السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات...
تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات نهديها لكم ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا.
وهذه الحلقة – مستمعينا الأفاضل – من الحلقات التي نتناول فيها النصوص الشريفة التي تهدينا للإجابة عن سؤال محوري هو: ما هي واجبات الأمة تجاه أئمة العترة المحمدية الطاهرة عليهم السلام.
وهو سؤال عرضناه قبل أربع حلقات تعرفنا خلالها من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة على أربعة من هذه الواجبات هي:
واجب الطاعة المطلقة وإتباع سيرهم في مختلف شؤون الحياة ففي تجسيد معصوم وكامل لتفصيلات السنة المحمدية البيضاء كما أن طاعتهم هي طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
والواجب الثاني هو التحاكم والرجوع إليهم في الحوادث الواقعة وفي كل اختلاف لأنهم الذين أعطاهم الله عزوجل علم القرآن كله وجعلهم بفضله المطهرين الذين يستنبطون حكم القرآن الذي فيه تبيان كل شيء في كل واقعة.
والواجب الثالث هي مودتهم المشتملة على نصرتهم وتقديمهم.
أما الرابع من هذه الواجبات فهو الصلاة عليهم مع الصلاة على سيدهم المصطفى صلى الله عليه وآله.
فما هو الواجب الخامس؟
هذا ما نبحث عنه في النصوص الشريفة، فتابعونا على بركة الله.
أيها الأفاضل، تهدينا النصوص الشريفة أن من واجباتنا تجاه أئمة أهل البيت – عليهم السلام – أو حقوقهم علينا هو واجب توقيرهم وإكرامهم وهو من مصاديق توقير جدهم وسيدهم الهادي المختار صلوات الله عليه وعليهم.
ولذلك فالدليل عليه هو الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تأمر بتوقير وتعظيم النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – وقد تناولناها مفصلاً في الحلقات الخاصة بواجباتنا تجاهه صلى الله عليه وآله.
ويضاف إلى هذا الدليل العام، فقد رويت في مصادر الفريقين كثير من الأحاديث النبوية التي تأمر بإكرام الذرية النبوية بصورة عامة والمعصومين المطهرين وهم أئمة الهدى – عليهم السلام – على نحو التخصيص.
وإضافة إلى هذه الطائفة من الأحاديث الشريفة هناك طائفة أخرى تأمر بهذا الواجب نفسه من خلال التأكيد على أن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – إنما يحفظ حرمة أهل بيته الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين -.
وثمة طائفة ثالثة من الأحاديث الشريفة يستدل بها على هذا الواجب هي التي تبين منزلة أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – عند الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – وهي منزلة تستوجب إكرامهم وتعظيمهم لإكرام الله ورسوله لهم.
والطائفة الرابعة هي الأحاديث الشريفة التي تشير إلى دورهم المحوري والفريد في الدفاع عن دين الله عزوجل بكل وجودهم الأمر الذي يستوجب إكرامهم وتعظيمهم من هذه الجهة وننقل هنا نماذج لهذه الطوائف الأربع من الأحاديث الدالة على هذا الواجب فابقوا معنا مشكورين.
فمن الطائفة الأولى ننقل الحديث المشهور المروي من طرق الفريقين كما في كنز العمال وعيون الأخبار وفردوس الديلمي وذخائر العقبى وغيرها عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال:
"أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في أمورهم عندما إضطروا إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه" .
وجاء في رواية ثانية: "أربعة أنا الشفيع لهم يوم القيامة.. المعين لأهل بيتي، والقاضي لهم حوائجهم عندما إضطروا إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه والدافع عنهم بيده" .
ومن الطائفة الثانية يكفينا قول الصديقة الكبرى وسيدة نساء العالمين الزهراء البتول فاطمة التي روى الفريقان ما قاله الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – من أن الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها.
فقد روي في تأريخ اليعقوبي وبلاغات النساء والإحتجاج وغيرها كثير قولها في خطبتها الفدكية وإحتجاجها على القوم بسبب غصبهم فدك قولها صلوات الله عليها:
"ما هذه الغميزة في حقي والسنة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله – صلى الله عليه وآله – أبي يقول: المرء يحفظ في ولده؟ سرعان ما أحدثتم" .
أيها الإخوة والأخوات، أما الأحاديث النبوية من الطائفة الثالثة فهي تفوق الإحصاء رويت في مصادر الفريقين من الكتب الستة المعتمد عند أهل السنة وغيرها تؤازر وتبين ما صرحت به الآيات الكريمة من كريم منزلة أهل البيت عند الله وعند رسوله – صلى الله عليه وآله – بما تستوجب إكرامهم وتعظيمهم لقربهم من الله.
وكذلك الحال مع الطائفة الرابعة التي تبين عظيم تضحيتهم وفدائهم في سبيل الدفاع عن دين الله عزوجل وهذا ما صدقته سيرتهم العطرة وإجماع الأمة على ذلك.
ونحن هنا نكتفي برواية واحدة تحمل دلالات كلا الطائفتين رواها الحاكم في مستدركه على الصحيحين ومثلها مروي في سنن إبن ماجة، مسندة عن إبن مسعود قال:
(أتينا رسول الله – صلى الله عليه وآله – فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به ولا سكتنا إلا إبتدأنا حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين فلما رآهم إلتزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله ما نزل نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟
فقال – صلى الله عليه وآله - : إنا أهل بيت إختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواً على الثلج فإنها رايات هدىً يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي إسمه إسمي وإسم أبيه إسم أبي فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
ولم ترد أيها الأفاضل، عبارة (إسمه إسمي وإسم أبيه إسم أبي) في رواية إبن ماجة في سننه، وقد رجح العلماء أن إضافة هذه العبارة من زوائد العباسيين أضيفت لدوافع سياسية.
وإلى هنا نختم أيها الأكارم حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
شكراً لكم ودمتم بألف خير.