البث المباشر

ما هو حال الأقوام البدائية التي لا زال يوجد نماذج لها في بعض المناطق النائية في أفريقيا وأميركا اللاتينية، هل بعث أنبياء لهذه الأقوام، ومن هم؟

السبت 9 مارس 2019 - 12:54 بتوقيت طهران

الحلقة 77

السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته..
أطيب تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج العقائدي وهذه الحلقة هي من مجموعة الحلقات التي نتناول فيها الأسئلة المرتبطة بالنبوة والأنبياء، على نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
وسؤال حلقة اليوم هو: ما هو حال الأقوام البدائية التي لا زال يوجد نماذج لها في بعض المناطق النائية في أفريقيا وأميركا اللاتينية، هل بعث أنبياء لهذه الأقوام، ومن هم؟
نبحث عن الإجابة العقائدية لهذا السؤال من نصوص ثقلي الهداية فتابعونا على بركة الله.
أيها الأكارم، نجد في القرآن الكريم عدة آيات تصرح بأن الله عزوجل لم يترك أي أمة دون أن يبعث لها نذيراً يعرفها ما فيه نجاتها، قال تبارك وتعالى في الآيات (۲٤ إلى ۲٦) من سورة فاطر؛
"إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ{۲٤} وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ{۲٥} ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ{۲٦}"
وعندما نرجع – مستمعينا الأفاضل – إلى الثقل الثاني نجد الأحاديث الشريفة تبين لنا مغزى هذه الآيات الكريمة ونظائرها فتشير إلى أن بوجود نذير في كل أمة تتم عليها الحجة الإلهية البالغة في وجوب إتباع الحق، فمثلاً روى الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب (علل الشرائع) أن رجلاً سأل الإمام الصادق – عليه السلام -: لأي شيء بعص الله الأنبياء والرسل إلى الناس؟
فأجاب – عليه السلام – قائلاً: "لئلا يكون للناس على الله حجة من بعد الرسل؛ ولئلا يقولوا: ما جاءنا بشير ولا نذير، ولتكون حجة الله عليهم، ألا تسمع الله عزوجل يقول حكاية عن خزنة جهنم وإحتجاجهم على أهل النار بالأنبياء والرسل "ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير".
إذن، يتضح أن من لطف الله بعباده إرسال مبشرين ومنذرين إلى كل الأقوام والأمم، وغاية الأمر أن بعضهم معروف وبعض غير معروف يختص بالأمة والقوم الذين بعث إليهم، كما يشير لذلك قوله عزوجل في الآيات ۱٦۳ إلى ۱٦٥ من سورة النساء.. قال تبارك وتعالى؛
"إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً{۱٦۳} وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً{۱٦٤} رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً{۱٦٥}"
وتبين لنا أحاديث أهل بيت النبوة الخاتمة – عليهم السلام – أن بعض الأنبياء قد يكونوا مستخفين غير معروفين لغير أقوامهم ولكنهم يقومون بمهامهم النبوية بما يناسب إدراك أقوامهم، فقد روي في تفسير العياشي رضوان الله عليه، بسنده عن مولانا الإمام محمد الباقر – عليه السلام – قال: "كان ما بين نوح [وإبراهيم] من الأتقياء مستخفين، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن، فلم يسموا كما سمي من إستعلن من الأنبياء وهو قول الله عزوجل "ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما" يعني لم أسم إسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياء".
أعزاءنا، وفي الأحاديث الشريفة تصريحات بكثرة عدد الأنبياء وأوصيائهم، الأمر الذي يؤكد الجواب المتقدم المستفاد من الآيات الكريمة، فمثلاً روى المحدث الثقة الشيخ الصفار في كتاب بصائر الدرجات بسنده عن الإمام الباقر – عليه السلام – قال:
"قال رسول الله – صلى الله عليه وآله – : إن أول وصي كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم، وما من نبي مضى إلا وله وصي".
ثم قال الباقر – عليه السلام -: "كان عدد جميع الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي، خمسة منهم أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله، وإن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد، ورث علم الأوصياء وعلم من كان قبله، أما إن محمداً – صلى الله عليه وآله – ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين".
وروى الشيخ الصدوق في كتابي الخصال والأمالي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال "خلق الله عزوجل مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي، أنا أكرمهم على الله ولا فخر، وخلق الله عزوجل مائة ألف وصي وأربعة وعشرين ألف وصي فعلي أكرمهم على الله وأفضلهم".
إذن، مستمعينا الأفاضل، يتضح أن الله عزوجل لم يترك قوماً من الأقوام البدائية من خلقه أو المتحضرة، إلا وبعث فيهم نذيراً من أنبيائه وأوصيائهم يهدونهم إلى طريق الحياة الكريمة، متماً بذلك الحجة عليهم جميعاً.
وبهذه النتيجة ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة