البث المباشر

واجبات الامة تجاه أهل البيت (ع) - ٤ / الصلاة عليهم

الإثنين 11 مارس 2019 - 10:10 بتوقيت طهران

الحلقة 147

السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته..
تحية مباركة طيبة نحييكم بها في مطلع حلقة اليوم من هذا البرنامج العقائدي.
نتابع فيها البحث في النصوص الشريفة عن تفصيلات الإجابة عن سؤال عرضناه قبل ثلاث حلقات هو: ما هي واجبات الأمة تجاه أئمة العترة المحمدية الإثني عشر؟
وقد إستهدينا بالقرآن والسنة لمعرفة ثلاثة من هذه الواجبات هي الطاعة المطلقة المشتملة على الإقتداء بسيرتهم المعصومة في جميع شؤون الحياة.
والواجب الثاني الرجوع إليهم لمعرفة حكم القرآن وحكم الله عزوجل في كل واقعة وعند كل إختلاف.
والواجب الثالث مودتهم القلبية وما تشتمل عليه من نصرتهم في السلوك العملي.
فما هو الواجب الرابع؟
ننطلق معاً للبحث عن الإجابة في النصوص الشريفة فكونوا معنا مشكورين.
أيها الأطائب، روى الفريقان في صحاح الأحاديث النبوية أن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – صرح بأن الصلاة عليه المأمور بها في القرآن الكريم لا تكتمل إلا بقرن آله به فهي بدون الصلاة عليهم صلاة بتراء لا يحبها الله ورسوله – صلى الله عليه وآله - ، ومن هذا نعرف أن الواجب الرابع تجاه أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – هو الصلاة عليهم مع الصلاة على سيدهم المصطفى صلى الله عليه وآله.
ويتم ذلك بما ثبت في كثير من النصوص الشريفة وما حققه العلماء من أن آل محمد – صلى الله عليه وآله – هم المطهرون من أهل بيته المعصومين جميعاً أهل الكساء والتسعة من ذرية الحسين عليه وعليهم الصلاة والسلام.
وقد روي في كثير من الروايات الشريفة التي سجلتها كتب الحديث المعتبرة عند الفريقين بأنه لما نزلت آية الأمر الإلهي بالصلاة على النبي – صلى الله عليه وآله – سئل عن كيفية الصلاة عليه فأخبر بالصيغة التي تضم آله المطهرين إليه؛ نكتفي منها بما رواه البخاري في الجزء السادس من صحيحه عن كعب بن عجرة قال:
"قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
وروى المضمون نفسه عن أبي سعيد الخدري، كما روى أحمد بن حنبل في مسنده قوله – صلى الله عليه وآله – ضمن حديث الكساء "اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه وعليهم".
وفي ذلك تحديد آخر لمصداق (الآل) بالمطهرين أهل آية التطهير وليس عموم أرحام النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
ويتأكد هذا الواجب – مستمعينا الأفاضل – عندما نلاحظ كثرة الأحاديث الشريفة التي نهت عن الصلاة البتراء وقد رواها كثير من علماء أهل السنة، وقد أورد بعض نماذجه إبن حجر في صواعقه منها قوله – صلى الله عليه وآله -:
"لا تصلوا علي الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد".
وقال إبن حجر أيضاً: "وأخرج الدارقني والبيهقي حديث: من صلى صلاة ولم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه".
ثم قال إبن حجر: وكأن هذا الحديث هو مستند قول الشافعي رضي الله عنه، إن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة كالصلاة عليه – صلى الله عليه وآله -"
وقال إمام مفسري أهل السنة الفخر الرازي في الجزء ۲۷ من تفسيره الكبير "إن الدعاء للآل منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وفي قوله [صلى الله عليه وآله]: اللهم صل على محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد، وهذا التعظيم لم يوجد في غير الآل، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب".
وقال الفخر الرازي أيضاً فيما نقله عنه عدة من علماء أهل السنة كما في نور الأبصار وشرح إحقاق الحق في المجلدين الثامن عشر والثالث والثلاثين عنه قال:
"إن أهل بيته ، يعني النبي صلى الله عليه وآله، ساووه في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم في التشهد وفي السلام والطهارة وفي تحريم الصدقة وفي المحبة".
والمستفاد من النصوص الشريفة إطلاق الأمر بالصلاة على أهل بيت الرحمة المحمدية كلما ذكر سيدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – لنهيه عن الصلاة البتراء مطلقاً ووجوبه في تشهد الصلاة باعتبار توقيفية أذكار الصلاة بمعنى وجوب الإتيان بها كما وردت بالصلاة عليه وعلى آله معاً.
وقد وردت من طرق الفريقين كثير من الأحاديث الشريفة في بيان عظمة بركات الصلاة على محمد وآله – صلوات الله عليهم أجمعين – فهي مفتاح إستجابة الدعاء ووسيلة مغفرة الذنوب وسلم التقرب من الله والفوز بمحبته تبارك وتعالى وغير ذلك من عظيم البركات.
ومن أبلغ نصوص الصلوات عليهم هي الصلوات المروية في عدة من كتبنا المعتبرة مثل مصباح المتهجد للشيخ الطوسي وجمال الإسبوع للسيد إبن طاووس مسندة عن الإمام الزكي الحسن العسكري – عليه السلام – حيث أملاها على أبي محمد عبدالله بن محمد العابد – رضوان الله عليه – وهي في ثلاثة عشر فصلاً، لكل من المعصومين فصل باستثناء الحسنين حيث يشتركان في فصل واحد.
وقد نقل هذه الصلوات البليغة الشيخ الزاهد في أواخر كتابه مفاتيح الجنان تحت عنوان (الصلوات على الحجج الطاهرين)، ويطلق عليها أهل المعرفة عنوان الصلوات الكبيرة وقد ذكروا لها عظيم الأثر في ترسيخ محبة النبي وآله – صلوات الله عليهم أجمعين – في القلوب فضلاً عن ثوابها العظيم.
وبهذا نصل أيها الأكارم إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
شكراً لكم على كرم المتابعة ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة