البث المباشر

ما الحاجة إلى وجود إمام معصوم في كل زمان بعده – صلى الله عليه وآله -؟

الأحد 10 مارس 2019 - 14:43 بتوقيت طهران

الحلقة 122

السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته..
طابت أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نتناول فيه أحد الأسئلة المحورية المرتبطة بأصل الإمامة من أصول الدين.
وهو السؤال القائل: إن الشريعة المحمدية هي خاتمة الشرائع وقد بلغها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله للعالمين والقرآن الكريم محفوظ فما الحاجة إلى وجود إمام معصوم في كل زمان بعده – صلى الله عليه وآله -؟
الإجابة عن هذا السؤال وردت في كثير من النصوص الشريفة بينت وجوه هذه الحاجة نذكر هنا وجهاً واحداً منها خلده لنا القرآن الكريم بأبلغ البيان فتابعونا على بركة الله.
نتدبر أولاً أيها الأفاضل، في الآية التاسعة والخمسين من سورة النساء، حيث يقول الله أحكم الحاكمين: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".
وقبل أن نتحدث عن وجه الإستدلال بهذه الآية الكريمة ودلالاتها ندعوكم أيها الإخوة والأخوات إلى ضم الآية الثالثة والثمانين من السورة نفسها المكملة لبيانها حيث يقول الله أصدق القائلين: "وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً".
لقد صنف كثير من العلماء دراسات تحقيقية كثيرة في إثبات دلالة الآية الأولى على لزوم وجود إمام معصوم في كل زمان يكون من (أولي الأمر الإلهي) المعصومين لكي تكون طاعته طاعة لله عزوجل.
ونحن هنا لا نتناول هاتين الآيتين من هذه الزاوية، بل من زاوية أخرى على درجة كبيرة من الأهمية تبين لنا عظيم رحمة الله عزوجل بعباده وتجيب عن السؤال الذي عرضناه في بداية اللقاء فابقوا معنا مشكورين.
أيها الإخوة والأخوات، الزاوية التي نتناول فيها هاتين الآيتين الكريمتين هي زاوية تصريحهما بتلطف الله عزوجل بعباده ورحمته لهم من خلال جعل ولي له معصوم يكون له الأمر الإلهي لكي مرجعاً للناس عند إختلافهم في أمر من شؤونهم وفي الحوادث المستجدة يتولى مهمة الحكم في تنازعهم في أمر وهذا المرجع هو القادر على إستنباط الحكم الإلهي اليقيني في موارد الإختلاف فيكون قوله هو القول الفصل الذي تصفه الآية الأولى بالتأويل الأحسن حيث يقول الله تبارك وتعالى "ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".
كما أن الأخذ بقول هذا المرجع عند الإختلاف هو وسيلة النجاة من إتباع الشيطان الذي يسعى لإثارة التنازع والعداوة والبغضاء بين الناس، وهذا ما تصرح به الآية الثانية أي الآية ۸۳ من سورة النساء في خاتمتها حيث يقول الله عزوجل "وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً".
ولا يخفى عليكم – مستمعينا الأفاضل – أن سعي الشيطان لإثارة العداوة والبغضاء مستمر إلى يوم الوقت المعلوم، كما أن الإختلاف والتنازع بين الناس أمر طبيعي مستمر.
إذن فلابد من وجود مرجع لحل الإختلاف والتنازع بين المسلمين يدرأ عنهم مخاطر إتباع الشيطان.. فمن هو هذا المرجع؟
نرجع مرة أخرى أيها الأطائب إلى هاتين الآيتين المباركتين، فنجد الأولى منهما تصرح بل ويأمر الله عزوجل فيها بالرجوع إلى الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – في كل أمر يتنازع بشأنه الناس وتختلف فيه آراؤهم.
قال تبارك وتعالى: .... "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".
وواضح أن الرجوع إلى الله عزوجل يتحقق بالرجوع إلى كتابه الكريم نبيه الأكرم – صلى الله عليه وآله – وهذا الأمر يتحقق بكل يسر في حياة الرسول – صلى الله عليه وآله – فما هو الحال بعد وفاته؟
هذا ما تجيب عنه الآية الكريمة الثالثة والثمانون من سورة النساء نفسه عندما تضم (أولي الأمر الإلهي) إلى الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله – وتدعو إلى الرجوع إليهم في أي تنازع واختلاف بين الناس من شؤونهم في الأمن والسلم أو الحرب والخوف.
فيكون الرجوع إلى أولي الأمر رجوعاً إلى الله ورسوله، أي إلى القرآن الكريم وهم القادرون على إستنباط أحكامه بعصمة إلهية تحمي إستنباطهم من الخطأ؟
وكذلك يكون الرجوع إلى أولي الأمر رجوعاً إلى السنة المحمدية النقية المحفوظة عندهم نقية من جميع أشكال التحريف اللفظي أو التحريف المفهومي، وبالتالي يكون الرجوع إليهم رجوعاً إلى المرجع الإلهي الذي يضمن النجاة من إتباع الشيطان وخطواته بجميع أشكالها.
إذن نخلص مما تقدم مستمعينا الأفاضل، أن من فضل الله ورحمته بعباده أن جعل لهم مرجعاً ينجيهم من إتباع الشيطان عند الإختلاف إذ يبين لهم حكم الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – في كل واقعة يختلفون فيها وهذا أهم أوجه الحاجة إلى إمام معصوم في كل زمان تهدينا إليه الآيتان الكريمتان التاسعة والخمسون والثالثة والثمانون من سورة النساء.
وقد أشارت الكثير من الأحاديث الشريفة إلى هذه الدلالة المهمة فيهما، ننقل لكم بعض نماذجها بإذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة