-السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته
-أهلاً بكم ومرحباً في لقاء اليوم من هذا البرنامج
-سؤالنا فيه هو: كيف يكون التحلي بالصبر استعانة بالله عزوجل وهو جهدٌ ذاتي من الإنسان؟
-نتلمس الإجابة عن هذا السؤال من نصوص القرآن الكريم والعترة المحمدية فكونوا معنا:
-أيها الأكارم أمرنا الله تبارك وتعالى بالإستعانة بالصبر في عدة من الآيات الكريمة؛ منها قوله عزوجل في الآية ۱٥۳ من سورة البقرة:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"
-وكما تلاحظون فإن الآية الكريمة تصرح بأن الله مع الصابرين، وهذا يعني أن تحلي المؤمن بالصبر وسيلة للفوز بمعية الله له، أي نصرته عزوجل لعباده وإعانته له.
-وهذا يعني بالتالي أيها الأطائب، أن الأستعانة بالصبر هي في حقيقتها وفي مرجعها استعانة بالله عزوجل، فهو أولاً من أعطى الإنسان نعمة الصبر، فإذا استعان به يكون قد استعان بالله في الواقع.
-كما أنه إذا استعان بهذه النعمة الإلهية يحظى بمعونة إضافية من الله عزوجل توصله الى غايته وثمار صبره لأن الله عزوجل مع الصابرين.
-قال مولانا الصادق –عليه السلام- في كتاب مصباح الشريعة ضمن كلام طويل عن الصبر:
-(ومن استقبل البلاء بالرحب وصبر على سكينة ووقار فهو من الخاص {يعني خواص المؤمنين} ونصيبه ما قال الله عزوجل: "إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".
-وروى العلامة الجليل محمد بن مسعود العياشي في تفسيره عن مولانا الإمام محمد الباقر –عليه السلام-، حديثاً يهدينا الى أن الإستعانة بالصبر هي تكليف إلهي يجسد حقيقة العبودية لله عزوجل والتمسك بولاية أوليائه عليهم السلام
-قال عليه السلام لأحد أصحابه: "يا فضيل بلغ من لقيت من موالينا عنا السلام وقل لهم: إني أقول لهم: إني لا أغني عنكم من الله شيئاً الا بورع، فاحفظوا ألسنتكم وكفوا أيديكم وعليكم بالصبر والصلاة "إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"".
-ونجد أيها الأخوات والأخوة في القرآن الكريم تصريحاً بأن الإستعانة بالله عبر التحلي بالصبر تستتبع النصرة الإلهية للصابرين كما جرى مع بني إسرائيل، حيث أنجاهم من طغيان الأرض وأورثهم الأرض.
-قال تبارك وتعالى في الآية ۱۲۸ من سورة الأعراف "قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ".
-ومن خطبة لمولانا الإمام أمير المؤمنين –عليه السلام- تحذيرٌ من عواقب ترك الإستعانة بالله عبر وسيلة الصبر وبشارة للمتحلين به فقد جاء في كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة أنه –عليه السلام- ذم من لا يتحلى بالصبر ويفر من الزحف ثم قال:
-(من يفعل هذا يمقته الله فلا تعرّضوا لمقت الله فإنما مردكم الى الله، قال الله لقوم "قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً"(سورة الاحزاب ۱٦)
-ثم قال –عليه السلام- حالفاً: "وأيم الله، لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة، استعينوا بالصدق والصبر فإنه بعد الصبر ينزل النصر".
-وجاء في كتاب التفسير الصافي للفيض الكاشاني رضوان الله عليه في تفسير الآية ۱٥۳ من سورة البقرة ملخصاً مضمون ما روي عن المعصومين –عليهم السلام-، بقوله:
-"يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر عن المعاصي وحظوظ النفس، والصلاة التي هي أم العبادات ومعراج المؤمنين ومناجاة رب العالمين إن الله مع الصابرين بالنصر وإجابة الدعوة".
-إذن يتضح مستمعينا الأفاضل من النصوص الشريفة المتقدمة وغيرها أن الإستعانة بالصبر والصلاة وسائر ما أمر الله عزوجل بالإستعانة به كالتوسل بأهل بيت الرحمة المحمدية هي في واقعها إستعانة بالله تبارك وتعالى.
-ولذلك فإنها تستتبع من الله جل جلاله النصر والتأييد والمعونة التي توصل المستعين بها الى غاية مناه بل وفوق ما يأمل.
-وهذا الحكم نفسه يجري في التوكل على الله سبحانه وتفويض الأمر إليه ورجاء رحمته ونظائر ذلك، فكلها تعتبر من مصاديق الإستعانة بالله عزوجل
-وبالتالي يكون من يتحلى بهذه الفضائل مستجيباً لأمر الله عزوجل في توحيده في طلب العون منه.
-وبهذا ننهي أيها الأحبة لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين)
-إستمتعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران
-تقبل الله منكم جميل المتابعة وحسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.