سلام من الله عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته...
لكم منا أطيب تحية نهديها لكم شاكرين لكم جميل الصحبة في لقاءات برنامجكم العقائدي هذا.
سؤالنا في هذه الحلقة هو: ما هي واجبات الأمة تجاه أئمة أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين؟
تابعونا مشكورين لنبحث معاً عن إجابة هذا السؤال في نصوص مناري الهداية والصلاح والنجاة والفلاح.
أيها الأفاضل، عندما نرجع إلى كتاب الله العزيز نجد أنه وفي كثير من آياته المتحدثة عن واجبات الأمة تجاه النبي المبعوث رحمة للعالمين – صلى الله عليه وآله – تقرن أئمة أهل البيت – عليهم السلام – به - صلى الله عليه وآله -.
ومنها نعرف أن معظم ما تذكره من واجبات تجاه حبيبنا المصطفى – صلى الله عليه وآله – تجري على أئمة أهل بيته المطهرين.
وقد لاحظنا تفصيلات ذلك في الحلقات الخاصة بواجبات الأمة تجاه سيد الرسل أو حقوقه – صلى الله عليه وآله – على الأمة لذا نشير هنا إلى هذه الواجبات المشتركة باختصار وبإضافات تتناسب مع موضوع الإمامة.
فنبدأ أولاً بواجب الطاعة المذكور في الآية التاسعة والخمسين من سورة النساء حيث يقول الله أصدق القائلين:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".
وقد تناولنا في الحلقات الخاصة بأدلة إمامة أهل البيت في القرآن، البراهين العقلية والنقلية الدالة على إنحصار مصداق (أولي الأمر) في الآية بالأئمة الإثني عشر من العترة المحمدية – عليهم السلام – لذا نكتفي هنا بالإشارة إلى بعض النقاط المرتبطة ببيان حدود واجب طاعتهم – عليهم السلام – فابقوا معنا مشكورين.
النقطة الأولى هي أن الأمر بطاعة أئمة أهل البيت – عليهم السلام – مطلق غير مقيد بأي قيد كما هو واضح في نص الآية الكريمة وقد أمر بذلك كثير من مفسري الجمهور كالفخر الرازي في تفسيره الكبير.
وهذا يعني أن طاعتهم – عليهم السلام – هي بحدود طاعة الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – وليست بحدود طاعة الوالدين مثلاً المقيدة بجريان طاعتهما فيما ليس فيه معصية لله عزوجل، وليست بحدود طاعة أي شخص غير معصوم ليست ثمة ضمانة أن تكون بعض أوامره ناتجة من الإشتباه أو الخطأ في تشخيص المصداق فضلاً عن أن تكون أوامر ناشئة من الهوى أو الذوق الشخصي.
واختصاص أئمة أهل البيت – عليهم السلام – بوجوب طاعتهم على نحو الإطلاق ينطلق من عصمتهم المطلقة التي هي من سنخ عصمة سيدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – وهذا ما دلت عليه آية الطاعة نفسها بإطلاقها وآيات أخرى كآية التطهير وآية الصادقين وغيرهما.
كما دلت على ذلك كثير من الأحاديث النبوية المروية من طرق الفريقين مثل حديث الثقلين نفسه فقد وردت في بعض نصوصها التي نقلها إبن حجر في الصواعق عن رواية الطبراني قوله – صلى الله عليه وآله -: "فلا تقدموهما – أي القرآن والعترة – فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم – أي العترة – فإنهم أعلم منكم".
يضاف إلى ذلك كثير من الأحاديث النبوية التي تتميز بالإطلاق نفسه نظير حديث سفينة النجاة فمثلاً روي في مستدرك الحاكم على مسلم والبخاري مسنداً عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال:
"ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق".
فأي تخلف عن أي أمر من أوامرهم يعني الغرق في ضلالات إبليس وهذا ما يصرح به حديث نبوي آخر رواه الحاكم في مستدركه وغيره من حفاظ الجمهور عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال:
"النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الإختلاف فإن خالفتهم قبيلة من العرب إختلفوا فصاروا حزب الشيطان".
مستمعينا الأفاضل، النقطة الثانية المرتبطة بواجب طاعة أئمة العترة المحمدية عليهم السلام هي أن هذه الطاعة لا تقتصر على إتباع أوامرهم القولية بل تشمل الإقتداء بهم في عموم سلوكياتهم والتأسي بهم في جميع أحوالهم، كما يشير لذلك مثلاً أعلم الصحابة بنص حديث مدينة العلم وغيره الإمام أميرالمؤمنين – عليهم السلام – في المروي عنه كما في نهج البلاغة أنه قال:
"أنظروا أهل بيت نبيكم، فألزموا سمتهم واتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فألبدوا، وإن نهضوا فأنهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا".
وقال – عليهم السلام – أيضاً عنهم "هم موضع سره وملجأ أمره وعيبة علمه وموئل حكمه وكهوف كتبه وجبال دينه، بهم أقام إنحناء ظهره وأذهب إرتعاد فرائصه.. لا يقاس بآل محمد – صلى الله عليه وآله – من هذه الأمة أحد... هم أساس الدين وعماد اليقين إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي ولهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة" يعني الوراثة لرسول الله صلى الله عليه وآله.
إذن فأول واجبات الأمة تجاه أئمة أهل البيت النبوي هو واجب الطاعة المطلقة والإتباع الكامل واقتفاء آثارهم وسيرتهم في جميع شؤون الحياة وبذلك يتحقق الفلاح والصلاح والنجاة.
وفقنا الله وإياكم لذلك أيها الأطائب وشكراً لكم على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.