البث المباشر

لماذا حصر النبي (ص) النجاة بالتمسك بالقرآن والعترة (القرآن والبيان المعصوم) - ٦

الإثنين 11 مارس 2019 - 09:51 بتوقيت طهران

الحلقة 138

 

سلام من الله عليكم أيها الأطائب ورحمة منه وبركات..
تحية الأمن والإيمان نحييكم بها أيها الإخوة والأخوات ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا.
نستكمل فيها الحديث عن الإجابة التي تقدمها لنا الآيات (۷٥-۸۰) من سورة الواقعة على سؤال محوري في أصل الإمامة هو:
لماذا حصر النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – طريق النجاة في الضلالة بكل مراتبها بالتمسك بالقرآن وأهل البيت معاً كما ورد في حديث الثقلين المتواتر وقد حصلنا من كتاب الله العزيز على إجابات شافية تبين أن حديث الثقلين إنما هو بيان محمدي لمضمون آيات عدة كالآيات الثالثة والرابعة والأربعين من سورة النحل والآية السابعة من سورة آل عمران وكذلك الآيات المتقدمة من سورة الواقعة.
وهي التي نتابع في هذا اللقاء التدبر فيها فتابعونا على بركة الله.
أيها الأفاضل، عرفنا في الحلقة السابقة أن هذه الآيات الكريمة والآية الرابعة من سورة الزخرف وغيرها تصرح بأن في القرآن الكريم مرتبة من المعارف والحقائق هي مرتبة (الكتاب المكنون) أو اللوح المحفوظ أو الصحف المطهرة، وهذه المرتبة هي أعلى مراتب الكتاب الإلهي العزيز وأعز حقائقه كما يشير لذلك قول أصدق القائلين في الآية الرابعة من سورة الزخرف: "وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ".
وتصرح الآيات المتقدمة بأن الفوز بهذه الحقائق المكنونة منحصر بطائفة معينة من العباد هم (المطهرون) أي الذين طهرهم الله عزوجل إذ أن التعبير في قوله تعالى (لا يمسه إلا المطهرون) جاء بصيغة إسم المفعول.
وعندما نرجع إلى القرآن الكريم نفسه نجد أن الله عزوجل يصرح بهوية هؤلاء في آية التطهير الشهيرة التي ثبت من طرق الفريقين أنها نزلت بشأن فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها صلوات الله عليهم أجمعين، كما نص على ذلك حديث الكساء المتواتر في مضمونه.
وهذا يعني أن علم القرآن كله منحصر وجوده في أهل بيت النبوة – عليهم السلام – ولذلك حصر الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – النجاة من الضلالة بجميع مراتبها بالتمسك بالقرآن وأهل البيت – عليهم السلام – معاً.
لأن الإعراض عن التمسك بأهل البيت وعدم أخذ القرآن منهم – عليهم السلام – يعني الحرمان من قسم مهم من الحقائق القرآنية وهي أعز ما في كتاب الله العزيز ولا يناله ولا يمسه غيرهم لأنهم هم المطهرون بشهادة آية التطهير.
وما تقدم أكدته عديد من النصوص الشريفة إضافة إلى البيان القرآني الصريح نفسه نقرأ لكم بعضها بعد قليل فابقوا معنا.
نقل السيوطي من علماء الجمهور في كتاب (الدر المنثور) مسنداً عن ابن عباس عن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – أنه قال في قوله عزوجل (إنه لقرآن كريم) قال (عند الله في صحف مطهرة) (لا يمسه إلا المطهرون) قال (المقربون).
وهذه هي الرواية الوحيدة التي وجدناها في كتب أهل السنة مصداق (المطهرون) في الآية إستناداً إلى البيان النبوي المعصوم، وبقية الآراء منقولة عن المفسرين.
وواضح أن معنى (المقربين) هي أهل القرب من الله عزوجل، والقرب منه تبارك وتعالى ثمرة الطهارة من أشكال الشرك والنفاق، وهذا ما تجلى في سيرة أهل البيت – عليهم السلام – وهم وحدهم الذين شهد الله بذلك في كتابه المجيد كما دلت على ذلك آية التطهير المباركة، كما شهد النبي الأكرم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، بطهارة سائر أئمة عترته في كثير من الأحاديث الشريفة نظير قوله – صلى الله عليه وآله - : "يا علي أنت الإمام والخليفة بعدي حربك حربي وسلمك سلمي وأنت أبو سبطي وزوج إبنتي ومن ذريتك الأئمة المطهرون".
وروي في كتاب (سليم بن قيس) مسنداً عن الإمام علي – عليه السلام – أنه قال ضمن حديث طويل عن القرآن (إن الله يقول [لا يمسه إلا المطهرون] يعني لا يناله كله إلا المطهرون، إيانا عنى).
ثم استدل – عليه السلام – بالقرآن فقال: "نحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا" وقال [وأورثن الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا] فنحن الذين اصطفانا الله من عباده ونحن صفوة الله ولنا ضربت الأمثال وعلينا نزل الوحي).
وروى الشيخ النعماني في كتاب الغيبة بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "إن الله أجل وأكرم وأرأف بعباده وأرحم من أن يفرض طاعة عبد ثم يكتمه خبر السماء صباحاً ومساءً".
قال الراوي: ثم طلع أبو الحسن موسى [يعني ولده الإمام الكاظم عليه السلام] فقال أبوعبدالله الصادق عليه السلام: (... هذا صاحب كتاب علي، الكتاب المكنون الذي قال الله عزوجل [لا يمسه إلا المطهرون]).
وبذلك أشار الإمام الصادق – عليه السلام – إلى أن ولده موسى – عليه السلام – هو الإمام بعده من خلال الإشارة إلى أهم صفات الإمام وهي كونه من المطهرون العارفين بحقائق الكتاب الإلهي العزيز كلها.
أيها الأطائب في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) ننطلق من آية [بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم] للحصول على إجابتها على سر حصر النجاة من الضلالة بالتمسك بالقرآن والعترة معاً.
ولكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران جزيل الشكر على طيب المتابعة دمتم بألف خير.
 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة