البث المباشر

ما هي مصاديق نصرة الأنبياء السابقين لخاتمهم الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله -؟

السبت 9 مارس 2019 - 14:51 بتوقيت طهران

الحلقة 84

السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته.
أزكى تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم بفضل الله عزوجل في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا.
وسؤال هذه الحلقة: ما هي مصاديق نصرة الأنبياء السابقين لخاتمهم الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله -؟
نتلمس الإجابة من إنارات النصوص الشريفة فتابعونا على بركة الله.
أيها الإخوة والأخوات، ذكر الله تبارك وتعالى قضية أمره لأنبيائه السابقين بنصرة خاتمهم الأكرم – صلى الله عليه وآله – في الآية الكريمة الحادية والثمانين من سورة آل عمران...
قال عزوجل: "وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ"
وقد ذكر المفسرون ما جاء في طائفة من الأحاديث الشريفة وفي الآثار أيضاً أن من مصاديق هذه النصرة هو بشارة الأنبياء – عليهم السلام – بالنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – ودعوتهم للأجيال التي ستدرك مبعثه بالإيمان به ونصرته.
وهذا المصداق قد تحدثنا عنه في حلقة سابقة من هذا البرنامج واتضح فيها من النصوص الشريفة أن يمثل رحمة الله عزوجل باتباع الأنبياء السابقين ممن يدركون بعثة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – ففيه هداية لهم إلى الإيمان بسيد الأنبياء ونصرته للفوز ببركاتهما.
وكما هو واضح فإن هذا المصداق هو رحمة إلهية باتباع الديانات النبوية السابقة، فيما تحدثنا النصوص الشريفة عن مصداق آخر لآية الميثاق يعبر عن رحمة إلهية خاصة بالأنبياء السابقين – عليهم السلام – وهذا ما نتناوله بعد قليل فكونوا معنا..
روى العالم الجليل والمحدث الثقة علي بن إبراهيم في كتاب تفسيره مسنداً عن الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – حديثاً مهماً في تفسير آية الميثاق له مؤيدات كثيرة في الأحاديث الشريفة، وفيه يبين لنا مولانا الصادق مفهوم الآية الكريمة من خلال تفسيرها بآيتين آخرتين ترتبطان بها؛ هما آية ثانية في أخذ الميثاق من النبيين واردة في سورة الأحزاب والآية المعروفة بآية أخذ الميثاق من الخلق في عالم الذر؛
فالأولى هي السابعة من سورة الأحزاب وفيها يقول عزوجل؛ "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً"
ونستفيد من هذه الآية الكريمة أن الأمر الإلهي للأنبياء بنصرة خاتمهم المصطفى لا ينحصر بنصرته هو – صلى الله عليه وآله – وحده بل يشتمل غيره لأن هذا الميثاق مأخوذ منه – صلى الله عليه وآله – أيضاً.
أما الآية الثانية فهي المعروفة بآية عالم الذر وهي رقم ۱۷۲ من سورة الأعراف وفيها يقول الله جل جلاله:
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ"
وقد استفاضت الأحاديث الشريفة بأن هذا الميثاق المأخوذ في عالم الذر من جميع الخلق إشتمل على الإيمان بربوبية الله عزوجل ونبوة خاتم الأنبياء وولاية أوصيائه الإثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين.
وبعد هذا التوضيح للآيات المشار إليها في حديث مولانا الصادق – عليه السلام – ننقل لكم نص حديثه بعد قليل، فتابعونا مشكورين.
قال – عليه السلام – "ما بعث الله نبياً من لدن آدم فهلم جرا إلا ويرجع الدنيا وينصر أميرالمؤمنين – عليه السلام – وهو قوله عزوجل (لتؤمنن به) يعني برسول الله، و (لتنصرنه) يعني أميرالمؤنين عليه السلام.
ثم قال لهم في الذر (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري) أي عهدي، قالوا أقررنا، قال الله للملائكة إشهدوا وأنا معكم من الشاهدين"
وهذا يعني أن أخذ الميثاق من الأنبياء أيضاً كان في عالم الذر أيضاً، ثم استدل الإمام الصادق – عليه السلام – بآية سورة الأحزاب المتقدمة على المقصود من النصرة، نصرة أميرالمؤمنين – عليه السلام – فقال:
"وهذه مع الآية التي في سورة الأحزاب في قوله "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح" والآية التي في سورة الأعراف، قوله عزوجل: "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم" قد كتبت هذه الثلاث آيات في ثلاث سور".
وقد روى الشيخ المفيد في كتاب الخصائص عن أبي سعيد الخدري قال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وآله – وسمعته يقول: "يا علي ما بعث الله نبياً إلا ودعاه إلى ولايتك".
أما كيف تتحقق نصرة الأنبياء عملياً لخاتمهم النبي الأكرم ووصيه المرتضى – عليهم السلام جميعاً –؟
فهذا ما يتحقق في عصر ظهور خاتم الأوصياء المحمديين، المهدي الموعود – عجل الله فرجه – وهذا ما يبينه الإمام الصادق – عليه السلام – في الحديث المروي في تفسير علي بن إبراهيم مستدلاً بآية نصر الرسل؛ أجاب – عليه السلام – عن سؤال أحد أصحابه عن قوله عزوجل في الآية ٥۱ من سورة غافر: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" فقال – عليه السلام : "ذلك والله في الرجعة أما علمت أن أنبياءً كثيرون لم ينصروا في الدنيا وقتلوا والأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا في الدنيا؟ ذلك [أي تحقق وعد الله بنصرهم] في الرجعة".
إذن مستمعينا الأكارم، نخلص من النصوص الشريفة المتقدمة أن من مصاديق نصرة الأنبياء السابقين لخاتمهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – تتحقق في الرجعة التي هدتنا إليها كثير من الآيات الكريمة والأحاديث.
أي عبر إحياء الله لهم – عليهم السلام – بعد ظهور مولانا المهدي الموعود – عجل الله فرجه – كما يحدث مع نزول عيسى بن مريم للصلاة خلف المهدي المحمدي كما نصت على ذلك صحاح الأحاديث الشريفة المروي من طرق جميع المذاهب الإسلامية.
وبهذا ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم بألف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة