سلام من الله عليكم إخوة الإيمان ورحمة منه وبركات.
أطيب تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
سؤالنا فيها هو: هل عرّفنا ثقلا الهداية بعلامات ضعف الإيمان بالله ويوم الآخر؟
سؤال مهم تعيننا معرفة الإجابة عنه على إجتناب ما فيه إضعاف الإيمان الصادق بالله والمعاد.
فلنبحث إذن معاً عن الإجابة متوكلين على الله جلت قدرته، كونوا معنا.
نبدأ أيها الأكارم بكتاب الله العزيز وكلمته الفصل، فنقرأ في الآية الأخيرة من سورة المجادلة ما يعرفنا بمفتاح الإجابة عن السؤال المتقدم.
قال عزمن قائل: "لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
وإلى جانب هذه الآية الكريمة والجامعة لنتدبر معاً في الآيات ۱۸ – ۲۰ من سورة التوبة وقد نزلت تقارن بين صفات ضعاف الإيمان وأقوياء الإيمان وعلامات كل منهم.
قال تبارك وتعالى؛ "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ{۱۸} أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{۱۹} الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{۲۰}"
والآن نتساءل: ما هي الحقائق التي نستفيدها من هذه الآيات الكريمة في الإجابة عن سؤال هذه الحلقة؟
وقفة تأمل قصيرة نتابع بعدها البحث، فكونوا معنا مشكورين.
أيها الأفاضل، الذي نستفيده من آية سورة المجادلة أن من علامة ضعف الإيمان بالله واليوم الآخر مواداة ومحبة من حاد الله وعاداه، مهما كان قريباً للإنسان المؤمن.
وتأتي الأحاديث الشريفة لتبين لنا نماذج كأمثلة نستعين بها لمعرفة مصاديق (من حاد الله) ففي حديث طويل رواه العلامة الطبرسي رحمه الله في كتاب (الإحتجاج) عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال في جانب منه: "ألا إن أعداء علي هم أهل الشقاق والنفاق والحادون وهم العادون وإخوان الشياطين الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ألا إن أولياءهم الذين ذكرهم الله في كتابه.. فقال "لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ "(سورة المجادلة ۲۲)".
ويعرفنا مولانا الإمام الصادق – عليه السلام – بمصداق آخر لضعف الإيمان بالله واليوم الآخر المشار إليه في الآية الكريمة، هو تصديق أصحاب الآراء الفاسدة كالغلو في مقابل النصب الذي يشير إليه الحديث النبوي المتقدم.
روى الشيخ الصدوق رحمه الله في كتاب الخصال مسنداً عن مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – قال: "أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يجلس إلى غال فيستمع إلى حديثه ويصدقه على قوله".
أيها الإخوة والأخوات، أما الآن فنذهب إلى آيات سورة البراءة أو التوبة، التي تلوناها آنفاً، فنلاحظ أنها تشير بوضوح أن من علامات ضعف الإيمان بالله واليوم الآخر، التفاخر بالمظاهر حتى الدينية والغفلة عن جوهرها، حتى لو كانت أفعال من قبيل سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، في مقابل من ظهرت فيه علامة صدق الإيمان بالله واليوم الآخر بإقامته الصلاة وإعماره الحقيقي لمساجد الله وجهاده في سبيله وعدم خشيته إلا منه جل جلاله.
وهذه الحقيقة يزيدها وضوحاً ما روي في سبب نزول هذه الآيات الكريمة، والمستفاد من الروايات أنها نزلت مرتين، الأولى ما أشار إليها العلامة الطبرسي في تفسير مجمع البيان أنه: قيل أن علياً – عليه السلام – قال: يا عم ألا تهاجر، ألا تلحق برسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال العباس: ألست في أفضل من الهجرة، أعمر المسجد الحرام وأسقي حاج بيت الله؟ فنزلت هذه الآية لترد عذره.
والمرة الثانية هي التي يتحدث عنها أميرالمؤمنين الإمام علي – عليه السلام – في الحديث المروي عنه في تفسير العياشي رحمه الله أنه قال:
"كنت أنا والعباس وعثمان بن أبي شيبة في المسجد الحرام، فقال عثمان: أعطاني رسول الله الخزانة يعني مفاتيح الكعبة، وقال العباس: أعطاني رسول الله السقاية وهي زمزم ولم يعطك شيئاً يا علي.. فأنزل الله "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ""(سورة التوبة۱۹)
ونتيجة البحث هي، مستمعينا الأفاضل أن علامة ضعف الإيمان بالله واليوم الآخر هي عدم البراءة من أعداء الله ومن حاده؛ هذا أولاً وثانياً التفاخر بالمظاهر حتى الدينية وعدم الإهتمام بجوهر الإيمان الصادق.
جعلنا الله وإياكم من المتحلين بعلامات صدق الإيمان ببركة التمسك بولاية أمناء الرحمان محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين؛ اللهم آمين.. إنتهى لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.