السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته...
أطيب تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة أخرى من برنامجكم العقائدي هذا.
نتابع، أيها الأفاضل، إستكمال الإجابة عن سؤال عرضناه قبل ست حلقات عن واجبات الأمة تجاه أئمة العترة المحمدية أو حقوقهم – عليهم السلام – على الأمة.
وقد هدتنا النصوص الشريفة التي نقلناها في الحلقات السابقة إلى ستة من هذه الواجبات هي:
واجب الطاعة المطلقة واقتفاء آثار أئمة أهل البيت في جميع شؤون الحياة.
وواجب الرجوع إليهم لمعرفة حكم القرآن في الحوادث الواقعة وجميع موارد الإختلاف.
وواجب الصلاة عليهم بضمهم إلى سيدهم المصطفى والتورع عن الصلاة البتراء التي نهى عنها – صلى الله عليه وآله – في الصلاة وغيرها.
والرابع هو واجب مودتهم وتقديم حبهم على كل حب لأن فيه حب الله ورسوله.
والخامس هو واجب إكرامهم وتعظيمهم لعظيم منزلتهم عند الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – وتضحياتهم في حفظ الدين الحق مناراً لهداية العالمين وخدمتهم للخلائق أجمعين.
والسادس هو واجب مبايعتهم ونصرتهم ومؤازرتهم على الحق والهدى والدفاع عن نهجهم المحمدي النقي.
فما هو الواجب السابع تجاههم صلوات الله عليهم؟
مستمعينا الأفاضل، تعرفنا في الحلقات الخاصة بحقوق النبي المصطفى – صلى الله عليه وآله – على أمته أن من هذه الحقوق التي دعت لها الآيات الكريمة هو حق زيارته والإستغفار والتوسل به إلى الله عزوجل.
وهذا أيضاً من حقوق خلفائه الإثني عشر أئمة أهل بيته المطهرين – عليهم السلام – وقد جعل الله عزوجل عظيم الثواب والآخر لمن يقوم بهذا الواجب الأخلاقي المعبر عن الوفاء لله ولرسوله – صلى الله عليه وآله – وعن البر والصلة لرحم رسول الله، كما يصرح بذلك ما روي في كتاب كامل الزيارات مسنداً عن أمير المؤمنين – عليه السلام – قال:
(زارنا رسول الله – صلى الله عليه وآله – ذات يوم فقدمنا إليه طعاماً وأهدت إلينا أم أيمن صحفة من تمر وقعباً من زبد فقدمناه إليه فأكل منه، فلما فرغ قمت وسكبت على يدي رسول الله ماءً، فلما غسل يديه مسح وجهه ولحيته ببلة يده، ثم قام إلى مسجد في جانب البيت وصلى وخر ساجداً فبكى وأطال البكاء، ثم رفع رأسه، فما إجترى منا أهل البيت أحد يسأله عن شيء.
فقام الحسين بدرج حتى صعد على فخذي رسول الله – صلى الله عليه وآله – فأخذ برأسه إلى صدره، ووضع ذقنه على رأس رسول الله ثم قال يا أبة ما يبكيك؟
فقال رسول الله: يا بني إني نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سروراً لم أسر مثله قط، فهبط جبرئيل فأخبرني أنكم قتلى ومصارعكم شتى فحمدت الله على ذلك وسألت لكم الخيرة.
فقال الحسين: يا أبه، فمن يزور قبورنا ويتعاهدها على تشتتها؟ فقال – صلى الله عليه وآله -: "طوائف من أمتي يريدون بذلك بري وصلتي، أتعاهدهم في الموقف [يعني يوم القيامة] وآخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله وشدائده".
والقيام بهذا الواجب كما أن فيه صلة وبر برسول الله – صلى الله عليه وآله – فإن فيه الوفاء بعهد الولاية للإمام الحق، فمثلاً روى الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه وعيون أخبار الرضا وعلل الشرائع والمفيد في كتاب (المقنعة) والكليني في الكافي وغيرهم عن مولانا الإمام الرضا – عليه السلام – أنه قال:
"إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم – يعني الأئمة عليهم السلام – فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة".
والأحاديث في فضل وبركات زيارة أهل بيت النبوة – عليهم السلام – كثيرة، وهي تؤكد على أن هذا الواجب يجري في حياتهم وبعد شهادتهم بزيارة مشاهدهم المقدسة.
وقد ورد التأكيد على زيارة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – في حياته وزيارة قبره الشريف خصوصاً بعد أداء فريضة الحج ففي ذلك كمال أداء الحج وفي الإعراض عن زيارته بعد الحج أو قبله من مصاديق الجفاء له – صلى الله عليه وآله – كما صحت الرواية بذلك عنه ومن طرق الفريقين.
والأمر يجري على خلفائه وأوصيائه المطهرين – صلوات الله عليهم – فتمام الحج وكماله بزيارتهم في حياتهم أو زيارة مشاهدهم بعدها، وهذا ما صرحت به أحاديث عديدة نقرأ بعضها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
روى ثقة الإسلام الكليني في الكافي والصدوق في علل الشرائع وعيون الأخبار مسنداً عن إمامنا محمد الباقر – صلوات الله عليه – قال:
"إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم".
وقال – عليه السلام – في حديث آخر: "إبدؤا بمكة واختموا بنا".
وجاء في حديث ثالث عن ذريح المحاربي عن الباقر – عليه السلام – في قول الله عزوجل (ثم ليقضوا تفثهم" قال: "التفث لقاء الإمام".
وفي هذه المصادر وغيرها عن عبد الله بن سنان أنه قال للإمام الصادق – عليه السلام – ضمن حديث: إن ذريحاً حدثني عنك أنك قلت: "ليقضوا تفثهم" لقاء الإمام وليوفوا نذورهم تلك المناسك.
فأجاب الإمام الصادق – عليه السلام - : صدق ذريح وصدقت، إن للقرآن ظاهراً وباطناً ومن يحتمل ما يحتمله ذريح.
وقال الصادق – عليه السلام – في حديث آخر: "إذا حج أحدكم فليختم حجه بزيارتنا لأن ذلك من تمام الحج".
ونختم بما رواه الصدوق في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين – عليه السلام – أنه قال: "ألموا برسول الله – صلى الله عليه وآله – في حجكم إذا خرجتم إلى بيت الله الحرام فإن تركه جفاء وبذلك أمرتم، وألموا بالقبور التي ألزمكم الله حقها وزيارتها واطلبوا الرزق عندها".
نشكر لكم أيها الأطائب طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بكل خير وفي أمان الله.