مستمعينا الأفاضل، حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية سالمين.