البث المباشر

من هم (الرسل أولوالعزم؟ ولماذا كل هذا التأكيد عليهم في النصوص الشريفة؟)

السبت 9 مارس 2019 - 12:55 بتوقيت طهران

الحلقة 79

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته
نحييكم بأطيب تحية ونحن نلقيكم بفضل الله في حلقة أخرى من هذا البرنامج فأهلاً بكم 
أيها الأكارم نتناول اليوم سؤالاً عقائدياً أخر يرتبط بالأنبياء والمرسلين هو:
من هم (الرسل أولوالعزم؟ ولماذا كل هذا التأكيد عليهم في النصوص الشريفة؟)
نتلمس معاً الإجابة من مناري الهداية الإلهية القرآن الكريم وكلام أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين.
تابعونا على بركة الله.
لا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أن مصطلح (الرسل أولي العزم) هو مصطلح قرآني وقد إستخدمه القرآن الكريم مرة واحدة هي في الآية ۳٥ من سورة (الأحقاف) حيث قال –تبارك وتعالى:
"فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ"
ويستفاد من هذه الآية الكريمة أن من إبرز خصوصيات هذه الطائفة من الأنبياء هو عظيم صبرهم في إبلاغ رسالات الله عزوجل حتى صاروا إسوة في ذلك للدعاة إلى الدين الالهي الحق.
وهذا المعنى يشهد له أن تعبير (عزم الأمور) جاء في القرآن الكريم فقط فيما يرتبط بالتحلي بخلق الصبر، كقوله عزوجل في الآية ۱۸٦ من سورة آل عمران:
"وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ"
وهذا المعنى مروي في التفاسير الروائية في مدرسة الثقلين، فقد جاء في تفسير علي بن ابراهيم من أعلام محدثي الإمامية في القرن الهجري الثالث قوله: في تفسير آية سورة الأحقاف.
"ومعنى أولوا العزم أنهم سبقوا الأنبياء الى الإقرار بالله وأقروا بكل نبي كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب لهم والأذى".
ويستفاد من النصوص الشريفة أفضلية أولي العزم من الرسل على سائر الأنبياء وأن رسالاتهم شاملة لجميع الأمم، فقد روي في كتاب (كامل الزيارات) عن الإمام السجاد زين العابدين –عليه السلام قال:
(من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي فليزر قبر أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) في النصف من شعبان، فإن أرواح النبيين (عليهم السلام) يستأذنون الله في زيارته فيؤذن لهم منهم خمسة أولو العزم من الرسل.
قال الراوي: قلن: من هم أولوالعزم؟
قال –عليه السلام: نوحٌ وإبراهيم وموسى ومحمد (صلى الله عليهم).
قال الراوي: قلنا له: ما معنى أولو العزم؟
قال –عليه السلام: بعثوا الى شرق الأرض وغربها، جنها وإنسها.
مستمعينا الأفاضل، الأحاديث الشريفة التي تنص على أن أولي العزم هم الرسل الخمسة المذكورون في الحديث المتقدم كثيرة وفي بعضها إشارات الى أنهم أصحاب الشرائع الإلهية الرئيسة، فقد روي في كتاب (عيون أخبار الرضا) عن مولانا ثامن الأوصياء المحمديين –عليه السلام قال:
"إنما سمي أولو العزم أولي العزم، لأنهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع، وذلك أن كل نبي كان بعد نوح –عليه السلام كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه، الى زمن ابراهيم الخليل، وكل نبي كان في أيام ابراهيم وبعده –عليه السلام كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعاً لكتابه، الى زمن موسى، وكل نبي كان في زمن موسى وبعده –عليه السلام كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعاً لكتابه، الى أيام عيسى، وكل نبي كان في أيام عيسى وبعده –عليه السلام كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعاً لكتابه الى زمن نبينا محمد –صلى الله عليه وآله، فهؤلاء الخمسة أولوا العزم وهم أفضل الأنبياء والرسل عليهم السلام وشريعة محمد –صلى الله عليه وآله لا تنسخ الى يوم القيامة ولا نبي بعده الى يوم القيامة."
أيها الأكارم، وثمة علة أخرى لتسمية الرسل الأربعة أصحاب الشرائع الكبرى السابقين لنبينا الأكرم –صلى الله عليه وآله، بأسم (أولي العزم) وهو كونهم سبقوا الأنبياء الى العهد الإلهي بنصرة خاتم الأنبياء وأوصيائه –عليه وعليهم السلام.
وسيأتي مزيد من التوضيح لهذه العلة ضمن الحديث عن الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن موقف الأنبياء –عليهم السلام من الرسالة الخاتمة، ونكتفي هنا بنقل حديث واحدة روي في كتابي علل الشرائع وتفسير علي بن ابراهيم عن جابربن يزيد أنه سأل الإمام الباقر –عليه السلام عن قوله عزوجل " وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً"(سورة طه۱۱٥)
فقال –عليه السلام في الجواب: "عهد اليه في محمد –صلى الله عليه وآله والائمة من بعده فترك ولم يكن له عزمٌ فيهم أنهم هكذا، وإنما سمي أولو العزم أولي العزم لانهم عهد إليهم في محمد –صلى الله عليه وآله والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته فأجمع عزمهم أن ذلك كذلك والاقرار به".
أيها الأخوة والأخوات، إذن نلخص الإجابة الإستفادة من النصوص الشريفة المتقدمه بأن الرسل أولي العزم هم أفضل الأنبياء وعددهم خمسة سمو بذلك لأنهم أصحاب الشرائع الكبرى وتميزوا بالصبر في إبلاغها والمسارعة للقبول بما عهد الله اليهم في مناصرة خاتم الأنبياء والأوصياء من بعده الى خاتمهم المهدي الموعود –صلوات الله عليهم أجمعين.
والى هنا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة